بمناسبة الذكرى العاشرة للانتفاضة السورية، يناقش السفير الفرنسي السابق في سوريا “ميشيل دوكلوس” بحسب ما ترجم المركز الصحفي السوري عن موقع ” “The Syrian Observer” اليوم الأربعاء 17 آذار/مارس تجربته في العمل في سوريا ويقدم وجهة نظر دبلوماسية حول الصراع السوري.
اتمتة السجل العقاري هل ستساهم بخسارة الأملاك وتثبيت التزوير؟ ماهي الآلية لمراجعة الملكيات؟
سياسة بشار الأسد الخارجية قبل عام 2011.
في حديثه عن سياسة الأسد يقول دوكلوس إنّ نموذج الأسد هو أولاً وقبل كلّ شيء “نموذج الدولة البوليسية” فقد كانت أولوية الدولة قبل الانتفاضة الإبقاء على قبضتها على الأغلبية السنية التي اعتبرتها عدائية عنيدة باستخدام أدوات القمع.
في عهد حافظ الأسد، استفادت سوريا من القدرة على إحداث مشاكل من خلال علاقاتها مع منظمات إرهابية متعددة، ومقاومتها الزائفة ضدّ إسرائيل وسيطرتها على لبنان وازدهر النظام في ظلّ الحماية الإيرانية الإسرائيلية المزدوجة فيما لم يكن الروس مرئيين في تلك الأوقات ولكن كان لهم حضور أيضاً.
بعد غزو العراق واغتيال رفيق الحريري وجد الأسد نفسه معزولاً وفرح كثيراً عندما عاد إليه الألمان والفرنسيون في عهد الرئيس “ساركوزي” دون أن يضطر لتقديم أي تنازلات ذات مغزى.
وعن سحب الدول الغربية سفراءها عام 2012 يقول دوكلوس أنّ الهدف من ذلك كان الضغط على النظام لتقديم تنازلات للمعارضة، فإنّ الدول الغربية قررت عدم استخدام العنف كما فعلوا في ليبيا وإنما أفعال رمزية كإغلاق السفارات وفرض عقوبات ومن ثمّ دعم المعارضة.
أمّا فيما يخص إعادة العلاقات مع نظام الأسد فيرى دوكلوس أنّه لا يجب التعامل مع ديكتاتور ارتكب جرائم جماعية ومن غير المجدي التفكير بأن الحوار مع نظام الأسد سيكون مثمراً فقد حاولت فرنسا ذلك مراراً وتكراراً دون تحقيق أيّ شيء.
بالنسبة لتدويل الصراع السوري يقول دوكلوس إنّ التوجه الأمريكي يتمحور حول العراق وإيران والخليج أمّا سوريا فهي مصدر قلق ثانوي، لكنّ لها أهمية خاصة بالنسبة لإيران لأن وجود ممر شيعي إلى البحر المتوسط يمثل مكسباً استراتيجياً لطهران حسب وجهة نظره، أمّا روسيا فقد شاركت في الصراع عام 2015 بعد أن أدرك بوتين أنّ الولايات المتحدة ستترك المجال له مفتوحاً.
وتركيا تدخلت أيضاً في الصراع ولكن بسبب حقيقي يهدد مصالحها الخاصة بشكل مباشر من خلال احتمال ظهور دولة كردية صغيرة وتدفق اللاجئين وخطر الإرهاب.
أما أمريكا فقد بررت تقاعسها بالقول في ذلك الوقت أنّ تغيير أيّ نظام كان نهجاً سيئاً أوقعهم في جميع أنواع الكوارث على مدار العقود الماضية، ويضيف دوكلوس بأن أوباما أنقذ رأس النظام مرتين على الأقل، الأولى عندما سمح للهجمات الكيماوية عام 2013 أن تمر دون عقاب، والثانية عندما قصفت القوات الجوية الأمريكية مجموعات مسلحة كانت تهدد الساحل السوري معقل طائفة رأس النظام عام 2015.
عن توقعاته في إمكانية الاتفاق بين أطراف النزاع الدولية أجاب دوكلوس أنّه لا يمكن نظرياً أو عملياً أن ينشأ حل النزاع إلا من توافق المصالح بين القوى الرئيسية المعنية ومن غير المحتمل أن يتحقق اتفاق بين جميع القوى لذلك سعت الجهات الفاعلة الرئيسية إلى اتفاقات جزئية.
ويضيف دوكلوس إنّ من يميل إلى تسليط الضوء على نجاحات النظام سوف يلاحظ أنّ النظام لا يسيطر إلاّ على مساحات ضئيلة جداً من سوريا “المفيدة” وقد يكون استمراره مفيداً لكلّ من الروس والإيرانيين ولكن لا أحد يعرف ما إذا كان سينجو من تغيير في الرأي لواحد آخر من الذين يساندونه، وحتى إسرائيل التي لطالما حرصت على بقاء ما تصفه بــ “الشيطان الذي تعرفه” بالسلطة لم تفهم أنّ بشار لم يعد ذلك الشيطان لأنه عمل على عكس والده وسمح بوجود إيراني هائل في سوريا، وربما تدرك إسرائيل ذلك أيضاً.
أجاب دوكلوس حول توقعاته بشأن تعامل إدارة بايدن مع القضية السورية بأنّ التوقعات هزيلة فالشرق الأدنى بشكل عام وسوريا بشكل خاص ليسا من أولويات هذه الإدارة فأغلب مسؤوليها كانوا ضمن إدارة أوباما الذي عمد في وقت مضى إلى كسب الإيرانيين من خلال عدم مضايقتهم في سوريا.
من جهة أخرى ينظر بايدن إلى روسيا كخصم استراتيجي ومصلحة روسيا في سوريا الآن هي الحفاظ على الوضع الراهن ومحاولة إضفاء الشرعية على رأس النظام من خلال انتخابات زائفة وإعادة قبوله في جامعة الدول العربية وتطبيع علاقات سوريا مع جيرانها وتمويل إعادة الإعمار من دول الخليج.
يؤكد دوكلوس أنّه من أجل التوصل إلى تسوية دولية يجب تحديد مسارين للعمل، أولاً يجب وصف رأس النظام “بشار الأسد” بشكل قاطع بأنّه منبوذ دولياً وثني الدول العربية وبعض الدول الأوروبية عن تطبيع العلاقات معه، وثانياً هو دعم المجتمع السوري بشكل كامل رغم صعوبة ذلك داخلياً لأن 80 بالمائة من السوريين يعيشون في فقر مدقع، فيجب مطالبة وكالات الأمم المتحدة وأوروبا مضاعفة دعمها للسوريين العاديين بما فيها مناطق سيطرة النظام دون السماح له بتحويل المساعدات لتحقيق مكاسبه الخاصة كما هو الحال الآن.
ويجب أيضاً دعم اللاجئين في البلدان الأخرى كفتح المدارس وتقديم المنح للسماح للاجئين الشباب بالدراسة وضمان الاندماج المناسب لملايين اللاجئين السوريين مع تشجيعهم على الحفاظ على ولائهم لبلدهم الأصلي.
اختتم دوكلوس حديثه بأن الصورة التي كانت في أذهان الناس حول السوريين قد تغيرت وتشكلت صورة أخرى فغالباً ما يندمج السوريون دون صعوبة ويظهرون شجاعة كبيرة في الشدائد والكثير منهم ناجحون، فهم أناس منفتحون وأذكياء ويتمتعون بمرونة استثنائية.
محمد المعري
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع
رابط المقال الأصلي