منذ بداية الثورة، ركزت القوى الديمقراطية السورية على قضيتين رئيستين هما:
– أن إطالة الأزمة لن يفيد أحدا غير الأصوليين المتطرفين ، الذين سيفيدون من خطط النظام لتحويل ثورة الحرية إلى اقتتال مذهبي بين قوى معادية للديمقراطية، وسيتمكنون من إضعاف التوجهات والقوى السلمية والمدنية ،وانتزاع زمام قيادة الصراع ضد النظام منها .
– أن الطريقة الوحيدة لقطع الطريق على هذا التطور الخطير على سورية والنظام الدولي تكمن في مساعدة الديمقراطيين السوريين على خوض معركة ناجحة لإسقاط النظام السوري المستبد، لأن إسقاطه سيضعف فرص الأصولية ، وسيحول دون توطيد وجودها ودورها في بلاد تحتل موقعا استراتيجيا مهما من العالم، تتنافس فيها قوى ومصالح عربية وإقليمية ودولية يهدد صراعها المفتوح ليس فقط سورية وثورة الحرية القائمة فيها، بل كذلك أمن وسلام العالم .
واليوم ، وبعد ضياع أكثر من ثلاثة أعوام من الحيرة والتخبط ، يصل المجتمع الدولي إلى الاقتناع بما كانت قوى الديمقراطية السورية تطلبه بإلحاح: لا تجعلوا الأزمة تطول كي لا نواجه نحن وأنتم صعوبات متعاظمة سيتطلب التغلب عليها دفع ثمن متزايد من دمائنا كسوريين ومن أمنكم وسلامكم كمجتمع دولي. دافعوا عن مصالحكم بالسلاح الذي تقدمونه لنا ، والذي سنحمي بواسطته شعبنا ودولتنا ونضمن أمنكم وسلامكم، وإلا وجدتم أنفسكم لا محالة أمام خيارين لا مهرب لكم منهما : إرسال جنودكم لخوض الحرب ضد الإرهاب في بلداننا ، أو مقاتلته في بلدانكم .
لم يعد هناك وقت نضيعه أو خيارات نجربها : هذا هو اليوم الخيار السوري المطروح على السياسات الدولية ، فإما أن نقاتله هو ونظام الأسد بمعونتكم ، أو أن نعجز عن احتواء الظاهرة الإرهابية التي ستشهد صعودا عاصفا ، بينما يوطد النظام أقدامه ويبتزكم بواسطتها ، فتجدون أنفسكم في وضع لا تحسدون عليه ، سيجبركم على مواجهة الإرهاب بصورة مباشرة : عندنا أو عندكم .
أعتقد أن مواجهة الإرهابين: السياسي والأصولي بأيدي السوريين، ليست فقط أفضل الخيارات المتاحة ، بل هي أيضا الخيار الوحيد الممكن بعد ثلاثة أعوام من الفشل.
كنا نعتقد إلى الأمس القريب أن مصير الشعب السوري وحده سيتقرر في الصراع بين الحرية من جهة والاستبداد السياسي والأصولي من جهة أخرى. أما اليوم ، فلا بد من القول: إن مصير المجتمع الدولي سيتقرر أيضا في سورية ، فإما أن يواصل سياساته الفاشلة ويجد نفسه في مواجهة مخاطر تقتحم بلدانه، أو أن يبادر إلى إعطاء الشعب السوري ما هو بحاجة إليه من عون، فيضمن أمنه ، وينال السوريون حريتهم .
ميشيل كيلو