يُلّقمُ المدفعَ بطلقةٍ يعرفُ أنها ستتجهُ إلى مخيمٍ يضمُّ عائلاتٍ مهجرةً خسرتْ كلَّ شيءٍ حتى الأمل. ثمّ يغمضُ عينيه حتىّ يخفضَ ألمَّ الصوتِ على أذنيه، وهو يمنّي النفسَ بإصابةِ وقتلِ أكبرِ عددٍ من الناس.
يضغطُ على زرِّ الإطلاقِ وهو في مقعدِ قيادةِ الطائرةِ فتفرغُ حمولتُها من القنابلِ المتفجرةِ فوقَ حيٍّ سكنيٍّ يضمُّ أطفالاً ونساءَ مدنيين لا علاقةَ لهم بالصراعِ ولا يُتاحُ لهم الوقتُ الكافي للفرارِ من القصفِ لكنه لا يجدُ في نفسِه غضاضةً أن يبتسمَ ويلاعبَ طفلَه مساءً وهو ويشاهدُ الأخبارَ.
يمزّقُ أجسادَ المعتقلين بساديّةٍ مروّعةٍ ويبتكرُ أساليبَ تعذيبٍ تُفضي للموتِ لكنه لا ينسى تقديمَ وردةٍ حمراءَ لحبيبتِه في عيدِ ميلادِها.
فهل يُعقلُ أن تجتمعَ النقائضُ في شخصيةٍ واحدةٍ ويكونُ الإنسانُ ملاكاً وشيطانا في ذاتِ الوقتِ يشاركُ بقتلِ مواطنين أبرياءَ كما حدثَ اليومُ في قصفِ النظامِ وروسيا للمدنيين في جبلِ الزاويةِ ثم يتحدثُ عن حقوقِ المواطنِ ورفاهيتِه.
علمُ النفسِ يقولُ: إنّ التناقضاتِ قد تجتمعُ في الشخصِ السيكوباتي الذي يقتلُ ويعذبُّ الأخرين ثم لا يشعرُ بأيِّ ألمٍ أو تأنيبٍ للضميرِ على ما اقترفه لإنه مُعادٍ للمجتمعِ يؤمنُ أن الغايةَ وهي المحافظةُ على المكتسباتِ التي نالها من السلطةِ تبرّرُ الوسيلةَ وهي القتلُ العشوائيُّ بلا اهتمامٍ بمشاعرِ الآخرين فهم عوائقُ أمامَ رغباتِه ويجبُ إزالتهم.
ويشيرُ الخبراءُ النفسيون إلى مزيجٍ من العواملِ التي تصنعُ الشخصيةَ السيكوباتيةَ ومنها البيئةُ الحاضنةُ التي تنمّي غرورَ التفوقِ كما في الأنظمةِ الشوفينيةِ كالنازيةِ والفاشيةِ والطائفيةِ السياسيةِ الأسديةِ التي حصرت السلطةَ والقوةَ بطائفةٍ بعينِها على حسابِ الطوائفِ الأخرى.
أخيراً يشيرُ المختصون إلى بعضِ ما تتميّزُ به الشخصيةُ السيكوباتيةُ من انتهاكٍ وتجاهلٍ لحقوقِ الآخرين وعدمِ التمييزِ بين الصوابِ والخطأ وعدمِ إظهارِ التعاطفِ والندمِ والميلِ إلى الغشِّ والكذبِ والتجاهلِ العامِّ للمسؤوليةِ والسلامةِ…
فهل عرفتم شخصيةً سيكوباتيةً تظهرُ بين الفينةِ والأخرى في وسائلِ الإعلامِ منفصلةً عن الواقعِ تكذبُ وتحرضُ على قتلِ المعارضين وتصفُهم بأنهم ثيرانٌ لا ثوّار؟؟
محمد الحلبي
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع