رغم مرور أكثر من شهر على قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 20 من تموز الفائت بإعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد التركية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة إلا أن الوضع على الأرض والمشاهدات اليومية لا تدل على أن تركيا تعيش حالة الطوارئ فالشوارع مكتظة بالمارة والناس يمارسون حياتهم الاعتيادية دون أي مظاهر تشعرك بأنك تعيش حالة الطوارئ، والأسواق مزدحمة بالمتسوقين الذين لا يدخرون الغذاء والمؤونة كما هو معتاد في هذه الحالات، إنما فقط يملكون قوت يومهم ويحمدون الله على وجودها متوسلين إلى الله أن يديم عليهم نعمة الأمن والأمان والحياة بسلام.
حيث أن الحكومة على لسان مسؤوليها طمأنت مواطنيها حيال قرار إعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة شهور مؤكدين أنه لن يؤثر على الحياة اليومية بل هو إجراء لمحاربة تنظيم الكيان الموازي في البلاد، فالقرار ليس موجهاً إلى الحياة اليومية للشعب بل هو إجراء لتسريع وتنظيم عمل آليات الدولة وفقاً لتعبير المسؤولين الأتراك.
ومع انطلاقة النظام الجديد للبلاد ومع تواجد السوريين الكبير في تركيا، تمكنوا من التعايش والتأقلم مع الحالة الجديدة فلم يتغير نمط حياتهم ولم يتغير عليهم شيء حيث أن معظمهم يعانون من مشكلة اللغة والتي تشكل عائقاً بينهم وبين ما يصدر من قرارات وخاصة من جهة التدابير الأمنية التي اتخذتها الحكومة التركية قبل محاولة الانقلاب كإذن السفر للسوريين والكيمليك وإذن العمل.
وقد سبق للسوريين أن تعايشوا مع حالة الطوارئ والأحكام العرفية المفروضة في سورية منذ أكثر من أربعين عاماً إبان حكم البعث والذي تميز بقمع الحريات وانتهاك حقوق الإنسان الأمر الذي اختلف تماماً عن حالة الطوارئ في بلد ديمقراطي مثل تركيا.
ورغم أن نمط حياة السوريين لا يتطابق مع نمط حياة الأتراك إلا أن السوريين استطاعوا كسر حاجز الخوف وتمكنوا من السيطرة على بعض عاداتهم ففي بعض المدن التركية التي تعارض وجود السوريين على أراضيها التزموا بيوتهم وابتعدوا عن السهر الطويل خارج منازلهم وارتياد الحدائق والمنتزهات العامة وخصوصاً في فترة الصيف وهذا يخالف ما نص عليه قانون الطوارئ الذي منع المواطنين بشكل عام ومنهم السوريين من التجوال والتنزه في الحدائق البعيدة عن مركز المدينة ليلاً.
ويشير سالم 35 عاماً إلى تخوف السوريين بعد إعلان الطوارئ ظانين أنها ستؤثر سلباً على المواطنين فقد قيل لهم يجب عدم التجمع في الأوقات غير المسموح بها والابتعاد عن أعمال الشغب وعدم الدخول في نقاشات سياسية مع المواطنين الأتراك فيما يخص الوضع السياسي وعدم بث الإشاعات التي قد تضر بالأمن القومي التركي ونشر الفوضى .
وترى نادية طالبة جامعية بأن الحياة جداً طبيعية وتسير على ما يرام ولم تتغير أساليب حياتنا فقانون الطوارئ لا يقيد الحريات ولا يتعرض للحقوق العامة إلا في حال المساس بالأمن العام ونحن نعيش حياتنا ونمارس هواياتنا وعادات مجتمعنا السوري بكل حرية دون أي مضايقات.
أما أبو حسين صاحب ورشة زراعية فلا يشعر بوجود حالة للطوارئ أو ما يدعو للقلق، فالسوريون لديهم من الحزن والظلم ما هو أكبر وهم منشغلون بأعمالهم وتأمين مستلزمات حياتهم والنفقة على أولادهم، مؤكداً أن المخطئ بحق الدولة وحده من يشعر بالرعب والخوف من إعلان الطوارئ ونحن في تركيا لم نشهد تلك الديمقراطية من قبل مشيراً إلى تكاتف الشعب حول قرار واحد رفض الانقلاب ومحاربة الباطل ومنع سفك الدماء فالشعب وقف يداً واحدة وصمد وقاوم الانقلابيين بصدور عارية.
صهيب مفوض الابراهيم – المركز الصحفي السوري