ألزم أبو العلاء المعري التنوخي نفسه بسجون ثلاث “الحبس وفقد النظر وكون النفس في الجسم الخبيث”, كما يشير في بيته الشهير “أراني في الثلاثة من سجوني..”.
وكما ألزم شعره حرفًا رويًا موحدًا وقافية موحدة أي ما يقال عنه قافيتين اليوم، في ديوانه المعروف باللزوميات، ولم يكن الإلزام من جهة البناء فقط، قدر ما كان من جهة المعنى، حيث إلتزم القضايا الجوهرية في حياة الانسان، وفلسفة النفس البشرية، من وجد وعواطف وانفعالات وشهوات.
ولم يلتزم المعري سلطة ما في زمانه فسافر إلى بغداد، يومها كانت عاصمة العلم الثقافة، وكتب في معجز أحمد، معتبراً نفسه لم يستطع الوصول إلى ما وصل إليه المتنبي من نبوغ في الشعر، فترك صنعة الشعر لغيره، باحثاً عن فلسفته الخاصة في نقد الاستبداد السياسي والديني الذي ساند الحكام والحروب التي أكلت النفس والحجر والبشر.
https://www.facebook.com/syrianpresscenter/videos/603403098034883
وهذا ما آلمني اليوم أن أرى صور الرفاق الحزبيين كما وصفهم إعلام العصابات واقفين على قبر الفيلسوف، بعدما دمروا المعرة وحضارتها التي تمتد امتداد دمشق وحلب في التاريخ. نعم وقفوا على قبر المعري الذي لعنهم قبل موته بألف عام قائلاً:
أتتلفها ؟ شلت يمينك، خلّها
لمعتبر…. أو زائر….. أو سائــل
منازل قوم حدثتنا… حديثهم
ولم أرَ أحلى من حديث المنازل
ربما السيد أو الرفيق هلال هلال كما يحب أن ينادى من أفراد عصابته، قال للمعري قم يا رفيق هازئاً من دعواته للسلم والحياة، أو وقف على قبره كما وقف غيره ليقول ها قد عاد المغول أما رأيتنا يا أعمى المعرة؟!
يدعو النظام الحاقد أحفاد فلسفة المعري إلى معرض خراب مدينتهم على أيدي لصوص عصابته في صورٍ لم يخجل من بثّها على وسائل إعلامه تظهر البيوت التي دمرت أسقفها لينهبوا الحديد منه والجدران التي خلعوا عنها الحجارة ليبيعوها.
هذه العصابة من المؤسف، نعم من المؤسف أن تقف على قبر عظيم المعرة في وقت تتناحر فيه فصائل الشمال على المعابر تاركين عظمة تاريخهم وإرثهم الثقافي لعصابات شحنها الحقد الطائفي تنتقم من الحجارة والأشجار والبيوت.