وجهت صحيفة بريطانية انتقاداتها للعالم متهمة قوات التحالف الدولي بقيادة أميركا بترك السوريين يموتون جوعاً في مضايا المحاصرة من قوات النظام السوري، واستنكرت قدرة الطائرات على توجيه ضرباتها في جميع أنحاء سوريا، فيما وقفت عاجزة عن اسقاط المساعدات الإنسانية للمحاصرين الجوعى منذ 6 أشهر.
صحيفة التليغراف تساءلت حول قدرة سلاح الجو الملكي البريطاني في توجيه ضرباته الجوية وقصف مناطق تنظيم الدولة الإسلامية داعش في سوريا وعدم قدرته على إنزال المساعدات الإنسانية حيث يموت الآلاف من الناس جوعاً داخل اثنتين من المدن المحاصرة في سوريا، حيث تستخدم قوات بشار الأسد وحزب الله سلاح الجوع ضد مدينتي مضايا والزبداني.
الصحيفة قالت في تقرير لها حول المأساة الإنسانية إن هناك سيلاً من الصور ومقاطع الفيديو توثق أدلة دامغة حول مدى المعاناة داخل تلك المدن المنعزلة. قيل لنا أن بشار الأسد قد وافق مشكوراً على السماح للأمم المتحدة بإيصال المساعدات ولكن حتى لو حدث ذلك، تظل تكتيكات الحصار في العصور الوسطى التي يستخدمها الأسد جزءاً أساسياً من استراتيجيته لسحق أعدائه. فقد حاصر الديكتاتور الجيوب التي تسيطر عليها المعارضة مراراً وتكراراً، وقام بتجويع سكانها لكي يخضعوا له.
وتابعت الصحيفة إذا مرت الأزمة الحالية في المدينتين، من شبه المؤكد أن تتكرر معاناتاهما في المستقبل. وعندما يحدث ذلك، سوف يكون الأطفال هم أول من يموت ميتة بطيئة ومؤلمة.
وطرحت سؤالها قائلة “كل هذا يثير سؤالًا هاماً: لماذا لا يستعد سلاح الجو الملكي البريطاني لإسقاط المواد الغذائية على مضايا والزبداني؟ إذا كانت الطائرات البريطانية يمكنها إسقاط القنابل على سوريا، لماذا لا يمكنها المساعدة؟ فقد تمكَّن سلاح الجو الملكي البريطاني من تقديم إمدادات الطوارئ إلى جبل سنجار في شمال العراق، عندما كان محاصراً من قبل داعش عام “2014.
مصدر في وزارة الدفاع قدم هذا التفسير لـصحيفة “التيليغراف” الجمعة 8 يناير/ كانون الثاني 2016: “كان جبل سنجار يقع في منطقة حيث أرادت الحكومة العراقية منا الذهاب والقيام بشيء ما. مضايا تختلف إلى حد ما، فالبيئة الجوية مختلفة تماماً في وسط وجنوب سوريا، هناك صواريخ أرض-جو، ومضايا تقع في قلب المناطق التي يسيطر عليها النظام. قد يتحول عمل طائرات الحلفاء هناك إلى كارثة”.
وبينما تستمر الحكومة البريطانية في خلق الأعذار لعدم تفاعلها مع ما يحدث، كان هذا واحداً من الأعذار غير المقنعة على الإطلاق. ربما يجهل مصدر وزارة الدفاع أن مضايا تقع على بعد 6 أميال فقط من الحدود السورية الغربية مع لبنان، أو التحليق لمدة 40 ثانية فقط باستخدام طائرات النقل. هل يصعب حقاً على السلاح الجوي الملكي اختراق المجال الجوي المعادي في جولة لا تتجاوز 80 ثانية؟
أما بالنسبة للقوة المزعومة للدفاعات الجوية السورية، أصبحت هذه إحدى الأساطير الأكثر تكراراً خلال الأزمة. اصطدم كل اقتراح لإقامة منطقة حظر جوي مع الاعتراض بأن طائرات الأسد المقاتلة وصواريخ الـ أرض-جو ستقوم غالباً بتدمير طائرات العدو.
لذا، ها هي الحقائق. بصرف النظر عن حادثة الطائرة التركية المثيرة للجدل، لم تُسقط تلك الدفاعات الجوية السورية الهائلة طائرة واحدة في بلادها، منذ حرب تشرين عام 1973. ولا واحدة خلال أكثر من 42 عاماً.
خلال تلك السنوات الـ 42، نفَّذت إسرائيل غارات جوية لا تعد ولا تحصى في سوريا، دون تعرضها لخسارة واحدة. في السنوات الثلاث الماضية، ضربت الطائرات الإسرائيلية عشرات الأهداف داخل وحول دمشق نفسها- أي “في قلب المناطق التي يسيطر عليها النظام”- وقد عادت كل هذه الطائرات إلى قواعدها سالمة.
بالعودة إلى عام 2007، شنت القوات الجوية الإسرائيلية واحدةً من أكثر عملياتها طموحاً: تدمير مفاعل نووي في عمق شرق سوريا، قرب دير الزور (بدون هذه الغارة، بالمناسبة، لكانت داعش تمتلك الآن أسلحة النووية). في عام 2003، قصفت الطائرات الإسرائيلية معسكرات تدريب عسكرية خارج دمشق. وغني عن القول بأن هذه العمليات تمت بدون أي خسارة.
وبالتالي فإن الدرس واضح تماماً: إن كانت لديك قوة جوية متمكنة، فالمناطق التي يسيطر عليها الأسد هي واحدة من أكثر الأماكن أماناً في العالم. يتخصص الطيارون المقاتلون السوريون في إلقاء القنابل على مواطنيهم، وليس الدفاع عن سماء البلاد. وإذا كان السلاح الجوي الملكي البريطاني في حاجة إلى أي نصائح حول كيفية التعامل مع الدفاعات الجوية السورية الفاشلة للغاية فليسأل الطائرات الإسرائيلية.
فلنكن صريحين: إذا كان السلاح الجوي الملكي لا يستطيع حقاً مساعدة آلاف المتضورين جوعاً، من خلال اختراق ستة أميال من المجال الجوي المعادي، فلا ينبغي علينا امتلاك سلاح جوي من الأساس.
هافينغتون بوست عربي