شكل الدعم الروسي العسكري في سوريا تساؤلات كثيرة لما يترتب عليه من نفقات اقتصادية في وقت يعاني به الاقتصاد الروسي من أزمة حادة دون وجود أي معلومات دقيقة حول الميزانية التي اعتمدتها روسيا لهذا الدعم. صرحت نائبة رئيس شركة ستراتفورد الأمريكية المتخصصة بالاستخبارات الجيوسياسية ريفا بهالا:” إن موسكو لن تكون قادرة على تحمل النفقات لأكثر من أربعة أشهر، حيث تبلغ تكلفة الغارات الجوية والطلعات غير القتالية نحو مليوني دولار يوميا على الأقل” بحسب موقع الجزيرة. شنت القوات الروسية777 طلعة جوية في سوريا منذ أول عملية قامت بها في 30 أيلول الماضي حتى 19 تشرين الأول الجاري، وبحسب القانون الدولي فإن الدولة التي تقرر شن أي حملات عسكرية خارج إطار مجلس الأمن تتحمل كافة التكاليف المادية أو الدولة التي طلبت منها التدخل، ومن المعروف أن اقتصاد النظام السوري بات منهارا بالكامل وغير قادر على تغطية نفقات الطلعات الروسية. رغم تعتيم موسكو وعدم رغبتها بالتصريح عن حجم النفقات إلا أنه يمكننا المقارنة بين الأرقام التي صرحت عنها واشنطن من خلال عملياتها العسكرية التي قامت بها على تنظيم الدولة في العراق وسوريا منذ أكثر من عام.
حيث قدرت تكاليف الغارات لستة أشهر متواصلة بمليار دولار أمريكي، كما وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن تكلفة طلعة طائرة واحدة من طراز إف_16 تتراوح بين 22و30 ألف دولار للساعة الواحدة، وتكلفة كل قنبلة تقوم بإسقاطها حوالي 20 ألف دولار. وبحسب موقع جينز البريطاني للنشر الدفاعي فإن متوسط وجود المقاتلات الروسية في الأجواء السورية 90 دقيقة فتنفق بذلك خلال 24 ساعة ما يقارب 710 آلاف دولار بالإضافة ل750 ألف دولار ثمن الذخائر والصواريخ المستخدمة والتي تعتبر من الأحدث من نوعها. بالإضافة إلى أجور شحن الأسلحة ونقل المعدات والجنود إلى مطار حميميم بجبلة الذي اتخذته قاعدة عسكرية لها بعد أن قامت بتوسيعه وشراء الأراضي المحيطة به بأضعاف أسعارها الحقيقية لتقوم ببناء مدرج لاستقبال طائراتها، حيث قام الضباط الروس باستبدال أجهزة الرادار القديمة بأجهزة ومعدات حديثة لتضاف إلى قائمة النفقات التي تبلغ 440 ألف دولارو200 ألف دولار مصاريف السفن الروسية الموجودة على السواحل السورية، و250 ألف دولار للعمليات اللوجستية والاستطلاع والاتصالات وغيرها بحسب صحيفة الشرق الأوسط.
والسؤال الذي يفرض نفسه ما هدف روسيا من هذا التدخل رغم أن اقتصادها يأخذ بالتراجع بعد العقوبات الدولية التي فرضت عليها ويرجع بعض المحللين ذلك لرغبة روسيا باستعادة هيبتها وبروزها كدولة عظمى في المنطقة والضغط على الدول الأوروبية لرفع العقوبات عنها. ترى إلى متى ستصمد روسيا عسكريا في سوريا وهل ستحقق أهدافها في المنطقة أم انها ستعود أدراجها لتكبل نفسها خسائر اقتصادية جديدة دون جدوى. سماح خالد