أدت الحرب في سورية إلى تشريد أكثر من (10) مليون سوري، هذا الأمر المأساوي الذي يعد نقطة تحول في المنطقة، تسهم الطبيعة المتزايدة لهذه الصراعات في تفكيك فكرة الدولة الوطنية التي تقوم على التنوع المجتمعي.
إن أطراف الصراع المختلفة تسعى لإعادة تشكيل جغرافية الدول في سوريا أو العراق على حد سواء؛ لضمان السيطرة على الأراضي عن طريق استهداف الأفراد والمجتمعات المحلية على أساس عرقي طائفي، تلعب سياسة الهوية دوراً هاماً في تجديد أنماط النزوح القسري.
كما أن هذه الأطراف المتحاربة في الصراعات التي يشهدها كل من العراق وسوريا تستهدف بوتيرة متزايدة المدنيين من أفراد وجماعات على أساس الهويات الطائفية والعرقية، إذ تتجلى هذه الممارسات بوضوح في عمليات تشريد عنيفة للسكان المحليين تجري في نطاق ووتيرة غير مسبوقة في المنطقة العربية، هناك الكثير من المؤشرات والدلائل التي تؤكد وجود تغيير ديموغرافي بتبريكات روسية إيرانية غربية لتهجير أهل السنة بالتحديد من جميع المناطق التي مازالت خاضعة للنظام السوري؛ تمهيداً لتوطين الرافضة وميليشياتها المقاتلة فيها بوسائل شتى في خطة تبدو مدروسة وممنهجة لأحداث تغيير ديموغرافي جذري للتركيبة السكانية في سوريا.
بدأت عمليات التهجير القسري في سوريا من مدينة حمص من الأحياء التي صب نظام الأسد عليها جام حقده وغضبة كحي “الخالدية” وحي “بابا عمرو” وانتهى المطاف الآن في مدينة حمص بحي الوعر المحاصر الذي شهد غارات جوية مكثفة شنها الطيران الحربي للنظام وحليفته روسيا لإجبار الأهالي على الخروج من الحي فاتحين الطريق أمامهم نحو مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الشمالي ومدينة إدلب، التي تعد الوجهة الأولى التي اعتمدها النظام في إجلاء مهجري الغوطة الغربية في مدينة دمشق ك “معضمية الشام، داريا ووادي بردى” هذه المناطق التي شهدت حالات إنسانية صعبة وواجهت أوضاعاً قاسية أجبرت الأهالي للرضوخ لمتطلبات النظام وتسليم الأحياء والخروج منها باتجاه إدلب الوجهة الثالثة لأهالي حلب الشرقية بعد معركة دامية وحملات شرسة قام بها النظام لإجبار المدنيين بإخلاء القسم الشرقي من حلب.
ولم تقتصر عمليات التهجير المتبعة بحق السوريين على النظام السوري فحسب بل توسعت بها قوى التحالف الدولي التي تدعم قوات سوريا الديمقراطية والتي قامت بدورها في عملية التهجير القسري بحق أهالي مدينة الرقة في حملات عنيفة شنها التحالف من جديد ضد تنظيم الدولة المتواجد في تلك المناطق، مرتكباً أفظع المجازر بحق المدنيين، ما دفع عدد من الناشطين في المدينة لإصدار بيان رفضوا فيه عمليات القتل والتهجير الجماعي التي تجري بحق مئات الأبرياء من المدنيين المتواجدين في الرقة معتبرين ذلك انتهاك صريح للقانون الدولي والإنساني.
يسعى نظام الأسد وفق خطة عسكرية مدروسة مع كل من حلفائه روسيا وإيران إلى إعادة هيكلة سوريا وفق ما تقتضيه مصالحهم العسكرية فيها، كان ولازال الأسد مجرد أداة تحكم بين الدول الحليفة، يسعى لاسترضاء كل طرف على حساب الشعب السوري، الذي دفع ثمن هذه المخططات الاستعمارية الغربية في تغيير ديموغرافية سوريا.
فهل سياسة التغيير الديموغرافي المتبعة في سوريا تندرج تحت ماهية المخطط المعروف باسم الشرق الأوسط الجديد الذي تحدثت عنه وزيرة الخارجية الأميركية “كوندليزا رايس” مسبقاً في عهد بوش ذلك المخطط القائم على فكرة تغيير الشعوب وإبعادها عن أماكنها وإعادة رسم تشكيلات دولية جديدة تتطور اليوم وفق تقسيمات طائفية وعرقية؟!!.
المركز الصحفي السوري- نور سالم