“السكن البديل” في مشروع “باسيليا سيتي” يؤجج الخلاف بين محافظة دمشق والشركة المنفذة
ألزم المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012 والمعدَّل بموجب القانون رقم 10 لعام 2018 محافظة دمشق بتأمين السكن البديل للشاغلين المستحقين في المنطقة التنظيمية خلال مدة لا تزيد عن أربع سنوات من تاريخ الإخلاء الفعلي وهو ما فشلت المحافظة فيه
عادت قضية “السكن البديل” في العاصمة دمشق إلى الواجهة مرة أخرى، خلال إحدى الاجتماعات التي انعقدت ما بين “مجلس محافظة دمشق” والجهة المنفذة لمشروع “باسيليا سيتي” بالقرب من منطقة الرازي.
ففي تاريخ 26 حزيران/يونيو 2002، نشرت صحيفة الوطن، المقربة من الحكومة السورية وعبر موقعها الرسمي، خبراً حول واقع مشروع “السكن البديل” في منطقة (باسيليا سيتي) وأسباب التأخير والمماطلة في تنفيذ المشروع.
وأشارت الصحيفة في الخبر أيضاً إلى أن عدد من أعضاء مجلس محافظة دمشق شنّوا هجوماً حاداً على الشركة المنفذة للمشروع (دمشق القابضة) بسبب حالة التراخي في تنفذ مشروع “السكن البديل” مما سبّب أضراراً جمّة للمواطنين الذي كانوا من المفترض أن يستفيدوا من السكن البديل بعد الحصول عليه.
وأضاف الخبر على لسان عدد من أعضاء مجلس محافظة دمشق، أنّه وفي حال تأخر المؤسسة العامة للإسكان (الذراع التنفيذي لمحافظة دمشق والمتعاقدة مع دمشق القابضة) بتنفيذ مشروع “السكن البديل” فإن بدلات الإيجار لمستحقيها تقع على عاتقها.
كما طالت سهام النقد التي وجهها بعض أعضاء محافظة دمشق، المدّة التي استغرقتها الشركة الراعية للمشروع في تنفيذ عقود الصيانة والتزفيت في عدد من الشوارع والطرقات في المشروع وخاصة في أوتستراد الفيحاء، إضافة إلى اتهام الشركة بالفشل في المراقبة لتنفيذ المشروع ووجود تقصير من المعنيين (لم تحددهم الصحيفة) وكذلك وسط تقصير المتعهدين عن العمل بحجة عدم توفر المازوت.
وقالت الصحيفة حول مبررات الشركة المنفذة في الانتهاء من مشروع السكن البديل، بأنّ نقص مادة المحروقات ونقص العمالة هي سبب التأخير.
إلى ذلك، وخلال الاجتماع ذاته، أكّد رئيس مجلس محافظة دمشق “خالد الحرج”، توجيهات محافظ دمشق السابق (عادل العلبي/تمّ عزله بتاريخ 20 تموز/يوليو 2022)، على ضروة إزالة المخالفات عن بكرة أبيها” وتنفيذ المرسوم 66 لعام 2012 بحذافيره وتحويل الشخص المخالف للقضاء. (أي أن بقاء المخالفات إلى جانب نقص المحروقات والعمالة أدّت إلى تأخير تنفيذ المشروع بشكل عام والسكن البديل بشكل خاص).
وتابع “الحرج” كلامه بأنّه أن لا مبرر لرؤساء الدوائر الخدمية بقولهم “لم نعلم بالمخالف”، حيث أن لدى دوائر الخدمات كادراً وموظفين يفترض بهم القيام بمهامهم على أكمل وجه ناهيك عن متابعة الشكاوى الواردة.
بدوره، أكّد “مدير الدراسات الفنية” في دمشق “معمر دكاك” أن موضوع السكن البديل من مهام المؤسسة العامة للإسكان، وتقع مهام المحافظة (دمشق) في تأمين الأضابير الفنية والتمويل والمواقع، مبيناً وجود تراخي في التنفيذ مع العلم بأنه تم توجيه عدة كتب إلى المؤسسة بهذا الخصوص.
وأوضح “دكاك” بوجود 21 مقسماً في السكن البديل تمّ التعاقد عليها وهي قيد التنفيذ، معتبراً أن نسب التنفيذ متفاوتة وهناك انحراف وتأخر لأكثر من الضعف.
كما تحدث مدير الإشراف على المشروع “هشام الحموي” عن معاناة الكهرباء والتي لا تأتي سوى نصف ساعة لا يمكن القيام بالصيانة خلالها، بينما قال المشرف على مجمع الخدمات “عماد العلي” إن دوائر الخدمات تحصل على مادة المازوت حسب الحاجة.
[1] ينصّ المرسوم 66 لعام 2012، والمعدّل بالقانون رقم 10 لعام 2018، على إلزام المحافظة والشركة المنفذة بتأمين (سكن بديل مؤقت) للناس المتضررين (الذين أخرجوا من منازلهم بسبب مشروع باسيليا سيتي) في ذات المنطقة. علماً أنّ المتضررين من السكان تمّ منحهم بدل إيجار (بخس) مقارنة مع الأسعار الرائجة وهو ما يتسبب بخسائر مادية كبيرة للأشخاص أصحاب الحقوق.
وتعتقد “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” أن هنالك حالة من التخبط والعشوائية في التعاطي مع قضية توفير “السكن البديل” وفق المرسوم 66 لعام 2012، رغم مرور حوالي عشرة سنوات على الشروع في تنفيذ المرسوم في منطقة الرازي والمتحلق الجنوبي. وبذلك تكون محافظة دمشق قد خالفت المادة 25 من القانون رقم 10 لعام 2018 (وهي المادة التي عدّلت المادة 45 في المرسوم رقم 66 لعام 2012)، وألزمت المحافظة بتأمين السكن البديل خلال مدّة لا تزيد عن أربع سنوات اعتباراً من تاريخ الإخلاء الفعلي وليس من تاريخ صدور المرسوم (مثلما كانت تنص عليه المادة 45 في المرسوم 66).
وكانت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، قد نشرت تقريراً حول المرسوم 66 لعام 2012، الذي مثّل الحلقة الأولى في مصادرة الملكيات في سوريا، وكيف أثّر على أهالي منطقة الرازي الذين عانوا من مصادرة أملاكهم دون تعويض عادل لقيمة منازلهم أو منحهم مساكن بديلة.
بالإضافة إلى تقاضي الناس (بدل إيجار بخس يبلغ حوالي 500 ألف ليرة سورية في السنة (أي ما يعادل 137 دولار أمريكي سنوياً.
وترى “سوريون” بأنّ الحجج التي تذرعت بها الشركة (نقص المحروقات والعمالة) خلقت حالة من الفوضى أثناء فترة تنفيذ المشروع، في الوقت الذي فشلت فيه “محافظة دمشق” بتحمل مسؤوليتها في تأمين السكن البديل بموجب المرسوم. مع العلم بأنه كان يفترض أن يتم الانتهاء من تأمين السكن البديل للناس خلال أربع سنوات من تاريخ الاخلاء الفعلي، وهو ما لم يحدث.
وحيث إن جميع حالات الاخلاء الفعلي قد تمت بين 2013 و2014 (بمعنى كان يتوجب على محافظة دمشق تامين السكن البديل للناس بحد أقصى بين عامي 2017 و 2018 (أي قبل تدهور الوضع الاقتصادي الحاد ونقص الكهرباء والعمالة) وبالتالي فإن كل تلك التبريرات لا ترفع المسؤولية عن كاهل الحكومة السورية.
وعلى ما يبدو، فأن الحكومة السورية كانت تهدف من المرسوم 66 لعام 2012 إلى الاستيلاء ومصادرة الأملاك العقارية للسكان الذين كانوا قاطنين في تلك المناطق، والتي عُرفت بمعارضتها العسكرية والسياسية للحكومة السورية في محيط العاصمة دمشق. وتعزيز قدرة الحكومة على تملّك عدد كبير من المقاسم (مساحة الأراضي والأبنية) التي تستطيع محافظة دمشق الاستئثار بها “مجاناً” في المنطقتين بدون معيار أو سقف أو رقابة.
فكانت البداية من المرسوم رقم 66 لعام 2012، ولاحقاً القانون رقم 10 لعام 2018، وليس انتهاءً بالمرسوم التشريعي رقم (237)، والذي نصّ على إحداث “مناطق تنظيمة” في مدخل دمشق الشمالي (القابون وحرستا)، تبعها إصدار مخططات تنظيمية مشابهة تخصّ مناطق الحجر الأسود والسبينة وجرمانا ويلدا، وفق المرسوم رقم 5 لعام 1982، والذي يُعتبر حلقة أخرى من حلقات نزع ملكيات السوريين وتجريدهم من حقوقهم العقارية.
ما هو مشروع باسيليا سيتي؟
يقع مشروع “باسيليا سيتي/اسم سرياني يعني الجنة” ضمن المنطقة الثانية من مشروع تنظيم جنوبي المتحلق الجنوبي ويشمل المناطق العقارية التالية (مزة – كفرسوسة – قنوات بساتين – داريا – قدم) والتي كانت قد تمّ تنظيمها بتاريخ 19 أيلول/سبتمبر 2012، وبموجب المرسوم الذي حمل الرقم 66 والذي نصّ على إحداث منطقتين تنظيميتين في محافظة دمشق. حيث كانت المنطقة الأولى تضمّ مزة – كفرسوسة، وسمّيت “ماروتا سيتي” لاحقاً. وكانت الحجة التي سوقتها الحكومة السورية في ذلك الوقت لاعادة تنظيم المنطقتيين هي بحجة “تطوير مناطق المخالفات والسكن العشوائي”.
وهو مما يعني؛ بأن محافظة دمشق بالشراكة مع الشركات الخاصة ستتملك الأراضي وتدفع “التعويض” للناس المصادرة بيوتهم بأسعار زهيدة (لأن المنطقة غير منظمة) وثمّ تعيد بيعها – بعد التنظيم بأسعار مرتفعة للغاية لأناس آخرين منهم مستثمرون.
علاوة على ذلك، فإن إسكان سكان تلك المنطقة المستولى عليها في مساكن بديلة قد لا تساوي/تعادل ربع قيمة المساكن الأساسية، تسمح فيها محافظة دمشق لنفسها بـ”الإثراء بلا سبب” على حساب المالكين الأساسيين عبر تجاوزها ملكيتها الشائعة.
ومن الأهمية بمكان، الإشارة أيضاً إلى أنّ محافظة دمشق اقتطعت 50 مقسماً من هذه المناطق التنظيمية، وأدخلتها في ملكيتها الخاصّة، ثمّ قام المحافظ بنقل ملكية تلك الأقسام/المقاسم (الأسهم التي تملكها الدولة) لشركة دمشق الشام القابضة التي قامت بتملّكها للمقاسم، مقابل وعود بإعطاء مساكن بديلة وتعويضات بسيطة للسكان.
المركزالصحفي السوري
عين على الواقع