ذكرت الغارديان في تقريرٍ نشرته اليوم الإثنين، وقام المركز الصحفي السوري بترجمته، جاء فيه: عندما بدأت روسيا ضرباتها الجوية لدعم نظام الأسد، كانت تعول على القوات البرية السورية لإنهاء ما بدأت طائراتها الحربية،لكن وبعد مرور أكثر من 12 أسبوعاً، فشل الجيش السوري والعديد من الميليشيات الشيعية المساندة له في تحقيق مكاسب هامة على الأرض، ومن جهة أخرى، فقد زادت الطائرات الروسية الطين بلة، عندما رفعت من نسبة وقوع المجازر في حق السوريين، وقتلت مايزيد عن 600 شخص، منهم 70 شخصاً قتلوا في مدينة إدلب لوحدها يوم الأحد الماضي.
تزامنت هذه الأحداث على الأرض، مع اعترافات أمريكية بوجود خلافات رئيسية مع روسيا حول كيفية إنهاء الحرب السورية، ووقف الصراع الذي أودى ما يزيد عن 250 أف شخص، وحوّل سوريا إلى دمار.
أما على الأرض، وخصوصاً في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، يمكن القول أنه لايوجد هناك ثقة كبيرة بنجاح العملية السياسية، وتساءل طبيب يعمل في مشفى مدينة إدلب وهو يعالج ضحايا الغارات الجوية الروسية:” أين هؤلاء الروس الذين وصفهم وزير الخارجية الأمريكي بأنهم أصبحوا يروا النور؟”وأضاف قائلاً: “لم يسبق لطائرات بشار الأسد أن قصفتنا كما يفعل الروس اليوم، ولم يطاردنا تنظيم الدولة أبداً كما يفعل هؤلاء”.
يوماً بعد يوم، تصبح الغارات الجوية أكثف من ذي قبل، ومع ذلك لاتزال القوات البرية السورية عاجزةً عن استخدام هذا الدعم الجوي لصالحها، وخصوصاً بعد توافر الصواريخ المضادة للدروع بين يدي قوات المعارضة المسلحة في كلٍ من محافظتي حماة واللاذقية، الأمر الذي أثقل كاهل النظام، ودفعه إلى اللجوء إلى التجنيد الإجباري للذكور في المناطق التي يسيطر عليها، في محاولة منه لتعزيز القوى الوطنية.
وذكر أحد سكان مدينة دمشق أن قوات الأسد قامت قبل شهرين بحملة اعتقالات تهدف إلى تجنيد عشرات الآلاف من الرجال بصفة احتياط في صفوف الجيش السوري، وقال: “إن هدف الحملة هم الأفراد الذين أنهوا خدمتهم العسكرية الإلزامية، لأنهم يريدون الناس الذين لديهم بعض الخبرة”.
ويقول مسؤولون عسكريون ودبلوماسيون، “منذ إعلان روسيا عن بدء ضرباتها الجوية في سوريا لتحريرها من الإرهاب في ال30 من شهر سبتمبر الماضي، ركزت روسيا في ضرباتها على استهداف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المعتدلة، بعيداً عن مناطق سيطرة تنظيم الدولة”.
تتابع الغارديان تقريرها الذي ترجمه المركز الصحفي، مع تقرير نشرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان، والتي تتولى مهمة جمع الإحصائيات وتسجيل الحوادث في جميع أنحاء سوريا، وذكرت الشبكة أنه تم استهداف العديد من المساجد والمخابز والمباني السكنية والمدارس ومحطات توليد الكهرباء ومحطات المياه من قبل الطيران الروسي، ونتج عن ذلك مقتل 570 مدنياً، من بينهم 152طفلاً.
وذكر عاملون في هيئة الدفاع المدني في مدينة إدلب، التي تسيطر عليها قوات المعارضة ومن بينهم جبهة النصرة، أن الطيران الروسي قام يوم الأحد الماضي باستهداف مركز المدينة بستة غارات جوية أسفرت عن مقتل 70 شخصاً على الأقل، وجرح أكثر من مئة آخرين، تضيف الشبكة في تقريرها أنه تم توثيق 13 غارة استهدفت عدة مراكز طبية منذ بداية شهر تشرين الثاني. بالإضافة إلى استهداف المراكز الحدودية مع تركيا.
ومن جهته يقول عيسى خالد، وهو واحد من بين 300 ألف شخص ما يزالون في الغوطة الشرقية بريف دمشق :” لم يسبق أن تعرضنا لمثل هكذا قصف، وأحد المشاهد التي ما تزال عالقة في ذهنه،هو الهجمات الكيماوية في شهر آب2013 حيث ذكر قائلاً: “كانت هناك غيوم في كل مكان، وشكلها يشبه الفطر، وبدت السماء فوقنا تشبه سماء هيروشيما عند حدوث الانفجار، وكان الدمار شيئ لا يصدق.”
يضيف حارث عبد الباقي (34 عاماً) وهو قائد عسكري في شمال سوريا : “بعد قناعتهم التامة بعدم فعالية قوات الأسد على الأرض، لجأ الروس إلى استخدام الأكراد في حربهم للقضاء على الثورة السورية، وذلك بعد أن شعروا بصعوبة موقفهم في المستنقع السوري، ورغبةً منهم في قطع خطوط الإمداد مع تركيا، بالإضافة إلى استخدام ورقة الأكراد ضدها”.
وذكر العديد من قادة المعارضة في
الشمال السوري، أن الميليشيات الشيعية استطاعت أن تحقق الكثير من التقدم في بداية حملتهم على جنوبي حلب، لكنهم الآن متوقفون وعاجزون تماماً عن التقدم، على الرغم من التفوق الكبير بينهم وبين فصائل المعارضة من حيث العدة والعتاد، وتضيف نفس المصادر، أن “هذه القوات قادمة من أفغانستان، ويقودها كبار الضباط الإيرانيين ومن حزب الله اللبناني”.
وتختم الغارديان تقريرها الذي ترجمه المركز الصحفي السوري، مع قول القائد عبد الباقي، حيث قال:”المشكلة في هذه القوات أنهم ليسوا أصحاب قضية، وليست لديهم الرغبة في القتال، وقد كان هناك 17 ضابطاً من كبار الضباط الإيرانيين قتلوا وهم يحاولون فرض النظام والانضباط، بما في ذلك العديد من الجنرالات،” ويختم قائلاً : لا أتوقع أن نشهد الأستقرار في الشمال السوري قريباً، كون الأمور لاتسير على ما يرام بالنسبة لهذه القوات الأجنبية.”
محمد عنان – المركز الصحفي السوري
الغارديان