إنها سلطنة عمان وليست زرقاء اليمامة تللك الفتاة الخليجية التي عاشت في اليمامة باليمن، سلطنة عمان تللك الوادعة التي تقع على بوابة الخليج العربي من الجهة الشرقية، تمتاز بجبالهاالزرقاء وسهولها الخصبة، وتمثل الطرف العربي لمضيق هرمز الاستراتيجي الذي تجوبه السفن التجارية والعسكرية المنتشرة بكثرة في المنطقة، هذا الموقع الاستراتيجي لعمان جعلها منطقة مهمة في هذه البقعة من العالم… سياسياً يرأسها السلطان قابوس بن سعيد منذ عام 1970، يقطنها شعب عربي مسلم ذو مذهب منفرد، إنه المذهب الإباضي وليس غريباً أن يكون الإباضيون قريبين من الشيعة أو جزءا منهم، ومع ذلك تمثل جزءا مهماً من مجلس التعاون الخليجي، وعضو مؤسس وفاعل فيه.
تمتاز علاقات عمان بالحيادية مع الأطراف كلها وتزدهر بشكل كبير مع جارتها إيران، فمنذ مطلع السبعينيات كانت علاقات البلدين ممتازة، حتى أن إيران شاركت السلطان قابوس في قمع المتظاهرين في منطقة قابوس عام 1971، وعلاقاتها تمتاز بالإيجابية مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تنظر إليها أمريكا دائماً بعين الرضا، لذلك كانت وعلى الدوام الوسيط بين أمريكا والمنطقة العربية، فكانت دائماً تتوسط لإطلاق محادثات بينها وبين إيران في خلافاتهما المتواصلة وخصوصاً حول قضية الملف النووي الإيراني، حيث استضافت المحادثات السرية بينهما مما أفضى للتوصل إلى الاتفاق النووي الشهير، كما قامت بدور الوساطة للإفراج عن السجناء الأمريكين والإيرانيين المتبادلة بين البلدين، وفي ظل الخلافات الكبيرة بين مجلس التعاون الحليجي والنظام السوري، قام وزير الخارجية وليد المعلم بزيارة مفاجئة لمسقط في 6/ 8/ 2015 في ظل طرح المبادرات آن ذآك لحل المشكلة السورية، وهذا يشكل خروجاً عن الإجماع الخليجي، كما أن عمان رفضت المشاركة في التحالف العربي ضد الحوثيين المتمردين في اليمن، ووقفت موقف الحياد بل وتوسطت لوقف القتال بين الطرفين، حيث استضافت المحادثات بين الحوثيين ووفد عبد ربه منصور هادي، والخلاف الكبير الذي حصل بين التحالف العربي ولا سيما السعودية ضد عمان تمثل باستهداف التحالف العربي لمنزل السفير العماني”بدر المنذري” في اليمن، ومع نفي السعودية لاستهداف منزل السفير عدت عمان هذا العمل خروجاً سافرا عن القانون الدولي وعداء مباشر عليها، مما وتر الأوضاع بين البلدين بشكل غير مسبوق، إلا في العام 2013 حيث وقع خلاف كبير آن ذآك بين عمان ومجلس التعاون الخليجي وهددت عمان بالانسحاب من المجلس على خلفية تحويل هذا المجلس إلى اتحاد الدول العربية في الخليج ، وفي أوج الخلاف الخليجي ولا سيما السعودية مع إيران وقطع العلاقات الدبلوماسية وسحب السفراء المتبادل على خلفية إعدام الناشط السعودي ” نمر النمر” التزمت عمان بالصمت ودعت الأطراف ‘لضبط النفس دون أن تقطع أو تندد أو تستدعي السفير من طهران، ولم تتضامن حتى مع المملكة العربية السعودية في ذلك، وكأنها الحمامة الخليجية تغرد خارج السرب….
المركز الصحفي السوري
أحمد الإدلبي