صحيفة الحياة اللندنية
اعتبر غازي دحمان أن الملف السوري، في هذه الآونة، يشهد هجوماً روسياً مكثفاً، يمكن تشبيهه بالغزو الشامل على جبهات عديدة، وها هي تباشر هجوماً دبلوماسياً وسياسياً بهدف قلب المعادلة السورية نهائياً لمصلحة أتباعها، وأشار الكاتب إلى أن الأسباب المباشرة لهذا الهجوم تكمن في رغبة روسيا بالهروب من الميدان الأوكراني المليء بالمخاطر، حيث استنفدت قدرتها على اللعب، وأي نقلات جديدة من شأنها إشعال حرب عالمية هناك، وفق تقديرات وتحذيرات أوروبية وأميركية تبلغتها روسيا، في الوقت الذي تم إغلاق أبواب التفاوض معها ورفض إعادة دمجها ضمن حركة التبادلات التجارية مع القوى الاقتصادية الكبرى، أو حتى التفاوض معها بهذا الخصوص، فيما يقف اقتصادها ونموها على عتبة الانهيار، لافتا إلى أن الخطورة في الأمر أن موسكو تنطلق في تحركّها السوري من اعتبارات ليست في مصلحة الشعب السوري وثورته، ولا تخدم مستقبل سورية، موضحا أنها لا تخفي عداءها للأكثرية السورية وتبجّحها بما تدعيه حماية الأقليات في المنطقة، كما تنطلق موسكو من اعتبارات استراتيجية وازنة ترتكز على التمسك بالموقع السوري المتوسطي، وكذلك ضمان عدم خروج سورية من دائرة هيمنتها وتحوّلها إلى معبر لخطوط النفط والغاز الخليجية المنافسة لها إلى أوروبا، وبالتالي لا مشكلة عند موسكو في استمرار اشتغال الدينامية التدميرية في سورية طالما أن مصالحها في هذا المجال غير مضمونة، ورأى الكاتب أنه في سبيل تحقيق هذه الحالة، تعمل موسكو على تطبيق الحل الذي يضمن بقاء حليفها بشار الأسد في السلطة وينهي مفاعيل الثورة السورية، مبينا أن الآلية التي تستخدمها في ذلك هي آلية المصالحات التي طبقها النظام في أكثر من مكان، ويتضح أنها كانت من اختراع الروس، ونوه الكاتب إلى أن هذه الآلية تضمن تفكيك الثورة قطعة قطعة ومن دون تنازلات كبيرة يقدمها نظام الأسد، كما تضمن تحريف التحول السوري الكبير بوصفه ثورة شعب إلى مجرد تمردات محلية ذات مطالب آنية، ونتيجة كل ذلك تضمن في مرحلة لاحقة تكريس شرعية الأسد إلى أمد غير محدود وإخراجه من تهمة جرائم الحرب التي ارتكبها بحق السوريين وتبرئته من الدمار الذي ألحقه بسورية، حتى أنها تستطيع تحويل التهمة ضد الثوار السوريين أنفسهم بعد فترة معينة.