أسفرت ثورات “الربيع العربي” والوضع الأمني في دول الساحل عن تحول الجزائر إلى قبلة لجوء من دولتين عربيتين هما ليبيا وسوريا وثالثة أفريقية مجاورة هي مالي، حيث قدّرت خلية أنشئت للتكفل باللاجئين العرب والأجانب في الجزائر وجود ما لا يقل عن 30 ألف لاجئ دخلوا البلاد من هذه البلدان.
وقال بن علوي محي الدين، عضو الجمعية الأفريقية لرعاية شؤون اللاجئين (غير حكومية) ومسؤول سابق في وزارة التضامن الجزائرية إن “الجمعية أحصت وجود أكثر من 30 ألف لاجئ من 3 دول في الجزائر، أغلبهم فرّ من بلده بسبب الحروب الأهلية”.
وأضاف محي الدين في حديثه مع الأناضول أن “لجنة مختصة مكونة من وزارات الداخلية والخارجية والتضامن، وجمعية الهلال الأحمر الجزائري، أحصت وجود أكثر من 30 ألف لاجئ أجنبي في الجزائر نصفهم تقريباً من دولة مالي أما البقية فهي من سوريا وليبيا”.
وأوضح أن السلطات الجزائرية “وضعت مخططاً للتكفل باللاجئين الفارين من بلدانهم، تضمن توفير الإقامة مع عدم إجبارهم على الإقامة في مراكز الإيواء التي أنشأتها السلطات لإسكان اللاجئين”.
كما قررت السلطات الجزائرية وفق نفس المصدر “تمكين أطفال اللاجئين من الدراسة في مدارس البلاد”.
من جهته قال عدّاس خليفة، مواطن سوري وعضو رابطة اللاجئين السوريين في بلدان شمال أفريقيا للأناضول إن “عدد اللاجئين السوريين في الجزائر يتغير باستمرار من شهر لآخر”، مشيراً إلى أن آخر إحصائية رسمية للسلطات في البلاد أُجريت في شهر أبريل/ نيسان 2015 أكدت وجود 7 آلاف لاجئ سوري لديها”.
وتابع “اللاجئون السوريون كانوا دائماً محل ترحيب في الجزائر”.
ولفت إلى أن الدخول إلى الجزائر بالنسبة للسوريين ظل حتى عام 2015 بدون تأشيرة مسبقة، قبل أن تضطر لفرض تأشيرة في العام نفسه، بسبب تطورات الأزمة السورية التي اندلعت عام 2011″.
ورأى خليفة أن “الظروف الخاصة في سوريا فرضت على السلطات الجزائرية إخضاع اللاجئين القادمين من هناك لإشراف أمني، للتأكد من عدم وجود متسللين ينتمون لجماعات متطرفة ضمن اللاجئين”.
ويتركز اللاجئون السوريون حسب المتحدث السابق، في 22 مدينة جزائرية، إلا أن الغالبية العظمي منهم موجودة في مدن كبرى مثل عنابة (شرق)، و وهران (غرب)، والعاصمة الجزائر.
من جانبه قال غواتي عبد الباسط، عضو لجنة الإغاثة التي تشكلت للتكفل باللاجئين الفارين من دولة مالي (لجنة أهلية غير حكومية تتعاون مع السلطات في كلا البلدين)، إن العدد الحقيقي للاجئين الفارين من دولهم في الجزائر غير دقيق”.
وأضاف في حديث مع الأناضول “أعتقد أن عدد اللاجئين الفارين من مالي و سوريا وليبيا قد يتعدى 50 أو 60 ألف، وهناك الآلاف من الفارين من الحرب التي شهدتها منطقة شمال مالي في عامي 2012 و 2013 (بعد تدخل فرنسا عسكرياً ضد جماعات إرهابية في الشمال) لم تتمكن السلطات من تسجيلهم في سجلات رسمية، والسبب هو أنهم تسللوا عبر الحدود البرية الطويلة بين الجزائر ومالي، وهو ما يعني أن العدد الحقيقي أكبر بكثير من العدد المقيد لدى السلطات”.
وبحسب عبد الباسط فإن “السلطات الجزائرية تعتبر اللاجئين الفارين من حرب مالي ضيوفاً، حيث أوقفت عام 2012 ترحيل المهاجرين السريين القادمين من الدول الأفريقية بسبب ظروف الحرب في ذلك البلد، كما تسمح للمهاجرين واللاجئين الفارين من شمال مالي بالعمل في البلاد”.
قروي خالد، رجل أعمال ليبي وأحد ممثلي الجالية الليبية في الجزائر، قال إن الغالبية العظمى من لاجئي بلاده المقيمين حالياً في الجزائر “تربطهم صلة قرابة مع أسر جزائرية، لاسيما وأن الشعبين تربطهما صلة قرابة ومصاهرة”.
وأردف بقوله “أثناء الحرب الأهلية في ليبيا بعد ثورة 2011، لجأ ما لا يقل عن 5 آلاف مواطن ليبي إلى الجزائر، الغالبية العظمى منهم يقيمون لدى أقاربهم الجزائريين، كما لجأت مئات الأسر المختلطة التي يكون فيها الأب ليبي والأم جزائرية أو العكس إلى الجزائر”.
بدوره أشار الصحفي الجزائري بوعلام فوزي، في حديثه مع الأناضول أن بلاده “رحبت بكل اللاجئين الفارين من الأزمات التي أفرزتها ثورات الربيع العربي”.
وأوضح أن “الرقم الحقيقي لهؤلاء اللاجئين في دول أفريقية أو عربية قد يتعدى 30 ألف بسبب أن السلطات الجزائرية لا تجبر في العادة اللاجئين على تسجيل أسمائهم في قوائم خاصة”.
أما سعيدة بن حبيلس رئيس الهلال الأحمر الجزائري، فأكدت في تصريحات صحفية، أمس الأول الخميس بالجزائر العاصمة، أن بلادها ليست لديها نية لترحيل اللاجئين الأجانب إلى غاية عودة الاستقرار في بلدانهم.
الأناضول