يجلس بهاء الشاب البالغ من العمر 23 عاما من قرية الرامي في جبل الزاوية بريف ادلب على كرسيه المتحرك أمام باب منزله ليراقب أقرانه وهم يتنقلون من مكان لآخر .
كان فيما مضى يضج حركة ونشاطا إلى أن أصابته شظية غادرة في معركة تحرير ادلب، فاستوطنت في عموده الفقري وأعاقت حركته وأصابته بالشلل.
ووفقا لإحصائيات النظام السوري فيتراوح عدد المعاقين بسبب الحرب حوالي مليون ونصف معاق فقدوا عضوا من أعضائهم بحسب “حسين نوفل” رئيس ” الهيئة العامة للطب الشرعي بتصريح لصحيفة “الوطن” الموالية.
وفي تشرين الأول 2015، أصدر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية تقريرا عام 2014 قال فيه: ” إن الحرب التي يشنها النظام في البلاد خلفت أكثر من 270 ألف إعاقة دائمة “.
زوجة الشاب ” أبو عرب” 20 عاما، كانت تعمل معلمة صف قبل إصابة زوجها فأجبرت على ترك عملها وتفريغ وقتها في سبيل خدمة زوجها الملقى طريح الفراش وخدمة طفلتها التي لم تبلغ من العمر السنة والنصف، فتتحدث واصفة حاله :” إن من أخطر ما يهدد حالة زوجي هو التأثير السلبي على نفسيته فهو بحاجة لعلاج يكلف أموالا باهظة ولا يوجد هيئات أو منظمات تتكفل بنفقاته ونفقات علاجه، ولا يتوفر في قريتنا أي مراكز لاستقبال ذوي الإعاقة لتلقي العلاج الفيزيائي “.
إن نسبة الإحباط والألم النفسي والصعوبات الاجتماعية بين النازحين واللاجئين في سورية تزداد يومياً. حيث تنتشر الأمراض النفسية ويصبح الإنسان غير قادر على الحياة، حينما يفقد الأمل ويفقد استقلاليته وينتج عن المعاناة مجموعة من الأعراض النفسية الخطيرة..
زوجات الشهداء والأرامل والمرأة المعيلة للأسرة يمثلون ضحايا جددا من ضحايا الحرب حيث يحتاجون إلى التعامل مع الألم النفسي الذي أصاب الأسرة بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات اليومية للحياة ورعاية الأطفال.
أما عن والدة الطفلة سلام 44 سنة، من الغوطة الشرقية، فتحكي قصة ابنتها التي ولدت في الحرب ولم تتلق اللقاح اللازم ضد شلل الاطفال فكانت النتيجة مخزية بالنسبة لهم جميعا وتقول : “الإعاقات في ظل الحرب في بلادنا لم تقتصر على بتر الأطراف أو فقد أحد الحواس، فقد كان لطفلتي نصيب من أثار هذا الحصار، فهي مجبرة الآن على العيش بحالها الجديد والرضا بواقعها المر “.
أكد تقرير ل”جمعية أنقذوا الأطفال” في اذار 2014 أن الأطباء اضطروا لبتر أطراف أطفال في سوريا لعدم وجود المعدات اللازمة لعلاجهم محذّرة أن الذين أصيبوا بشلل الأطفال منذ بداية الحرب ارتفع إلى 80 ألف طفل نتيجة الإهمال.
كما تعاني القطاعات الطبية في المناطق المحررة من نقص حاد في الكوادر والأجهزة المتطورة، مما يحرم بعض المصابين من الشفاء وتفاقم حالاتهم.
يؤكد أطباء تلك المناطق على تأسيس عشرات المراكز الطبية في الشمال السوري إلا أن المشكلة تكمن في توقف المنظمات عن دعم هذه المراكز بعد انتهاء العقد المتفق عليه.
وما زال بهاء ينتظر فرجا قريبا .. راضيا رغما عنه بالعطف المهين الذي يقدم له ممن حوله.
بقلم أسيل أبرص
المركز الصحفي السوري