تحركات دبلوماسية ملحوظة, لوزير الخارجية الأميركي “جون كيري”, لإقناع الحكومة الروسية بالضغظ على النظام السوري للجلوس إلى طاولة “المفاوضات” من جديد, ولكن, ألم يكن بالأحرى من السيد “كيري” أن يتوجه بخطاب الإقناع إلى القيادة الروسية للضغط على نفسها قبل أن تضغط على النظام؟!.
الأمر واضح وضوح الشمس لكل المراقبين للوضع السوري, بأن من يملك القرار الجدي في الجلوس مع المعارضة على طاولة المفاوضات في “جنيف”, هي القيادة الروسية, التي يصفها السوريون اليوم بقوة “احتلال”حقيقية, بعد أن انتشرت طائراتها في الأجواء السورية وارتكبت العديد من المجازر بحق المواطنين الأبرياء, سيما وأن العديد من هذه المجازر قد وثقها ناشطو الثورة السورية بالصور ومقاطع “الفيديو”.
حديث تسرب لوسائل الإعلام عن توصل الخارجية الامريكية والمتمثلة بوزير الحارجية “جون كيري”, إلى اتفاق مع نظيره الروسي “سيرغي لافروف”, بالانتقال إلى مايعرف بالخطة”ب” من المرحلة الانتقالية, ولاسيما بعد أن صرَّح “كيري” محذرا الحكومة الروسية “بأن التفاوض لا يمكن له أن يستمر إلى مالا نهاية, وأن صبر الولايات المتحدة قد بدأ بالنفاذ!”.
هي ليست المحاولة الأولى التي تهدف إلى إجبار, أو بمعنى آخر “إقناع” النظام السوري, ومن خلفه الداعم الروسي للجلوس إلى طاولة التفاوض, بل هي محاولة جديدة ومتأخرة عقب فشل العديد من المحاولات التي كانت ذات نتائج عكسية على الأرض, حيث أنها كانت مصحوبة بتصعيد عسكري غير مسبوق لقوات النظام, وتوسيع رقعة الأراضي والمدن والبلدات التي تتعرض لغارات عنيفة من قبل “الطيران الروسي” إضافة لطيران النظام, وفي كل مرة يقع العديد من المواطنين السوريين الأبرياء ضحايا لهذه الهجمات.
يتساءل السوريون:
إلى متى سيبقى الروس يماطلون بوعودهم؟, متبعين سياسة المناورة والتفلت من المسؤولية, بدعمهم غير المحدود لجرائم النظام, فهم مستمرون بأسلوب التاجيل والتسويف, لكسب الوقت من أجل إحداث تغيير عسكري لصالح النظام والمليشيلت المساندة له على الأرض, مستغلين الغياب التام للإرادة الدولية بإيجاد حل للازمة السورية وفق قرار مجلس الأمن الدولي.
لذلك فإن نظرة السوريين تجاه التحركات الجديدة ل”جون كيري” لن تتغير, وعلى مايبدو فإن الإدارة الأمريكية الحالية عازمة على ترحيل ملف الأزمة السورية إلى الإدارة الجديدة المنتظرة بعد انتهاء الانتحابات الأمريكية القادمة.
وقبيل بدء التسريبات عن توصل وزير الخارجية الأمريكية لبعض التفاهمات “الإيجابية” مع نظيره الروسي, بدأ الروس مع النظام بشن حملة قصف غير مسبوقة بالطائرات الحربية طالت مدينة حلب وريفها, وإدلب وريفها, وحتى ريف دمشق ومناطق الغوطة الشرقية لم تسلم من همجية القصف, وكان بارزا في هذه المرة, التركيز على استهداف المشافي والمراكز الطبية ولا سيما في حلب, والتي خرجت فيها سبعة مراكز عن الخدمة بشكل كامل, إضافة لعدَّاد القتل الذي سجل أرقاما يومية كبيرة من الضحايا الأبرياء من أبناء الشعب السوري.
لذلك يحكم السوريون على هذا الاتفاق الجديد بالفشل مسبقا, بل أعلنوا عن دفنه في مولده, لأن الصورة على أرض الواقع, هي صورة مخالفة, للصورة المرسومة في مخيلة كل من “كيري” و”لافروف”, بل وحتى المجتمع الدولي بأكمله.
ولكن لابد من الإشارة إلى تلك التساؤلات المحقة التي يطرحها الشارع السوري:
لماذا لم تلعب روسيا دور العقبة و”المارد” المتمرد على السياسة الدولية في كل من أوكرانيا وجورجيا وليبيا؟
هل مصالح روسيا كما سبق وأعلن “الأسد” في سوريا هي أكبر من مصالحها في دول متاخمة لحدودها؟
أم أن روسيا تلعب دور القاتل المأجور فقط؟!
من يريد أن يصل إلى الحل, لا يستبق النية بقصف مشافي الأطفال.. خلاصة النظرة عند السوريين.
فادي ابو الجود-المركز الصحفي السوري.