وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية “وو تشيان” إن على الهند اتخاذ خطوات عملية لتصحيح ما وصفه بالخطأ والكف عما سماها استفزازات، والعمل مع الصين لاستقرار وأمن المنطقة. وحذر المسؤول الصيني من الاستهانة بقدرات جيش بلاده، مؤكدا أن قدرته على الدفاع عن سيادة البلاد تتعزز باستمرار.
وتأتي هذه التصريحات في أعقاب توتر حدودي بين البلدين عند وادي “تشومبي” الذي تسيطر عليه الصين، والواقع في المثلث الحدودي بين الهند والصين وبوتان. وكانت القوات الهندية، بحسب الرواية الصينية، قد عبرت الحدود الصينية إلى هضبة “دوكلام” في حزيران/يونيو الماضي، وعطلت أعمال إنشاء طريق في المنطقة.
ويتمحور الخلاف الرئيسي بين الصين والهند بشأن ترسيم حدودهما الممتدة على مساحة أربعة آلاف كيلومتر، ويعتبر مصير ولاية أروناتشال براديش الهندية أخطر نقاط المواجهة. فقد ضُمت المنطقة إلى الأراضي الهندية خلال حقبة الاستعمار البريطاني، ولكن بعد أن نالت كل من الصين والهند استقلالهما في أواخر أربعينيات القرن الماضي، طالبت كل منهما بالسيادة على المنطقة.
وتفاقم الصراع في عام 1959 عندما لجأ القائد الروحي لمنطقة التبت الدلاي لاما إلى الهند هربا من السلطات الصينية. وفي عام 1962 اندلعت الحرب الصينية الهندية، ومنيت الهند بهزيمة قاسية، ورغم ذلك احتفظت بولاية أروناتشال براديش بعد انسحاب القوات الصينية وسط ضغوط دولية.
واندلعت مواجهة أخرى بين البلدين عام 1987 عندما أطلقت الحكومة الهندية لقب “ولاية” على منطقة أروناتشال براديش، الأمر الذي أغضب بكين وأنذر بنشوب حرب قبل أن يتوصل الطرفان إلى حل دبلوماسي
ربط شياو سونغ، الباحث في معهد غوانغ دونغ للدراسات السياسية، التصعيد الأخير بين البلدين بالزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الولايات المتحدة ولقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي، وأشار إلى أن نشر ثلاثة آلاف جندي هندي على الشريط الحدودي جاء في أعقاب الزيارة.
وقال شياو للجزيرة نت إن الدور الذي تقوم به الهند في “جنوب التبت” يشبه كثيرا الدور الذي تقوم به واشنطن في بحر جنوب الصين. وأشار إلى أن منطقة “دوكلام” المتنازع عليها ليست جزءا من الأراضي الهندية، وأنه لا ينبغي للجنود الهنود الوجود في المنطقة، وقال إن الهند تتصرف بالنيابة عن مملكة بوتان التي ترتبط معها بمصالح إستراتيجية.
اتفاقية حدودية
من جهته، قال شوان تشيانغ رئيس قسم الدراسات السياسية في جامعة “صن يات صن”، إن ما تقوم به الصين في المنطقة المتنازع عليها يستند إلى وثائق تعود لاتفاقية حدودية أبرمت بين الصين وبريطانيا عام 1890، ووثائق من السفارة الهندية بالصين صدرت في 1960 تؤكد اعتراف وقبول الهند ببنود الاتفاقية التي تعطي الحق للصين بالسيادة على هضبة دوكلام التابعة لجنوب التبت.
وأضاف شوان في حديثه للجزيرة نت أن التعاون بين نيودلهي وواشنطن يبدو واضحا للضغط على بكين، وتابع أن ذلك ليس في صالح الهند، وقد يؤدي لعواقب وخيمة في حال استمرت بالرضوخ للولايات المتحدة، كما رضخت سابقا الفلبين، حسب تعبيره.
ويرى مراقبون أن التصعيد الأخير يشير إلى محاولة مزدوجة من جانب الصين لتصوير الهند دبلوماسيا طرفا ثالثا في النزاع، بهدف الضغط على مملكة بوتان للسماح بعمل السفارة الصينية وإقامة علاقات دبلوماسية رسمية. ومن جهة أخرى رغبة بكين في تغيير الوضع على الأرض لينتهي الأمر بالتوصل إلى تسوية سياسية لصالحها
المصدر : الجزيرة