الذين يعلمون بمضمون الاتفاق السعودي – الروسي حول سبل إنهاء الأزمة السورية سياسياً، الذي رسمت معالمه أثناء زيارة ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمّد بن سلمان إلى موسكو في بداية الشهر الجاري، هم قلة أي في الدائرة الضيقة جداً في الرياض وموسكو.
لفت انتباه المراقبين الدوليين ما حققته الزيارة من نجاح، فالزيارة كانت استثنائية على صعيد تمتين العلاقة بين البلدين التي بدأت بصفقات سلاح وغيره لم تقل عن 6 مليار دولار، ولوحظ ان حرص السعودية على إقامة علاقات متقدمة مع روسيا قوبل باهتمام روسي كبير.
يرى مراقبون أن الزيارة هي نقطة تحوّل في الموقف الروسي فيما يخص سياساتها في المنطقة وتحديداً من الأزمة السورية.
ويرى آخرون أن الموقف الروسي من النظام السوري ما زال على ما هو عليه منذ سنوات لم يتغيّر، والقيادة الروسية أعلنت ذلك خلال الشهر الحالي مرتين: الأولى بعد زيارة ولي ولي العهد السعودي لموسكو، والثانية أوّل أمس أثناء زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم لموسكو.
يرى أصحاب رؤية ان الموقف الروسي بات مختلفا، ان روسيا دولة عظمى لها مصالحها في المنطقة ولا تستطيع ان تعلن تبدلاً في الموقف باستدارة 180 درجة، كما ان تصريحات الرئيس بوتين القائم باستمرار دعمه للنظام السوري تأتي في إطار العمل الدبلوماسي الفائت الاحترافية، ولكن الوقائع تُشير إلى غير ذلك، فشحنات السلاح الروسي للنظام السوري إن لم تكن متوقفة فهي قد انخفضت إلى درجة كبيرة، وهذا ما دفع القيادة الإيرانية تفاتح القيادة بموسكو أكثر من مرّة حول سبب امتناعها تزويد الجيش السوري بالسلاح الذي وعد به، (روسيا ردّت بأن غالبية السلاح النوعي الذي ارسلناه للجيش السوري بات عند المعارضة..).
أثناء زيارة المعلم لموسكو خلال اليومين الماضيين حدث خلاف كبير بين الطرفين. ففي الوقت الذي أبدت فيه القيادة الروسية رغبتها بإنشاء تحالف لمحاربة «داعش» الإرهاب تشترك فيه السعودية وتركيا والأردن وقطر، رفض الوزير المعلم الاقتراح لأنه يخشى من نتائج قيام هذا التحالف على نظام بشار، فالمعلم يُدرك ان إقامة تحالف دولي جديد تشارك فيه دول المنطقة بفعالية لمحاربة الإرهاب لا يمكن ان ينشأ بمشاركة نظام الأسد، خاصة بعد ما ثبت تعاون الأسد و«داعش» في أكثر من محطة في الحرب الدائرة في سوريا.
فهناك قناعة دولية واسعة ان إزاحة بشار الأسد عن السلطة في دمشق هو المقدمة التي لا بدّ منها لإنشاء تحالف دولي واقليمي فعّال لمحاربة «الارهاب»، وأن موسكو باتت قريبة من هذه القناعة الدولية – الإقليمية.
اللواء – حسن شلحة