كريستيان ساينس مونيتور
قبل أربعة قرون مضت، وبعد هزيمة سويسرا على يد فرنسا، غرزت بذرة في أوروبا، حيث أعلنت نفسها بلداً محايداً. وعلى الرغم من الحروب المتكررة في أوروبا، فإن هذا التوجه كلل بالنجاح إلى حد كبير. واليوم تعد سويسرا نموذجاً يقتدى به ومقصداً لصنع السلام. وفي حقيقة الأمر أن هذا النموذج بالغ النجاح إلى حد أن العديد من الدول في الشرق الأوسط الذي تهيمن عليه المتاعب، قد حاول على امتداد سنوات أن يصبح سويسرا المنطقة.
ومع احتدام الحرب الآن في سوريا والعراق، وتصاعد التوتر بين إسرائيل ومنظمات المقاومة الفلسطينية، هل هناك دولة في الشرق الأوسط يمكنها أن تقوم بدور جزيرة سلام ووسيط للمفاوضات كما فعلت سويسرا؟
كان لبنان في وقت من الأوقات ذلك النموذج، وقد جعلته ديمقراطيته وازدهاره وفنادقه المطلة على الشواطئ والتعايش بين الأديان والأعراق هناك مركزا للدبلوماسية. ولكن الحرب الأهلية التي اندلعت بين عامي 1975 – 1990، والتدفق الأخير للاجئين السوريين قد قلصا هذا الدور.
في عام 2003، وفي غمار محاولة إعادة تنظيم الشرق الأوسط، علّق الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الآمال على تحويل العراق الى سويسرا الشرق الأوسط بالقوة. وحتى الآن لم تتكلل هذه المهمة بالنجاح.
وفي العقود الأخيرة حاول الأردن أن يكون صانعا للسلام، وأعلن نفسه محايدا في الصراع. غير أنه بدوره وجد أن من الصعب ألا ينحاز إلى بعض الجهات.
ويظل البحث عن سويسرا الشرق الأوسط شيئا بالغ الأهمية، لأن جانبا كبيرا من هذه المنطقة من العالم ينظر إليه على أنه إما مصدر دائم للصراع، أو على أنه في حاجة إلى توازن مستقر بين القوى المختلفة. تنظر مدرسة يعتد بها من مدارس الدبلوماسية إلى الأمم باعتبارها تسعى بصورة مستمرة لمد نطاق قواها، أو النظر إلى مصالحها فحسب.