صحيفة القدس العربي
إلى أنه في الغرف المغلقة ووراء الستارة تجري عملية مراقبة حثيثة وتقييم لمسألتين يهتم بهما الأردن أكثر من أي تفصيلات ميدانية أخرى، أولها: تقلبات أو تحولات إستراتيجية الجيش النظامي المحتملة تجاه الجنوب وتحديدا تجاه مناطق درعا المحاذية للأردن ونطاق الاحتمالات في هذا الاتجاه، وثانيا اختبار المعطيات التي يمكنها التحدث عن إسقاط الطائرة الأردنية في سماء الرقة عبر صاروخ اطلق من نظام الدفاع الجوي السوري وليس من قوات “الدولة” التي تصر الاستخبارات الأمريكية على أنها لا تملك حتى اللحظة تقنية إسقاط طائرات مقاتلة حديثة الطراز، ولفتت الصحيفة إلى أن التفكير الإستراتيجي الأردني وتحديدا في سيناريوهات درعا ينطلق من احتمالية تبدل أولويات “الجيش السوري” على أساس سياسي حيث يبدو النظام مهتما جدا وبصورة استثنائية بعدم حصول احتكاك ميداني بين قوات جبهة النصرة المسلحة وبين إسرائيل في محيط هضبة الجولان، ونقلت الصحيفة عن سياسي أردني رفيع المستوى أن الرابط الأكثر إرهاقا هنا يكمن في أن درعا مسألة بكل تفصيلاتها مرتبطة جذريا بملف اللاجئين حيث تم تضليل الأردن بقصة توفير التمويل والدعم لنحو مليون لاجئ سوري سيعودون لبلدهم على أساس الاحتمال القوي بسقوط “النظام السوري”، وقالت الصحيفة إن الأردنيين وفي كل المستويات لا يخفون شعورهم بالتورط في قضية اللاجئين التي تحولت لعبء ضاغط بقوة على الأعصاب الحيوية للدولة الأردنية ومؤسساتها وأجهزتها، مضيفة أن المخاوف تتزايد من أن تؤدي لحظة مباغتة يقرر فيها بشار الأسد أن الفرصة مواتية لخوض معركة درعا ضد خصومه إلى المزيد من التعقيد في وضع معقد أصلا حيث برزت علنا وعدة مرات مخاوف رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور من أن يؤدي اندلاع معارك عسكرية مفتوحة في درعا إلى وضع “استثنائي” على الحدود مع مدينة الرمثا يضطر فيه الأردنيون لاستقبال المزيد من اللاجئين والتعامل مع واقع إنساني مؤلم ومضاعف خلافا للمخاطر التي تتحدث عن الاشتباك وجها لوجه مع قوات جبهة النصرة التي ستبحث عن ملاذات جنوبا.