ليس اعتباطا أو من قبيل الصدفة أن نرى مئات الجنود الأمريكيين بزي وحدات حماية الشعب الكردي pyd
تشارك وللمرة الأولى علنا في مايسمى عملية تحرير الرقة من أيدي تنظيم الدولة الإسلامية ، في إشارة واضحة وصريحة إلى انتقال الولايات المتحدة الأمريكية وتبديل تحالفاتها مع جميع الحلفاء المحليين والإقليميين والدوليين.
الولايات المتحدة وعبر ظهور جنودها العلني مع قوات ال pyd في المناطق الكردية أرادت توجيه رسائل عدة وفي جوانب متفرقة لعلل أبرزها كانت فيمايلي.
1- إلى المعارضة السياسية لتقديم المزيد من التنازلات في المفاوضات السياسية والقبول بجميع الإملاءات بدون تلكؤ وبدون شروط بعد إظهار ضعفها وعجزها وسحب أوراق القوة منها على الأرض.
2 -للمعارضة المسلحة بأن البديل الحقيقي والاستراتيجي لمحاربة الإرهاب موجود وهو شريك موثوق ويمكن الذهاب معه إلى أقصى الحدود وبدون مساومة أو شروط.
3 – إلى تركيا التي تبدي نوعا من المقاومة والامتعاض من السياسة الأمريكية حيال القضية السورية وتوجيه رسالة لها ذات حدين .
أولها التلويح بالعصا الكردية والتهديد بها وتحريكها عندما تقتضي الضرورة وعندما تحين الحاجة.
وثانيها بأن تركيا لم تعد الحليف الوحيد بل هناك بديل ضعيف وهو المطلوب ،وموثوق بنفس الوقت و أكثر مرونة وتنسيق، ويعمل بأيديولوجية وعقيدة لاتشكل خطرا على مستقبل العلاقات الأمريكية والدولية، ومستعدة للقبول بمايطلب منها بدون تردد أومراوغة، ولعب الدور المطلوب منها مقابل تحقيق أحلامها وأمانيها بالدولة الموعودة،والتي أصبحت مطلبا أمريكيا وروسيا واسرائيليا قبل أن تكون مطلبا كرديا بحتا،
وإنشاء مطارين أمريكيين في الرميلان وتل أبيض يغني عن حاجة الولايات المتحدة لمطار انجرليك التركي وهو في طور التحديث والتطوير لمواكبة التطورات المستقبلية.
4 – إلى الروس والإيرانيين بأننا موجودون على الأرض السورية ومستعدون لتقاسم النفوذ في معركة لم نكن فيها متفرجين ومؤثرين فحسب بل إن قواتنا جزء فاعل فيها (في حال تم الانتصار على تنظيم الدولة في الرقة وهذا هو المؤمل للولايات المتحدة).
5 – لإقناع الشعب الأمريكي بأن قواتنا ليست متفرجة وبعيدة بل موجودة في سوريا لتحارب الإرهاب في عقر داره وأن الولايات المتحدة مازالت قوية ومؤثرة ولايمكن لأية قوة أن تتصرف في أي مكان في العالم بعيدا عن الولايات المتحدة ودورها الأساسي والمحوري على الخريطة الدولية.
6 – إلى حلفاء المعارضة وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية بأن الولايات المتحدة أوجدت البدائل في جميع المحافل وعلى جميع الأصعدة، فمن إيران كحليف إقليمي بديل عن السعودية وصولا إلى وحدات حماية الشعب كبديل لقوات المعارضة العسكرية الحليفة للمملكة السعودية في محاربة الإرهاب بعيدا عن المساومة بمصير الأسد.
7 -التحكم بالجبهة الشمالية بعد تقسيم سوريا إلى أربعة مناطق جغرافية تبعا للنفوذ والجغرافيا
فبعد السيطرة على جبهة الجنوب وإمساك مفاتيح تحريكها وإسكاتها لصالح اسرائيل والنظام باستثناء بعض العمليات العسكرية بين فصائل الجيش الحر وبعض الفصائل المسماة بالإسلامية انتقل الاهتمام إلى جبهة الشمال وإحكام السيطرة عليها من خلال وحدات حماية الشعب الكردي وترك جبهة الساحل وحمص للنظام ومحاولته توسيع رقعته الجغرافية والوصول إلى جسر الشغور وسهل الغاب وضمان اتصال دولته المستقبلية بلبنان حزب الله والعراق الشيعي الإيراني وذلك في حال الوصول إلى التقسيم.
8 – الضغط على جميع الأطراف ووضعهم أمام خيارات القبول بالأجندة الدولية أو خيار التقسيم الذي اصبح أمرا واقعا ولاينتظر إلا أوامر التنفيذ مع المزيد من القتل والدمار والتشريد ريثما تخضع وتركع جميع الأطراف لما هو مطلوب بعد اليأس والإنهاك والدخول في مصير مجهول.
لتبقى جبهة الوسط معقل المعارضة المختلفة الأطياف والأهداف والتي تشمل ادلب وأجزاء من حلب وريفها والتي تدور فيها حرب ضروس لكسر الإرادات وتحقيق المكاسب كل من وجهة نظره وأهدافه.
وجميع المتصارعين يخوضون فيها أو حولها حرب مصير ووجود بما فيها تنظيم الدولة والدول الأقليمية والدولية ،وذلك لأهميتها الجغرافية والصناعية والبشرية والتي تكاد المعارك فيها تختصر المشهد السوري برمته.
كل هذه الأسباب وغيرها أنتجت واقعا جديدا على الأرض ليس لصالح المعارضة وحلفائها الذين تتساقط منهم أوراق القوة الواحدة تلو الأخرى لتضع المعارضة المسلحة أمام طريق مجهول أكثر غموضا وتعقيدا بظل المزيد من الضغط الأمريكي على حلفاء المعارضة لمنع التسليح المطلوب الذي يغير الواقع ويقلب الموازين، وغض الطرف عن الروس والإيرانيين لممارسة الدمار وليوغلوا أكثر في دماء السوريين.
كل هذه المعطيات والملابسات تؤطر وترسخ لعملية تقسيم خطيرة يؤسس و يحضر لها على الأرض السورية بعيدا عن أصحاب القضية وأهلها الحقيقيين.
فهل يقبل أصحاب القضية وأصحاب الأرض الذين بذلوا الدماء والأرواح وضحوا بأغلى مايملكون في سبيل حريتهم وكرامتهم، بمايدبر لهم ، أم أنهم ماضون في الوصول إلى غاياتهم وأهدافهم مهما بلغ حجم الضغوط والمؤمرات عليهم ،ولم يبق لديهم مايخسروه.
وضاح حاج يوسف _ المركز الصحفي السوري