قال الرئيس التركي طيب رجب أردوغان، اليوم الإثنين، إن العالم الغربي “يتناقض مع القيم التي يدافع عنها”، بسبب عدم ابدائهم دعما حقيقيا لتركيا اثر المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو/تموز الماضي.
وفي حوار مع صحيفة “لوموند” الفرنسية، الأول من نوعه مع الصحافة الأوروبية منذ محاولة الانقلاب، انتقد أردوغان نظرائه الأوروبيين والأمريكيين لعدم دعم الأتراك في الوقت الذي واجهت فيه تركيا عملية أكبر من كونها “هجوما إرهابيا عاديا”.
وتابع الرئيس التركي: “أحصينا 240 شهيدا و 2200 من المصابين”، مضيفا “العالم بأسره تفاعل مع الهجوم الذي استهدف مجلة “شارلي ابدو” ( مجلة فرنسية ساخرة)، وانضم رئيس وزرائنا الى المسيرة في شوارع (العاصمة الفرنسية) باريس. كنت أتمنى أن يتفاعل قادة العالم الغربي، أيضا، مع ما حدث في تركيا، أو كنت أود أن يأتون، هنا، إلى تركيا”.
وأردف: “هذا التردد تجاه تركيا، جعل العالم الغربي في تناقض مع القيم التي يدافع عنها. كان ينبغي عليهم التضامن مع تركيا التي تتوافق مع هذه القيم الديمقراطية. ولكنهم، للأسف، فضلوا ترك الأتراك بمفردهم”.
وانتقد الرئيس التركي، في هذا الاتجاه، تركيز اهتمام نظرائه الأوروبيين والأمريكيين على عملية تطهير المؤسسات العمومية والجيش التركي بدل المحاولة الانقلابية نفسها، مستطردا بالقول: “من حق الدولة أن توظف وتقيل الموظفين كما تشاء، تركيا لم تطرح، أبدا، هذا السؤال على شركائها الغربيين. نحن أدرى بمن نحتفظ وبمن نقيل”.
وردا على سؤال حول إعادة نظر محتملة في علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، دعا الرئيس التركي الاتحاد الأوروبي إلى “محاولة تصحيح” هذه العلاقة، معربا عن أسفه إزاء النهج “غير الصادق” الذي يتبعه الأوروبيون تجاه بلاده.
وفي هذا الإطار، قال أردوغان: “نحن على أبواب أوروبا منذ 53 عاما. الاتحاد الاوروبي هو الوحيد المسؤول والمذنب. لا أحد غير تركيا عومل بهذه الطريقة (…) الاتحاد الأوروبي لا يتصرف بصدق معنا”، مضيفا “نستقبل، حاليا، 3 ملايين لاجئ، في حين يبرز قلق الاتحاد الأوروبي الوحيد في عدم وصولهم (اللاجئين) إلى أراضيها”.
وحذر أردوغان، في هذا السياق، من مراجعة محتملة للاتفاق المبرم بين تركيا والاتحاد الأوروبي المتعلق بالمهاجرين، سيما بعد عدم وفائهم بإعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول إلى القارة العجوز، متابعا “اذا لم تتحقق مطالبنا، لن تكون إعادة الدخول ممكنة”.
العلاقات التركية مع الولايات المتحدة وروسيا:
وبخصوص آفاق العلاقات التركية مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، لفت الرئيس التركي، إلى قضية فتح الله غولن، الذي أصدرت السلطات التركية مذكرة توقيف في حقه، مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية بتسليمه لتركيا.
وأشار أردوغان إلى أن بلاده سلمت جميع الإرهابيين، بناء على طلب من الولايات المتحدة، دون أي دليل أو أي وثيقة، مستنكرا، في هذا الصدد، عدم تسليم الولايات المتحدة غولن، المقيم، حاليا، في ولاية بنسلفانيا الأمريكية منذ عام 1999.
وأوضح الرئيس التركي: “لقد أرسلنا 85 طردا من الوثائق للولايات المتحدة. آمل، الآن، أن يتم تسليم غولن في أسرع وقت إلى تركيا، وبالتالي، ستتبدد المشاعر المناهضة للولايات المتحدة في تركيا”.
وعلاوة على ما تقدم، انتقد أردوغان زيارة وزير الخارجية الامريكي جون كيري “المتأخرة” إلى بلاده، المقررة في الـ 24 أغسطس/آب الجاري، مضيفا “(الزيارة) متأخرة، متأخرة جدا، وهذا يحزننا. ماذا يتوجب أكثر على الأمريكيين؟ حليفهم الاستراتيجي يواجه محاولة انقلاب، وهم ينتظرون 40 يوما لزيارته. هذا صدمنا”.
وحول العلاقات التركية الروسية، ذكر الرئيس التركي أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين اتصل به لتقديم التعازي و”لم يوجه انتقادات (له) بشأن عدد العسكريين أو الموظفين الذين تمت إقالتهم”.
وبشأن الزيارة، اعتبر أردوغان اللقاء الذي سيجمعه ببوتين، في التاسع من أغسطس/آب الجاري (غدا الثلاثاء) بمدينة سان بطرسبرغ الروسية سيشكل “مرحلة جديدة” في العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن روسيا تعتبر خصم العالم الغربي.
وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، منتصف يوليو/تموز الماضي، محاولة انقلاب فاشلة نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لمنظمة “فتح الله غولن” (الكيان الموازي) الإرهابية، حاولوا خلالها إغلاق الجسرين اللذين يربطان الشطرين الأوروبي والآسيوي من مدينة إسطنبول (شمال غرب)، والسيطرة على مديرية الأمن فيها، وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة.
وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية؛ إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن، ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الانسحاب مما ساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي.
جدير بالذكر أن عناصر منظمة “فتح الله غولن” الإرهابية – غولن يقيم في الولايات المتحدة منذ عام 1999- قاموا منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات التعليمية؛ بهدف السيطرة على مفاصل الدولة؛ الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة.
الأناضول