أضافت دراسة نروجية جديدة عقبة سلبية أخرى إلى سجلات مضار تدخين الوالدين على الجنين والرضيع.
إيلاف من برلين: من المعروف أن الربو هو من أكثر الأمراض المزمنة التي تنتشر بين أطفال المجتمعات الصناعية اليوم، ومن المحتمل جدًا أن تكون للأمر علاقة بالوراثة، لكن هناك العديد من العوامل الأخرى التي تعجّل من إصابة الطفل بالمرض، منها نزلات البرد ومضاعفات الأدوية وحليب الأطفال المصنع وعادات تغذية الأم والعيش في مراكز المدن…إلخ.
وتشير دراسة نروجية جديدة بإصبع الاتهام إلى الآباء المدخنين كعامل خطورة آخر لإصابة الطفل بالربو. إذ تقول الدراسة، التي نشرت في الجورنال العالمي للأبيديميولوجي، إن هذا التأثير يحصل على الطفل قبل الولادة. والأنكى من ذلك أن تعرّض الطفل لمخاطر الإصابة بالربو بسبب الأب المدخن لا تقل، وإن توقف الأب عن التدخين قبل 5 سنوات من حدوث الحمل.
كتبت سيسيليا سافانيس، من المركز الصحي الدولي في بيرغن في النروج، إن مخاطر الربو عند الطفل تتعلق إلى حد كبير بعادات الوالدين في التدخين والشرب.
وتوصلت الباحثة وفريق عملها إلى أن تدخين الوالد يضاعف مخاطر إصابة الطفل لاحقًا بالربو ثلاث مرات. وهذا واضح عند مقارنة أطفال الآباء غير المدخنين بأطفال الآباء المدخنين، وهذا يفرض على الآباء مهمة أخلاقية كبيرة في الحفاظ على سلامة الطفل.
تحليل بيانات 24 ألف طفل
توصلت سافانيس إلى هذه النتائج بعد تحليل بيانات 24 ألف طفل ومقارنة مخاطر تعرّض أطفال المدخنين بأطفال غير المدخنين من الآباء.
وشملت الدراسة عادات أهالي الأطفال في التدخين، وكلهم من البلدان الإسكندنافية وإيستلاند. وركز الأطباء في بحثهم على عادات تدخين الآباء قبل حصول الحمل بالعلاقة مع إصابة الطفل بالربو المبكر غير الحساسي.
الغريب في النتائج التي توصلت إليها سافانيس وفريق عملها هو أن تدخين الوالد قبل حصول التخصيب (الحمل) يضاعف خطر إصابة الطفل بالربو الطفولي المبكر 3 مرات مقارنة بأطفال غير المدخنين، إلا أن تدخين الأم قبل الحمل لم يضاعف هذه المخاطر.
وترتفع مخاطر إصابة الطفل الربو المبكر بالعلاقة مع عادات تدخين الأب وعدد السجائر التي يدخنها، بل وعدد السنين التي قضاها يتنفس النيكوتين. وهكذا كانت المخاطر في أقصاها عندما يكون الأب بدأ حياته التدخينية وهو في عمر 15 سنة، ولا تقل هذه المخاطر إذا توقف قبل خمس سنوات من الحمل عن التدخين.
يضر بالمني
ورجّح فريق العمل أن امتداد ضرر التدخين إلى الطفل بعد ولادته بقليل من الأب يتعلق بضرر المواد السامة في الدخان على المني.
وقالت سافانيس إن ضرر التدخين الجيني على المني معروف، ولكن أن يتعلق بالوالد فقط، وأن يسبب الربو الطفولي المبكر، فهذا شيء جديد توصلت إليه. مع ملاحظة أن مثل هذا التأثير الجيني قد يؤثر على كامل عملية نمو ونضوج الطفل لاحقًا.
تحدثت الباحثة في الجورنال العالمي للأبيديميولوجي عن تجارب عديدة على الحيوانات تثبت إمكانية انتقال الأضرار الجينية من الوالدين إلى الطفل بطريقة النشوء اللابنيوي (epigenetic). وهذا قد يفسر كيفية انتقال “بيئة” الأب وعاداته إلى الطفل قبل ولادته.
المحيط يؤثر في سلوك الأطفال
تشير إحصائية معهد الأبحاث السرطانية في ألمانيا إلى أن 50% من الأطفال هم من المدخنين السلبيين بحكم تدخين أهاليهم داخل البيت.
ونشرت وزارة الصحة الألمانية تقريرًا يشير إلى إصابة المدخنين سلبًا من الأطفال بأمراض الجهاز التنفسي واختلال السلوك وانخفاض المستوى التعليمي للطفل في المدرسة. وذكرت ماري ونكاسبرز من وزارة الصحة أن الدراسة تحمل اسم “الأطفال المدخنون سلبيًا في ألمانيا”، وشملت عددًا كبيرًا من الأطفال.
ويؤدي تدخين الأم الحامل إلى تضاعف مخاطر تعرّض الطفل إلى الموت المفاجئ 8-16مرة في الأشهر التسعة الأولى من حياته.
كما ترتفع مع تدخين الأم الحامل احتمالات التشوهات الولادية، وخصوصًا “الشفة المشقوقة” 50% عند الجنين. مع ذلك تدخن 20 % من النساء الحوامل في ألمانيا، ويقل معها سن المدخنات، ويرتفع عدد الفتيات المدخنات بسرعة ليتساوى مع عدد الصبيان المدخنين. ويتحول أطفال النساء الحوامل المدخنات إلى بدناء وهم في عمر تلاميذ المدارس. هذا ناهيكم عن زيادة مخاطر التهابات الأذن الوسطى والتهاب قشرة الدماغ عند الأطفال الذين يعيشون في كنف والدين مدخنين.
إيلاف