يتشارك اللاجئون السوريون بالأردن في شعورهم بخيبة الأمل والقلق وعدم الاستقرار، ويعتقدون أن الحرب المتواصلة في بلادهم تزيد من تعقيد أوضاعهم.
كان الشاب السوري محمد إبراهيم قد نذر أن يعود إلى دمشق من عمان سيرا على الأقدام حين يسقط نظام الرئيس بشار الأسد، وألا يحلق لحيته حدادا على أرواح الضحايا المدنيين في بلده إلى حين انتصار الثورة.
حدث ذلك عام 2011 متوقعا أن الأمر سيكون منتهيا مع بداية العام التالي على أبعد تقدير، ولم يخطر له في ذلك الوقت أنه ستمر أكثر من أربع سنوات، وأنه سيستقبل عام 2016 دون أن يحلق لحيته ودون أن ينتهي حداده على الدماء التي تراق في سوريا.
يقول محمد إن آماله والتوقعات بما تحمله السنة الجديدة ليست بالقوة والجموح الذي كانت عليه مع بداية الثورة، لأنه أصبح يدرك جيدا أن عودة السلم إلى سوريا واستئناف الحياة فيها سيتطلب عدة سنوات “كانت تسكنني رغبة مجنونة بالعودة في اللحظة ذاتها التي يسقط فيها النظام، الآن حتى لو عدت أين وكيف سأعيش بعد الدمار الذي حل بالبلد؟ الأمر يحتاج وقتا طويلا للأسف”.
وحتى ذلك الحين يسعى إبراهيم لشق طريقه في الكتابة الأدبية، ويتمنى أن يحقق نجاحا على هذا الصعيد في السنة الجديدة، وأن يتابع نشاطاته الإنسانية كمتطوع لمساعدة أهله من اللاجئين السوريين في الأردن، وألا يغادر الأردن مثلما اضطر آخرون من حوله، لأنه يريد أن يبقى قريبا من دمشق وفق قوله “مئتا كيلو متر تبعدني عن الشام تحرق قلبي كيف إذا ابتعدت أكثر؟”.
قلق
تتفاوت ظروف اللاجئين السوريين في الأردن والتحديات اليومية التي تواجههم، سواء كانوا يعيشون داخل المخيمات أو خارجها، لكنهم جميعا يتشاركون في الشعور بالقلق وعدم الاستقرار، ويعتقدون أن الحرب المتواصلة في بلادهم تزيد من تعقيد أوضاعهم.
تعبر هناء -التي تعيش في مخيم الزعتري للاجئين السوريين- عن قلقها اليومي على مستقبل أطفالها ورغبتها في أن يتعلموا ويحظوا بحياة طبيعية وآمنة بعد أن فقدوا والدهم بسبب الحرب.
وتقول إنها حيثما تلفتت حولها تجد اللاجئين يواجهون ظروفا صعبة، وآلاما حملتهم إياها الحرب ستبقى حتى آخر يوم في حياتهم، حسرة على من فارقوا الحياة، ومن تم اعتقالهم دون أن يظهر لهم أي أثر حتى الآن، ومن تركتهم الحرب على كراسي متحركة بإصابات بليغة وأطراف مبتورة.
وتضيف “الكثير من الأقارب والمعارف داخل المخيم وخارجه غادروا خلال السنة الماضية، البعض عاد إلى سوريا، وآخرون سافروا إلى تركيا وأوروبا، شعورنا بالوحدة والعزلة يتزايد” معبرة عن أملها أن تحمل السنة الجديدة استقرارا أكبر لها ولأسرتها.
هموم
لا يوجد شيء واضح أمام سكان مخيم الزعتري عن الغد، فهم يعيشون كل يوم بيومه. عبد الفتاح الرفاعي أحد سكان المخيم قال للجزيرة نت إن الناس أنهكوا بسبب ظروف معيشتهم، كثير منهم يتمنى أن يغادر إلى أوروبا ليبدأ من جديد، وآخرون جازفوا بالعودة إلى سوريا رغم الخطورة.
وأكثر ما يسيطر على هواجسهم في هذه الفترة الباردة هو أن يتمكنوا من اجتياز شهور الشتاء على خير، وخاصة فيما يتعلق بالأطفال.
أما عن نفسه، فإن أجمل ما حدث هذه السنة بالنسبة لعبد الفتاح هو أنه أصبح أبا قبل شهر واحد، حيث كانت سعادته بالغة باستقبال طفلته شآم، لكن بعد أيام قليلة من ولادتها بدا عليها التوعك لتصدمه حقيقة أنها تعاني من مشاكل صحية وبحاجة لعملية قلب مفتوح.
يقول عبد الفتاح إنه وجد نفسه فجأة لا يطمح ولا يفكر بأي شيء في العالم سوى الطريقة التي تمكنه من علاج ابنته الصغيرة، حيث إن المنظمات المسؤولة عن اللاجئين لا تتحمل جراحات عالية التكلفة كحالتها، مختزلا كل ما يرجو حدوثه في السنة الجديدة أن يرى طفلته تتعافى وتكبر بلا مرض، وقادرة على التنفس بشكل طبيعي مثل كل الأطفال.
المصدر : الجزيرة