تعددت طرق الموت بين السوريين فلم يعد المواطن السوري يموت قصفاً أو جوعاً أو غرقاً فحسب، بل أصبح الموت بالجلطات يتزايد بشكل ملحوظ نتيجة الحالة النفسية السيئة للسوريين، فقد ارتفعت نسبة الجلطات القلبية والدماغية بين الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين ال16 و40 عاما داخل سوريا وخارجها بسبب الحرب الدائرة في البلاد إثر معاناتهم من القهر والحزن الشديد على ما فقدوه في بلادهم ونزوحهم خارج منازلهم داخل البلاد وفي دول اللجوء.
“حسن” شاب أربعيني من حلب لم يكن يعاني من أي مرض قبل الحرب، تقول زوجته: ” بعد أن أفلس وخسر كل ما يملك بسبب سرقة الآلات من مصنعه في الشيخ نجار أصبح حزيناً و صامتاً طوال الوقت إلى أن تعرض لجلطة قلبية بشكل مفاجئ”.
كان نبأ جلطة شاب في السابق أمراً نادراً وغريباً في سوريا قبل الحرب، إلا أن هذه النسبة ارتفعت بعد الأزمة لينخفض معدل عمر السوريين، حيث بات متوسط أعمارهم لا يتجاوز ال55 عاما في عام 2014فيما كان قبل أربع أعوام بمعدل 79 عاماً حسب آخر إحصائية للأمم المتحدة، وذلك بسبب الأزمات الاقتصادية والقصص المأساوية التي مرت على السوريين وأسرهم خلال فترة الحرب، فقد احتلت الجلطات القلبية والدماغية المرتبة الأولى لتحصل على نسبة 60 بالمئة من بين الوفيات الطبيعية لتأتي بعدها الأمراض السرطانية بالمرتبة الثانية، وذلك بحسب تصريح نقيب الأطباء في سوريا.
كما تم تسجيل 13 حالة وفاة في ألمانيا وحدها بين اللاجئين السوريين تراوحت أعمارهم بين 19 و26 وجميعها كانت بجلطات قلبية من بينهم ستة أطباء لا يدخنون ولا يشربون “الأركيلة”، وهما السببان الرئيسيان في الجلطات القلبية والدماغية، وذلك حسب ناشطين سوريين في ألمانيا، و أكدت التقارير بعد تشريح البعض من قبل أطباء ألمان أن الجلطات حدثت نتيجة الضغط النفسي والعصبي.
ياسر أخ شاب سوري من ريف دمشق توفي بجلطة دماغية في مصر يقول : ” توفي أخي بجلطة دماغية بسبب القهر والحزن لفقدانه زوجته وطفليه تحت البراميل في سوريا وعلى الرغم من مرور سنتين على الحادثة إلا أنه لم ينس مشهد أشلائهم”.
وعلى الرغم من عدم وجود إحصائية دقيقة لعدد الوفيات بالجلطات إلا أن الأطباء يؤكدون تزايد نسبة الوفيات بالجلطات بشكل ملحوظ بعد الأزمة.
وقد سجلت في دول اللجوء ” مصر و لبنان وتركيا والأردن ” عدة وفيات بالجلطات وتم دفنهم في تلك الدول نتيجة صعوبة نقل جثامينهم لسوريا بسبب كثرة الحواجز والوضع الأمني المتردي في سوريا.
و وفق منظمة الصحة العالمية أن نحو 17.3 مليون نسمة يقضون نحبهم جراء الأزمات القلبية سنويا في العالم ما يمثل 3بالمئة من مجموع الوفيات ومن المتوقع وفاة 23 مليون شخص بسبب الأمراض سنويا.
وهذا يدل على عدم ارتياح السوريين أينما هربوا، فقد حملوا معهم آلامهم وجراحهم في قلوبهم محاولين متابعة حياتهم بشكل طبيعي، إلا أن ذاكرتهم لم تستطع تجاهل ما حدث ويحدث في بلدهم سوريا، الأمر الذي يؤكد أن السوريين لم يدفعوا أملاكهم فقط ثمنا للحرب بل دفعوا أعمارهم أيضاً.
سلوى عبد الرحمن
المركز الصحفي السوري