«القدس العربي»: كان يوماً عصيباً أمس الاثنين 12 يونيو/حزيران على كتاب النظام، ومن يحذون حذوهم، فقد كان مطلوباً منهم بذل مزيد من الجهد لغسل أدمغة الجماهير، وفيما يرى البعض أن «الكذب» من مفسدات الصيام.. إلا أن كثيرا من الإعلاميين لا يرون في ما يقومون به من فبركة وقلب للحقائق في القضايا الكبرى كذباً، بل بمثابة دفاع عن الدولة في وجه مؤامرات أعدائها.
في بداية حكم الرئيس السيسي كان يواجه عدواً واحداً هم الإسلاميون، ومع مرور الأيام تناسل خصومه، وباتوا أكثر من أن يحصوا، واللحظات الراهنة تكشف بجلاء عن المأزق الذي قاد إليه البلاد، بشأن مآلات قضية الجزيرتين اللتين يصر النظام على تسليمهما للسعودية قريباً، فقد ادخل مؤسسات الدولة الأهم «القضاء والبرلمان» في مواجهة تفضي إلى انقسام مجتمعي خطير، فضلاً عن القضاء على هيبة الدولة وزعزعة شرعيتها.
وفي الصحف المصرية الصادرة أمس، نزع بعض كتاب السلطة عن أنفسهم رداء الخوف والحرج السياسي، وهاجموا الحكومة لأنها قررت تسليم الجزيرتين للسعودية، في ما بات الاتهام الذي يلاحق المقام الرئاسي يتمثل في أنه تراجع عن وعوده السابقة بالحفاظ على الوطن وسلامة اراضيه. أما إذا حاولنا البحث عن أبرز المستفيدين من وراء تلك القضية، التي يحلو لخصوم النظام أن يطلقوا عليها صفقة بين القاهرة والرياض، فبالتأكيد هو الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي تجري جرجرته كل أسبوع تقريباً للمحاكم، بتهم باتت محفوظة عن ظهر قلب. أما السبب الذي يجعل الرجل يتنفس الصعداء في سجنه، فيتمثل في أن ما كان يرمى به من تهم بالشبهات حول سعيه للتنازل عن الأرض للسودان وحركة حماس، أثبتت الأيام أنها محض أكاذيب، فيما بات الاتهام نفسه يوجه لمن تبوأ مقعده. الفارق الوحيد أن المعزول غادر إلى سجنه ولم يتنازل عن شبر من الأرض، فيما الحقيقة المؤلمة الآن يندد بها أنصار الرئيس شخصياً. في صحف الأمس كان الاهتمام الأبرز بقضية تيران وصنافير، التي بدأ البرلمان مناقشتها متجاهلاً أحكاما قضائية قضت ببطلان تسليمهما للسعودية. كما استمر التراشق حول الأزمة في الخليج، والحديث عن مزيد من ارتفاع أسعار السلع، وامتحانات الثانوية التي شهدت فصولاً مأساوية بسبب انتحار طالبين لإخفاقهما في الإجابة على الاسئلة وإلى التفاصيل:
عواد باع أرضه
المعارك على تسليم الجزيرتين تتصاعد ويشارك فيها أشد أنصار السيسي، منتقدين قرار تسليمهما للرياض ومنهم، حمدي رزق في «المصري اليوم»: «أليس بينهم رجل رشيد ينظر عاقبة الأمور. من يظنها معركة جزيرتين واهم، المعركة إسقاط نظام السيسي بأكمله، ومن لا يرى الوجوه القبيحة المركوبة إخوانيا تتصدر الواجهة مجددا وترسم نفسها أبطالا، المرابطين في مواجهة المفرطين، يبقى البعيد أعمى أول السقوط، ونحن نصرخ ليل نهار بحديث المؤامرة، وإسقاط النظام ومؤامرات الإخوان والتابعين، من العته والخبل السياسى العبث في قضية مصيرية مثل مصرية الجزيرتين، هل هناك نظام محاصر على هذا النحو، من الأربع جهات، وتتكالب عليه الأكلة تكالبها على قصعتها، ويسلم للإخوان والتابعين وتبع التابعين بأسباب يرومونها لنهش عرضه، تخيل من حرر البلاد من ربقة الاحتلال الإخوانى البغيض، وأعاد مصر كاملة للمصريين، وأغار على المعتدين خارج الحدود مرات، أصبح في دعايات المركوبين إخوانيا عواد وباع أرضه، وحتى لا يظن بنا سيّئو الظن الظنون، القضية لا تختصر أبدا في الإخوان وتابعيهم، حقيقة فيه ناس كتير محترمين بجد، ومفجوعين بجد في قضية الجزيرتين، وهؤلاء ليسوا إخوانا ولا تابعين ولا سلفيين ولا حتى ناشطين معروفين، ويكرهونهم كراهية التحريم، ناس كتير عاديين، ومحبين للسيسي ومتعاطفين جدا، لكنهم كارهون للاتفاقية، وفي قرارة أنفسهم ما بني على باطل فهو باطل، وعليه إحالتها لمجلس النواب باطل، كمن يحيل العدم في الفراغ ويرون، حقاً، يجب احترام حكم القضاء، القضية أخذت مسارا قضائيا معتبرا، والأحكام صدرت تباعا في مواجهة الحكومة، حتى بلغت نهاية الشوط بتقرير ما هو ثابت تاريخيا وعسكريا، قطعت بمصرية الجزيرتين عجبا الحكومة المصرية تناضل من أجل سعودية الجزيرتين».
المستفيد إسرائيل
لماذا تصر سلطة السيسي على التنازل عن الجزيرتين؟ «الشعب» اهتمت بالقضية: «إسرائيل هي المستفيد الأول على المستوى العسكري والتجاري من تبعية الجزيرتين للمملكة العربية السعودية، وهذا ما أكدته الدكتورة علياء المهدى- عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة في جامعة القاهرة، حيث قالت إن: «أول وأهم مستفيد من إعلان تبعية الجزيرتين للسعودية، هي إسرائيل، لأنه بوجود أكثر من دولة تتقاسم الإشراف على ممر تيران يتحول لممر دولي، ولا يحق بذلك لمصر منع أي سفينة إسرائيلية أو غيرها من المرور به. وأضافت أن: «هذا الوضع سيسمح للكيان الصهيوني بمد قناة من البحر الأحمر إلى المتوسط موازية لقناة السويس، ولا تستطيع مصر منع أي سفن متجهة لإسرائيل من المرور بها. وفي فترة قصيرة ممكن أن يتضآل دور قناة السويس الملاحي بشدة، وكل ذلك يمثل أداة ضغط اقتصادي على مصر في المستقبل القريب. تجدر الإشارة إلى أن مجلس النواب بدأ يوم الأحد، 11/6/2017، إجراءات البحث عن تمرير اتفاقية العار «تيران وصنافير المصريتين» للتنازل عنهما لصالح السعودية، كان السيسي وقع اتفاقية التنازل عن الجزر في أبريل/نيسان 2016 مع العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، أثناء زيارته لمصر، فيما أحبط القضاء الإداري هذه الصفقة، ولكن أصرت حكومة العسكر وبرلمانه على التنازل رغم حكم القضاء».
لماذا لا يغار على بلده؟
أي مواطن غيور على استقرار البلد وأمنه، إذا عجز عن وقف الاندفاع نحو تمرير الاتفاقية، فالحد الأدنى لاحترام شعوره أن يؤجل عرضها على البرلمان إلى ظرف أهدأ وأكثر احتمالا للصدمة، هذا ما يراه فهمي هويدي في «الشروق»: «ربما وفّر ذلك فرصة لتحقيق التوافق وامتصاص الغضب، من خلال حل مبتكر. ورغم شعوري بالاستياء جراء إصدار قانون الجمعيات الأهلية الجائر، إلا أن كثيرين لاحظوا أنه حين أحدث عرضه على البرلمان دويه في المجتمع الرافض له، فقد تم تأجيل إصداره مدة ستة أشهر، ثم فوجئنا به يطل علينا ذات صباح. وإذا تم ذلك في شأن يهم الناشطين والطبقة السياسية، فأولى أن يحدث مع قضية تخص التراب الوطني وتمس مشاعر المصريين باختلاف فئاتهم وأطيافهم. إن عرض الموضوع على البرلمان تمهيدا لتمريره، من شأنه أن يرتب تداعيات وآثارا جانبية لا قبل لمصر بها، فضلا عن أنه يحمل المجتمع بتبعات لا قبل لصبره عليها، وليس بوسعي أن أرصد تأثير هذه الخطوة وتفاعلاتها في الجزء الغاطس من المجتمع، إلا أننا نستطيع أن نتحدث عن مؤشرات تلوح في الأفق المرئى والمرصود، منها ما يلى أن عرض الموضوع على البرلمان يمثل تحديا سافرا لسلطة القضاء، وإهدارا لقيمة القانون، هو أيضا تعبير عن الاستهانة بالرأي العام وعدم الاعتداد به، رغم رسائل الرفض التي لم تعد تخطئها عين. لا يستبعد والأمر كذلك أن يستغل الموقف لإذكاء وتيرة العنف، باعتبار أن التحرك السلمي والمعالجة القانونية ما عادت لهما جدوى. الاحتمال كبير أن يعمق ذلك الفجوة ويضعف الثقة بين السلطة والمجتمع. وحين تكون القوات المسلحة هي القائمة على أمر السلطة، فيخشى أن تمتد الآثار السلبية إلى تلك الدائرة. من شأن تمرير الاتفاقية الإجهاز على النزر البسيط من الثقة المتبقية في البرلمان، بحيث يصبح بمثابة إشهار لموته. الميزة الوحيدة لما يجري أنه يمثل ضربة قوية للقوى الوطنية المصرية ربما تدفعها للإفاقة».
التفريط خيانة
نبقى مع الجزيرتين ومحمد عصمت في «البديل»: «تجاهلت هذه الحملة الإعلامية المنوط بها تسويق مزاعم سعودية الجزيرتين، عشرات الوثائق والأدلة المعتبرة، التي استندت إليها المحكمة الإدارية العليا في حكمها بمصرية الجزيرتين، ومنها ما يتعلق بخريطة 1906 بين مصر والدولة العثمانية، واتفاقية قانون البحار، التي تؤكد انتماء تيران وصنافير لشبه جزيرة سيناء، وأحكام محكمة العدل الدولية في النزاع بين النرويج والدنمارك عام 1933، وتطبيق حكومات مصر كل اللوائح الخاصة بالدولة المصرية على الجزيرتين منذ عام 1881، منها المتعلقة بتطبيق إجراءات الحجر الصحي عليهما، والجمارك عام 1884، إضافة إلى طباعة وزراة المعارف منذ عام 1922 أطلس لخرائط العالم، ليتم تدريسه في المدارس المصرية ويضم جزيرتي تيران وصنافير ضمن الأراضي المصرية، بالإضافة أيضًا إلى وثائق تعود لوزارتي الحربية والمالية في الخمسينيات من القرن الماضي، تفيد بوجود قوات مصرية على الجزيرتين، وتخصيص موارد مالية لهذه القوات، وغير ذلك الكثير الذي يمكن الرجوع إليه في حيثيات حكم المحكمة، التي لا تدع أي مجال للشك في مصرية الجزيرتين ما بين مزاعم الحكومة وحكم المحكمة، لا يمكن فهم مسار الأمور بدون رصد ثلاث ملاحظات مبدئية، أولها: عدم احترام الإجراءات الدستورية كافة فيما يتعلق بقضية الجزيرتين، سواء بعدم توقيع الرئيس السيسي بداية على اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، رغم نص الدستور الواضح في هذا الشأن، أو إصراره على المضي في اتخاذ هذا القرار الخطير بالتنازل عن الجزيرتين، رغم الانخفاض الحاد في شعبيته، الذي لا يؤهله لاتخاذ قرارات مصيرية من هذا النوع. ثانيا: الاستخفاف الواضح لدى صناع القرار في مصر بأي صدام محتمل بين السلطتين التشريعية والقضائية، وبمصير الاتفاقية، إذا أقرها البرلمان، كما هو متوقع، ثم صدور حكم مثلًا بحل البرلمان، خاصة إذا كان قد تم بالفعل تسليم الجزيرتين للسعودية».
إعلاميو النظام موعدهم القيامة
نتحول نحو مشاهد يوم القيامة التي استمدها محمود خليل في «الوطن» من سورة الواقعة: «عندما تقع الواقعة ينقسم البشر إلى فرق وتكتلات، كل منهم يفارق الآخر في السمات والتفاصيل والتوجهات، يقول الله تعالى واصفاً حال البشر بعد أن تقع الواقعة: «وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً»، والأزواج الثلاثة كما تفصلهم الآيات الكريمات هم مجموعة «السابقون»، وهم كثرة من الأولين وقليل من الأجيال التالية، وأصحاب الميمنة وهم كثرة في كل جيل، وأصحاب المشأمة وهم بلا عدد (من كثرتهم بالطبع)، كذلك ينقسم الناس عند وقوع أي واقعة أو حدث يزلزل كيانهم إلى ثلاث فرق: الفرقة الأولى وهى القلّة التي تحاول رد الأمور إلى نصابها وإعـــــادتها إلى أوضــــاعها الأصلية الصحيحة، وكثرة تبحث عن فائدة أو مصلحة أو جائزة في ما يحدث، فتجتـــهد في اســتثمار حالة الارتباك التي تصيب الناس بعـــد أن يرجّ الحدثُ الكبيرُ حياتَهم، وتسعى سعياً حثيثاً نحـــو الحصـــول على ما يمكـــنها من مكاسب وغنائم، أما الغالبية فهـــى تنظر إلى ما يحدث دون اكتراث، ورغم أنه من الممكن أن تكون هذه الفرقة الأكثر ضرراً، أو المسؤولة عن دفع جميع المغارم المترتبة على الحدث المزلزل، فإنها تتعامل مع الأمر بلا مبالاة. من الآيات الأخرى بالغة الدلالة في «سورة الواقعة» تلك الآية التي يقول فيها المولى عز وجل: «وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ» وهي تصف حال أقوام جعلوا من الكذب بضاعة لهم يتحصلون من ترويجه على أرزاقهم في الحياة، أمثال هؤلاء في كل عصر هم مَن يقفون وراء تلك الصناعة الخطيرة في حياة البشر: صناعة الكذب».
الله معك يا قطر
«لم يكن أحد يتصور منذ عشرة أيام فقط وفق ما يشير محمد حماد في «مصر العربية» أن القمة المسماة إسلامية أمريكية، التي شارك فيها قادة وممثلون من 55 دولة إسلامية، اجتمعوا على قلب رجل واحد هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية سيكون أول ما يتلوها من أفعال في إطار مواجهة الإرهاب موجهاً ضد دولة قطر، التي شاركت بفاعلية في القمة، ولم يكن أحد يرد في خياله أن قمة «الحزم يجمعنا» يمكن أن تكون قطر ـ وليست إيران مثلاً ـ هي التي سيجتمع عليها بعد أسبوع من القمة حزمُ أربع دول عربية، منها ثلاث دول خليجية تشترك معها في مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى مصر التي تشهد علاقتها بقطر توتراً ملحوظاً منذ أكثر من ثلاث سنوات. القمة التي نتج عنها تأسيس مركز عالمي مقره الرياض لمواجهة الفكر المتطرف تحت اسم اعتدال، وظيفته تبادل المعلومات بشأن المقاتلين الأجانب وتحركات التنظيمات الإرهابية، وكانت قطر من بين الموقعين على بيانه الختامي، الذي أكد التزام الدول المشاركة الراسخ بمحاربة الإرهاب بكل أشكاله، وتم الاتفاق بين الدول الموقعة على التصدي للجذور الفكرية للإرهاب وتجفيف مصادر تمويله، ثم فجأة وبدون سابق إنذار صارت دولة من الموقعين على بيان الرياض دولة راعية للإرهاب، وفي تطور حازم ولافت وسريع ومفاجئ، تم إعلان حصارها من البر والبحر والجو، وقدمت في تفسير تلك الخطوات المفاجئة الكثير من التفسيرات، وكثير منها ربما يصح، وبعضها منطقي، وبعضها الآخر تؤيده الوقائع والحوادث، ولكن ستبقى هناك حاجة إلى مقاربة أكثر شمولية من هذه التفسيرات التي ـ إن صحت ـ تظل جزئية ولا ترسم لنا الصورة الكاملة».
قطر تتمدد ومصر تنزوي
نبقى مع المسألة الخليجية وسليمان الحكيم في «مصر العربية»: «أما وأن مرحلة الفرز والغربلة في أمتنا العربية قد أوشكت على نهايتها. فقد وضح الآن من مع من ومن ضد من. ومن في مقدمة المشهد. ومن يقف في صفوفه الخلفية. فإذا بحثت عن مصر في خضم ذلك كله، وجدتها ضئيلة في خلفية المشهد تكاد لا ترى بالعين المجردة. فالاتصالات تجري هنا وهناك. ومبادرات تأتي من هناك إلى هنا والاجتماعات تعقد بين الكبار، وكأن مصر ليست طرفا في المسألة. وكأن جيشها ورئيسها ليس على يقين حتى الآن من «مسافة السكة»، وهل هي طويلة فتترك؟ أم قصيرة فتدرك؟ وقد وضح الآن أن السعودية هي التي تجلس على مقعد القيادة، وأن دارها هي دار أبي سفيان. من دخلها فهو آمن. يبدأ خط سير الرحلة من الرياض وينتهي في واشنطن، مارا بتل أبيب. وأن مصر مدعوة لتلك الرحلة على شرف السعودية، وفي صحبتها عدد من الدويلات الصغيرة لزوم الديكور في المشهد كي يبدو في نظر الرائي مظاهرة سياسية تندد بالإرهاب، بينما هي في الواقع تعزز موقف الأسرة السعودية لدى مواطنيها، وتثبت أقدامها لديهم. في ظروف تبعث على القلق بين بحر يبدو أكثر احمرارا من ذي قبل، وخليج يظهر أكثر فارسية وأقل عروبة، والذي يثير الدهشة أن أحدا من الذين رسموا المشهد على هذا النحو لو كان قد فكر قليلا، هذا إذا كان التفكير من فضائله المعروفة، لكان قد غير رأيه وعدل عن رسمه بهذه الطريقة التي تؤدي في نهاية المطاف إلى ارتماء قطر في أحضان إيران أكثر من ذي قبل. بينما كان هدف الذين تكالبوا عليها محاصرين هو إبعادها عن إيران».
قطر وإسرائيل سواء… يا للفضيحة
ومن مبكيات المحنة الخليجية أن وزير الأوقاف ساوى بين قطر وإسرائيل ولندع محمود سلطان رئيس التحرير التنفيذي لـ«المصريون» يوضح الحقيقة: «في حين ييمم المسلمون وجوههم شطر المسجد الحرام، فإن الشيخ جمعة، عينه لا تكاد تبرح قصر «الاتحادية»، بمناسبة وبغير مناسبة، يرتل آيات الحب والود للرئيس وللأمن ولرجال القوات المسلحة. وعبثًا تحاول أن تجد سببًا لهذا الخشوع المذهل والتسابيح والموشحات المدهشة، ولكن يحسب لفضيلة الدكتور محمد مختار جمعة، أنه تحدى التوجه الرسمي للدولة التي يعمل وزيرًا فيها، بفصل الدين عن السياسة.. فهو بنفسه وبزيه الأزهري وبصفته الدينية الرسمية، يقف في قلب السياسة وعواصفها وتقلباتها، ليعيد إنتاج كابوس ما قبل 30 يونيو/حزيران، الذي ثار المصريون عليه، وانتهى بسقوط حكم التحالف الإخواني الإسلامي، بعد عام واحد من وجوده في السلطة،
تعقيبًا على العاصفة الخليجية الأخيرة، قال فضيلته في لقاء له، مع برنامج «صباح الخير»، المذاع عبر «الفضائية المصرية الأولى»، صباح 10/6/2016، إن الأمة العربية تتوحد من جديد وتعود صفًا واحدًا، كما وقفت في العاشر من رمضان صفًا واحدًا، وتمت استعادة قوة وكرامة الأمة العربية كلها، متابعًا: «ها هي تقف صفًا واحدًا قويًا في مواجهة الإرهاب والدول الراعية والممولة للإرهاب». لا يمكن لعاقل أن يرى في التشظي العربي الحادث الآن «وحدة صف».. ولا يقبل إنسان سوي الفطرة، أن يشبه دولة عربية بإسرائيل التي حطمت جيوشًا وقتلت شعوبًا واحتلت أراضي عربية وما زالت، ولا يمكن أن يتوقع حتى من متوسطي التعليم والثقافة وعوام الناس، أن يجعلوا المحنة العربية الحالية، نصرًا عظيمًا يعدل نصر أكتوبر العظيم.. إنها خفة تعوزها الحصافة والحكمة.. والتزلف للعتبات الرئاسية والأمنية المقدسة».
حتى لا يفترسنا الذئب
الأحداث المتسارعة في الخليج دفعت بالسعيد الخميسي في «الشعب» لأن ينصح الاشقاء: «هل نسيتم يوم أن تركتم العراق فريسة للذئب الأمريكي ينهش لحمه ويمص دمه، وظننتم أن الذئاب قد تشبع، فلم تشبع وسقطت بعدها سوريا وليبيا واليمن والصومال والبقية في الطريق. هل نسيتم عدوكم التاريخي الذي لا يحترم عهدا ولا وعدا؟ هل نسيتم أن النعرات القومية والحزبية والطائفية كانت سببا في هلاككم وهزيمتكم أمام أعدائكم؟ هل نسيتم أنكم عرب أقوياء أعزاء بدينكم وعقيدتكم، وليس ببترولكم وأموالكم؟ هل نسيتم أنكم لم تجتمعوا يوما واحدا على مقاطعة عدوكم، ثم تهرولون اليوم كأنكم حمر مستنفرة فرت من قسورة، لكي يقاطع بعضكم بعضا، ويقتل بعضكم بعضا، ويتآمر بعضكم ضد بعض؟ أين دينكم وإسلامكم؟ أين عزتكم ووحدتكم وقوتكم ونخوتكم وشهامتكم؟ أيها العرب: أنتم بدينكم مارد عملاق الكل منه قد فر وهرب، وبغير دينكم أنتم ظاهرة صوتية مرضية لا تسمن ولا تغني من جوع. أيها الأخوة العرب الزمن لن ينتظركم والرب لن يعذركم فوحدوا صفوفكم، واجمعوا كلمتكم وانبذوا خلافاتكم، إنما الذئب يأكل من الغنم القاصية. أوطانكم محتلة وشعوبكم معتلة ومواردكم الاقتصادية مختلة، وليس أمامكم سوى جمع الصفوف وتشابك الكفوف. فمتى تعلنوها صراحة أن إجماعكم ووحدتكم على الصحيح خير من تفرقكم على الأصح. إن المشترك بينكم أكثر من المختلف فيه. يربط بينكم عقيدة واحدة ولغة واحدة ومصالح مشتركة، بل ومصير واحد على الخير والشر والسراء والضراء. دافعوا عن دينكم وأوطانكم وشعوبكم. ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا. هذ نصيحتي لكم لوجه الله فالعدو أمامكم والبحر وراءكم ولن ينفعكم الندم إذا تقاعستم ولا الحسرة، إذا لا قدر الله فشلتم. وفقكم الله لاتخاذ القرار الصائب في الوقت المناسب».
لماذا يناصر الاسلاميون قطر؟
المعارك الصحافية على وقع الفتنة الخليجية ما زالت مزدهرة، ومن أبرز تجلياتها الهجوم على الإسلاميين لكونهم في نظر خصومهم يناصرون قطر، وفي هذا السياق كتب محمد ابراهيم الدسوقي في «الأهرام»: «الإجراء المصري ضد التدخلات القطرية يستلزم منا جميعا، كجبهة داخلية، كل مساندة وتفهم، ولا مجال للصمت المريب الذي ساد أوساط الإسلاميين، وعلى رأسهم السلفيون الذين لم يُسمع لهم حس ولا خبر في هذه القضية، وكأنها غير جديرة ولا مستحقة التعليق عليها ودعمها، وفضلوا كعادتهم الأثيرة أن يصمتوا ويتجاهلوا الموضوع فما مغزى ودلالة التجاهل؟ معناه ابتداء، أنهم غير موافقين أو مرحبين بالخطوة المصرية والعربية، التي جاءت على غير هواهم وتوجهاتهم، ويحجمون عن إبداء رأى خشية إغضاب القطريين الذين تربطهم بهم وبمؤسساتهم الخيرية وغير الخيرية وشائج ومصالح لا تعد ولا تحصى. واستضافت قطر ـ ولا تزال ـ عددا من مشاهير الدعوة السلفية الذين شارك بعضهم في الاعتصام الإجرامي في رابعة العدوية والنهضة، ومنهم محمد عبد المقصود الذي تم إدراجه ضمن قائمة الإرهاب، التي أعلنت في البيان الرباعي الصادر عن مصر والسعودية والإمارات والبحرين الخميس الماضي».
قليل من المناورة أمامها
ماذا تعنى القوائم الإرهابية التي صدرت عن مصر والسعودية والإمارات والبحرين؟ يجيب على التساؤل صلاح منتصر في «الأهرام»: «هذه أول مرة تشترك فيها هذه الدول في إصدار قائمة موحدة تضم 59 فردا (26 مصريا و18 قطريا و5 ليبيين وسعوديين اثنين ويمنيا واحدا) و12 كيانا تتهمهم الدول الأربع بالارتباط بقطر في دعم الإرهاب. والأرجح أن تقوم الدول الأربع بإبلاغ مجلس الأمن والبوليس الدولي (الإنتربول) لوضع الأسماء الواردة في القوائم في نشرات الإنتربول الحمراء، التي تتطلب القبض عليهم، لكن ما الذي تستطيع قطر أن تقوم به في مواجهة الدول التي قطعت علاقاتها بها؟ يؤكد الكاتب، قطر في موقف جغرافي ضعيف جدا، لأن الطريق البري الوحيد لها عن طريق السعودية، وقدراتها الزراعية محدودة جدا لدرجة أنها تستورد أكثر من 90٪ من حاجتها الغذائية، إلى جانب أن عدد السكان القطريين أقل من مليون، وكل رصيد قطر في «تمثيلية الدولة العظمى» التي تقوم بها هو قناة «الجزيرة» ورصيدها الضخم من المال. والذي أتصوره أن تستدعي قطر إيران وتركيا في محاولة لتدويل الأزمة، خاصة بعد موقف ترامب الواضح الذي اتهم فيه قطر بوضوح بتمويل الإرهاب، فضلا عن إعلانه أنه كان يعرف مقدما بقرار قطع العلاقات وأنه وافق عليه، لكن هل لدى الدول العربية قرارات ضغط جديدة؟ يرى صلاح منتصر أنه بالتأكيد هناك العديد من أوراق الضغط، ولكنه يرى ايضاً أن مجرد استمرار هذا الوضع ستة أشهر يستنزف قطر بشدة».
العرب لا يريدون
الإطاحة به
ومن بين من توجهوا بالنصح لأمير قطر مرسي عطا لله في «الأهرام»: «لا أعرف ما الذي يفكر فيه الأمير تميم الآن، وهو أسير للحيرة التي دفعت به إلى تحالف غريب تجتمع فيه أغرب المتناقضات مثل أنقرة وطهران، حيث لا تفسير لهذا التحالف ولا مسمى له سوى إنه حلف للكراهية الحاقدة ضد كل ما هو عربي، وليس بمقدور هذا الحلف أن يفرز قوة حماية لقطر، سوى بعض الضجيج الإعلامي والسياسي الصاخب، المصحوب بخطوات وإجراءات مظهرية متشنجة من نوع الحديث الفارغ عن إرسال قوات تركية لحماية عرش قطر. ويحسن الأمير تميم صنعا لو أنه استمع إلى صوت العقل وأدرك أن الموقف العربي والخليجي لا يستهدف إزاحته من سدة الحكم، وإنما يستهدف تغييرا جذريا في السياسات القطرية، التي لم يعد بإمكان أحد ممن يهمهم أمن واستقلال واستقرار المنطقة أن يسكت عنها، وأن يتعامى عن رؤية مخاطرها الحالية والمستقبلية. وكمواطن عربى لا أملك سوى نصيحة مخلصة وصادقة لأمير قطر: عد إلى أهلك من بني عروبتك وكفى اختبارا لصبرهم، لأن صبر الحليم ليس سقفا مفتوحا وإنما له حدود».
تخاريف وحيد
نصل بالمواجهات لمسلسل «الجماعة» الذي يتعرض مؤلفه وحيد حامد لهجوم شديد يشارك فيه عبد الله السناوي في «الشروق»: «أول من أطلق اسم الثورة على يوليو/تموز هو عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، الرجل الأكثر انفتاحا على تحديث المجتمعات العربية، الذي خرجت من عباءته موجات الاستنارة في مصر وعالمها العربي التاريخ هو التاريخ والحقيقة هي الحقيقة. الرجلان ــ طه حسين وسيد قطب ــ رمزان لخيارين متناقضين وعالمين متخاصمين، لماذا تورط المسلسل في ذلك الادعاء؟ هناك سببان أحدهما درامي والآخر سياسي، في ما هو درامي حاول المسلسل أن يبني قصة الجماعة بعد يوليو/تموز 52 على تقارب وتضاد جمال عبدالناصر وسيد قطب، بالغ بلا سند يعتد به على علاقة التقارب، كأن قطب هو مفكر الثورة، وأن عبدالناصر لم يكن يتخذ قرارا دون الرجوع إليه. في تلك العلاقة المفترضة بدا عبدالناصر ساذجا وقطب خفيفا، لم يكن الأول هكذا، فقد أحكم سيطرته على المسرح السياسي، أمسك بكل الأوراق بيده وحسم صراع السلطة تماما. ولا كان الثاني كذلك، فقد نازعت أفكاره رؤية المرشد المؤسس حسن البنا، وبدت أكثر تماسكا ووضوحا وعنفا، والمجموعة القيادية التي أمسكت بمقاليد الجماعة قبل ثورة يناير/كانون الثاني يطلق عليها «القطبيون»، وكان تشدد خطابها من أسباب إطاحتها في 30 يونيو/حزيران 2013 وما بعدها، كما أن الأفكار نفسها حكمت كل التنظيمات التي خرجت من عباءة الإخوان، التي تكفر الدولة والمجتمع وتحكم عليهما بالجاهلية وترفع السلاح لفرض تصوراتها. وصل الافتراء على التاريخ حدا يقارب مسرحيات اللامعقول كالادعاء بأن قطب حضر اجتماعا لمجلس قيادة الثورة قرر إلغاء الأحزاب، وأن صوته رجح عدم حل جماعة «الإخوان المسلمين»، وأنه كان يجلس على رأس طاولة الاجتماع. هذه فبركة سياسية ودرامية لا جرت ولا يوجد دليل واحد عليها».
أدعية رمضانية
أزمة ارتفاع الأسعار وفشل الكثير من المواطنين تدبير احتياجاتهم الأساسية، دفعت الكاتب الساخر محمد حلمي في «المصريون» لتأليف أدعية مناسبة للحالة التي يعيشها المواطنون في الوقت الراهن: «دعاء دخلة رمضان.. اعتدت ترديد الدعاء التالي مع عبير نسمات الشهر الفضيل.. اللهم يا حَنَّان يا مَنَّان يا خالق البشر ورازق الدودة في الحجر.. اللهم اخْسِف بالأرض أسعارنا، وارفع أجورنا.. ورَقِّق قلوب الجزارين والسماكين والبقالين والفكهانية وبائعي الطرشي والمدرسين الخصوصيين.. اللهم إنَّا نسألك رغيفاً مدعوماً، وطعاماً حَشُوماً، وهبرَة لحمٍ تَرُمُّ العظام، وتصلب الطول.. ربنا اغفر لنا وارحمنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء وأهل النُّخَب منا.. أقول قولي هذا واستغفر الله لي وحدي.. وكل عام وأنتم بخير.. ورمضان جميل».
ومن فتاوى الكاتب الرمضانية: استوقف موظف المحليات شيخ المسجد في الشارع في نهار رمضان يسأله: لقد تناولت رشوة مالية اليوم في نهار رمضان، ولا أدري هل أكمل صيامي حتى المغرب أم لا؟ قال الشيخ: أعد مبلغ الرشوة لصاحبها واكمل صيام يومك.. فقال: لا أعرف عنوانه.. الشيخ قال له: إذن تبرع بالمبلغ لأصحاب الحاجة.. فقال الموظف: ليس لديّ فكرة عن أماكنهم.. قال الشيخ: إذن عليك بشراء طعام بالمبلغ لتفطر المساكين.. فقال الموظف: ليس عندي وقت؟.. فرزعه الشيخ جوز قلام أباتشى على صدغيه قائلا له: أكمل صيامك ولا تفعلها مرة ثانية يا حيوان.. والله أعلم».