تعتبر سوريا من البلاد المنتجة والمصدرة للقمح قبل أن تشوهها الحرب وتستغل خيراتها وثرواتها، حيث يشكل القمح الغذاء الرئيسي للسكان وتنتشر زراعته في معظم المحافظات السورية، عندما خرجت العديد من الأراضي الزراعية عن سيطرة النظام، وحرق بعضها وترك البعض الآخر أرضا قاحلة.
موسم مضى كان الخير فيه وفيراً من الأمطار، حيث توقع وزير التجارة وحماية المستهلك التابع لحكومة النظام أن إنتاج القمح لهذا الموسم كاف وليس هناك حاجة للاستيراد، إذ قدمت عروضاً للمزارعين لشراء القمح منهم، لكن سرعان ما أعلنت المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب عن حاجتها لإستيراد 200 ألف طن من القمح.
انتشر الفساد في جميع الدوائر الحكومية وعمت السرقات أرجاءها، لتتوج سرقة القمح وهو لقمة عيش السوريين في مقدمتها، حيث تكفلت شركة بنقل الحبوب إلى المخازن من المنطقة الشرقية بعد أن أعلنت حكومة النظام، عن نقل أكثر من 3 ملايين طن منها إلا أنه لم يصل إلى المخازن سوى 500 ألف طن، وذلك حسب ما جاء في صحيفة الوطن السورية، ويبقى التساؤل هنا، أين اختفى القمح؟!.
الجدير بالذكر أن المناقصة المعلن عنها لاستيراد القمح قد رست على نفس الشركة التي تكفلت بعملية النقل، والتي تم تأجيل موعد فض عروضها لأسباب غامضة مما أثار الشكوك حولها، فقد تقدمت للمناقصة 12 شركة مستوفية للشروط، والملفت للانتباه أن لجنة فض العروض قدمت تسهيلات لم تكن من صلاحياتها، كقبول عروض بغير اليورو والذي هو شرط أساسي من شروط المناقصة، منها من قدمت عروضاً بسعرين مختلفين والشرط يقتضي تقديم سعر واحد!.
كل تلك المؤشرات تدل على تواطؤ القائمين على المناقصة (وهذا ليس بالأمر المفاجئ) حيث قدمت الشركة الفائزة بالمناقصة، سعراً رخيصاً أثار جدلاً كبيراً، من هنا جاءت الشكوك بأن القمح الذي كان من المفترض، أن يتم نقله إلى الصوامع هو نفس القمح الذي سيتم شراؤه ولكن باليورو.
شعب وضع ثقته بحكومة كل همها ملء جيوبها على حساب المواطن السوري، الذي يفاجأ كل فترة بزيادة سعر ربطة الخبز مع تدني جودته أو بالأحرى انعدامها، قصص الرشوة والفساد لانهاية لها مع غياب دور الرقابة التي تزعم مكافحة الفساد المستفحل!.
والأمر ليس بأفضل في المناطق المحررة، حيث قام العديد من المزارعين ببيع محصول القمح لأشخاص تبين فيما بعد أنهم تجار أزمات فقد قاموا ببيعه بأسعار مضاعفة عبر تهريبه لدول الجوار ومنها تركيا، في وقت تعجز الحكومة المؤقتة عن شراء مجمل كميات القمح من المزارعين بسبب ضعف الإمكانيات.
تكفل الهلال الأحمر القطري بمشروع دعم وتحفيز الزراعة في الشمال السوري المحرر، بتكلفة 1,2 مليون دولار أمريكي من أجل الموسم القادم.
والهدف من المشروع تشجيع الفلاحين على العودة لزراعة أراضيهم، بعد تركها بسبب صعوبة تأمين مستلزماتها، وإيجاد فرص للعاطلين عن العمل في مجال الزراعة وتنمية الموارد لتخفيف العبء عن المنظمات الإغاثية.
“حاميها حراميها” عبارة تليق بمسؤولي النظام القابعين خلف مكاتبهم، والمتآمرين على الشعب السوري، حارميه من حقوقه ليدفع بدوره فاتورة سرقتهم وأعمالهم الجشعة.
المركز الصحفي السوري – سماح خالد