ففي تصريحاته الخميس الفائت لصحيفة الوطن السورية المقربة من النظام، أشار الوزير إلى “بدء التجهيز لإطلاق شركة أمنية سياحية تقدم خدماتها لحماية الأفواج السياحية والسواح والمغتربين ورجال الأعمال والإعلاميين، إضافة لحماية المنشآت السياحية المنتشرة في القطر ومنها فنادق وزارة السياحة”.
كما أفاد يازجي للصحيفة المذكورة بأن الوزارة تعمل على ترخيص شركة تقدم الخدمات للزائرين والمغتربين في المعابر الحدودية والمطارات، وتسهل وصولهم وإجراءات دخولهم وتؤمن خدمات نقلهم، إضافة إلى إنشاء شركة حوالات خاصة بالسياح بهدف التعويض عن خدمة الدفع الإلكتروني والحماية من ابتزاز الصرّافين.
ولم يكتف الوزير السوري بذلك، بل تطرّق لإجراءات تتخذها وزارة السياحة مع الجانب الإيراني والروسي لتفعيل التعاون في مجال تنمية السياحة الدينية التي تواجه انخفاضا في عدد الزوار بسبب عدم وجود وسائل نقل جوية إلى سوريا.
وقال إن تفعيل التعاون سيكون عن طريق تطوير منطقة السيدة زينب جنوب دمشق -والتي تضم ضريح السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب، وتعتبر اليوم معقلا لكثير من قادة المليشيات الداعمة للنظام السوري وعناصرها- لتصبح توأما لمدينة مشهد الإيرانية، وإعادة تأهيل مدن معلولا وصيدنايا بريف دمشق ذات المكانة الدينية لدى المسيحيين، وإطلاق مواد ترويجية بالتعاون مع الجانب الروسي.
سياحة في أتون الحرب
ولم تمرّ هذه التصريحات مرور الكرام على كثير من سكان العاصمة دمشق، حيث رأوا فيها “انفصالا عن الواقع ليس بجديد على النظام السوري وأركان حكومته، الذين يستمرون في إنكار وجود أي أزمة أو حرب تعصف بالبلاد منذ أكثر من خمس سنوات”.
وجاء الانفجاران اللذان وقعا في منطقة السيدة زينب بعد يومين من تصريحات الوزير السوري، وراح ضحيتهما العشرات بين قتلى وجرحى، ليكشفا مدى هشاشة الوضع الأمني في سوريا حتى داخل العاصمة والتي تعتبر من أهم معاقله الأمنية وأكثرها تحصينا، وليزيدا من تهكم السكان حول تنشيط السياحة في البلاد.
فسامر -الذي يعمل موظفا في إحدى الشركات الخاصة بدمشق- رأى في تصريحات يازجي ما يدعو للسخرية، متسائلا “عن أي سياحة يتحدثون وسكان البلد أنفسهم يحاولون بشتى الوسائل الهروب من الحرب الدائرة فيها؟”.
وتشكّل قرارات وزارة السياحة -بحسب حديث الشاب السوري مع الجزيرة نت- استمرارا لنهج الحكومة في التعامي عن معاناة السوريين، والانشغال بتوطيد العلاقات مع إيران وروسيا.
فانتازيا
بدوره أشار السياسي والباحث السوري فواز تللو إلى أن قرار وزارة السياحة بترخيص شركة أمنية خاصة لتأمين الحماية للوفود السياحية، ما هو إلا فعل ينسجم مع واقع الحال السياسي الأمني في مناطق النظام، وطريقة نظرته ومعالجته للوضع في البلاد.
فالحديث عن السياحة وتنشيطها في سوريا -بحسب تصريحات تللو للجزيرة نت- هو “فانتازيا غير واقعية، فلا سياحة فعلية ولا سياح من خارج سوريا اليوم، وسيحتاج الأمر في أفضل الأحوال سنوات بعد حسم الحرب في سوريا كي نرى سياحا خلاف الإيرانيين فيها”.
ويشكل ما سبق -برأي تللو- مبررا لأن تكون الشركة موضوع الحديث تابعة عمليا لإيران، لأن “دورها الوحيد وحجة وجودها سيكون حماية السياحة الدينية الإيرانية، إن صح استخدام كلمات سياحة وسواح للتعبير عن عشرات آلاف السياح المسلحين التابعين لإيران من مليشيات ومستشارين سياسيين وعسكريين وعائلاتهم”.
ومما وجده الباحث السوري ملفتا للنظر في قرار الوزارة المذكور، بدء مرحلة جديدة تتمثل في “خصخصةالقطاع الأمني” عبر ترخيص المليشيات الحكومية وشبه الحكومية المقاتلة إلى جانب النظام رسميا، وهو ما يعني “صدور القرار عن أعلى مستويات القيادة السياسية الأمنية، وليس من وزير أو حكومة، مما يشير لإستراتيجية جديدة”.
ولا يستبعد تللو توسع الظاهرة تحت أسماء ومبررات وظيفية مناطقية مختلفة، لتشمل نشوء شركات أمنية خاصة سياحية أو غير سياحية سورية وغير سورية، وذلك “استكمالا للمشهد الأمني الذي بات واقعا يستحيل على النظام السوري التراجع عنه”.