لم يتوقع الشعب السوري أن يتحول اليوم عيد الثورة إلى عيدين، ولعل التاريخ سيخلد مثل هذا الحدث ” بوتين أمر ببدء الانسحاب العسكري من سوريا وأبلغ الأسد بهذا، ومنذ الأمس انسحب سرب طائرات وعدد من السفن الحربية، واليوم سوف تستمر القوات الروسية بالانسحاب والتي بدأت بتدخلها العسكري في سوريا في 30 سبتمبر 2015 بعد أن طلب الأسد دعماً عسكرياً من موسكو ووافق مجلس الاتحاد الروسي على ذلك.
تدخلت روسيا بحجة ضرب مواقع تنظيم الدولة والجماعات المتطرفة كما زعمت، إلا أن الائتلاف المعارض ودول أخرى كالسعودية التي طلبت من الأمم المتحدة وقف الغارات الروسية ونددت بالتدخل الروسي لأنه لم يستهدف إلا المدنيين والمنشآت الحيوية، فردت وزارة الدفاع الروسية أنها اتهامات ” سخيفة ولا أساس لها “، لكن مجريات الأحداث وإحصائيات المنظمات الحقوقية والعالمية على الأرض السورية كذبت إشاعات روسيا بعدم تورطها بقتل المدنيين السوريين، فحتى نهاية 2015 تزامناً مع انتهاء المدة المحددة للتدخل الروسي ارتكبت طائرات روسيا 279 مجزرة أودت بحياة 2300 شخص ثلثهم مدنيين وبينهم 135 طفل و115 سيدة، بحسب اللجنة السورية لحقوق الإنسان.
بالنسبة للمراكز الطبية لحين 15 فبراير 2016 وثقت الشبكة السورية استهداف روسيا 27 نقطة طبية بمناطق مختلفة من سوريا، فضلاً عن نزوح ما يفوق 150 ألف مدني بسبب القصف الروسي المستمر والمكثف تصدرت قائمتهم أرياف حلب وحماة، ناهيك عن قصفها المدارس والمنشآت العامة والدور القضائية في المناطق المحررة.
مشاعر مختلفة بين الأوساط الاجتماعية تناقلوها بعد قرار روسيا المفاجئ بانسحابها من سوريا عسكريا ومشاركتها بالحل السلمي اختلطت بالحزن من قبل موالي الأسد والسخط الكبير لأنهم يدركون أن المسلحين كما يقولون قادرين على الوصول لدمشق بسرعة كبيرة، والفرح من قبل سكان المناطق الخارجة عن سيطرة النظام الذين خرجوا عقب الخبر بمظاهرات ابتهاجاً بانسحاب المحتل الروسي من أرضهم كما أوردوا، والممزوجة بمشاعر القلق حول ما يدور من ألاعيب سياسية تحت الطاولات الكبرى، هذا وقد بارك آلاف المغردين على تويتر من مجمل الوطن العربي نصر الثورة السورية معتبرين أن هذا الحدث سيحول مجرى الأحداث لصالح الشعب والفصائل المعارضة التي بدورها التي خسرت بعضاً من مواقعها بسبب الطلعات الروسية المكثفة عليها.
أما بالنسبة للآراء السياسية والتحليل لهذا الانسحاب فقد قال مراسل الجزيرة في موسكو (زاور شوج):” إلى أن هذا القرار اتخذ بشكل أو آخر بالتنسيق مع الأميركيين، مشيراً إلى تأثير العملية على الوضع الاقتصادي الروسي خاصة مع صعوبة حسم الحرب في سوريا من الجو”، وقال الكاتب والمحلل السوري(هشام منور) للأورينت:” أن الانسحاب الروسي يعني أن هناك تدخلاً برياً قادماً في سوريا من قبل قوات التحالف الاسلامي، وما يعني زيادة احتمال إنشاء منطقة آمنة قرب الحدود التركية”.
لكن الشعب السوري بصموده الأسطوري أمام آلة الأسد التدميرية منذ 5 سنوات إلى الآن لا نستغرب منه بكافة شرائحه المدنية والعسكرية أن يقف مواجهاً التدخل العسكري الروسي بكل قوة لحين تم دحره، وأن الأمل يكبر بنفوس أفراده إلى أن يحققوا حلمهم وينتقموا من آل الأسد وحلفائه.
المركز الصحفي السوري – محار الحسن