يشهد جبل لبنان تصعيدا خطيرا يخشى أن ينزلق بالبلاد إلى أتون مواجهة قد يصعب احتواؤها في ظل اتهامات موجهة لإيران والنظام السوري بالوقوف خلفه، ويستهدف أساسا رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري وأيضا زعيم الطائفة الدرزية في لبنان وليد جنبلاط.
وشيعت منطقة الشوف في الجبل، الأحد، أحد مرافقي الوزير اللبناني الأسبق وئام وهاب الذي قتل على إثر مداهمة لقوى الأمن الداخلي لمنزل وهاب، بسبب امتناع الأخير عن المثول أمامها في إطار شكوى رفعت ضده بعد إدلائه بتصريحات مسيئة بحق رئيس الوزراء المكلف ووالده رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري.
وفي خطوة تصعيدية وصفت بالخطيرة حمل وهاب المقرب من حزب الله والحكومة السورية سعد الحريري مسؤولية مقتل مرافقه محمد أبوذياب، متوعدا بالانتقام.
وبعد اتصالات حثيثة جرت بين مسؤولين لبنانيين، وحزب الله، اضطر وهاب للتراجع في وقت لاحق عن تهديداته، بدعوة أنصاره إلى الهدوء، وإن أظهر تمسكا باتهام الحريري بالتسبب في مقتل مساعده.
ويرى متابعون أن مطالبة حزب الله لرئيس حزب التوحيد العربي بتخفيف نبرته مردها، الانتقادات التي طالته لجهة الوقوف خلف ما يحدث من تطورات، وأنه في حال انفلات الوضع سيتحمل الحزب وحده المسؤولية أمام الرأي العام الداخلي والخارجي.
وكانت قوة من شعبة المعلومات، داهمت السبت، منزل وهاب في بلدة الجاهلية، بناء على إشارة من النيابة العامة التمييزية بعد رفضه الحضور أمامها، لتتفاجأ بفرار الأخير، ما اضطر القوة إلى أن تعود أدراجها، وأثناء ذلك عمدت عناصر تابعة لرئيس حزب التوحيد إلى إطلاق النار، ما أدى إلى إصابة أحد مرافقي وهاب.
وكان وهاب شن منذ مطلع الأسبوع الماضي هجوما على الحريري، معتبرا أنه “لا يجب أن يكون رئيس حكومة لأنه لا يمثّل أكثرية” برلمانية.
وتضمن مقطع فيديو نُشر، الأربعاء، انتقادات قاسية لرئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري.
وأثار الفيديو غضب مناصري الحريري. وقد عمد بعضهم إلى قطع بعض الطرق في بيروت ومحيطها احتجاجا على تصريحات وهاب. كما شجب مضمونها العديد من القوى السياسية من أبرزها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.
ولم يقتصر وهاب في حملته التصعيدية على استهداف شخص رئيس الوزراء المكلف، بل عمد إلى تجييش أنصاره والقيام باستعراض مسلح استفزازي لجنبلاط في منطقة الشوف، مساء الخميس، الأمر الذي كاد يتطور إلى اشتباك خطير، لولا تدخل قوى الجيش.
وتقول أوساط لبنانية إن تصعيد رئيس حزب التوحيد العربي الذي لا يملك ثقلا وازنا على الساحة اللبنانية لم يكن ليحصل لولا وجود ضوء أخضر من حزب الله والنظام السوري.
وتلفت هذه الأوساط إلى أن ما قام به وهاب يندرج في إطار حملة موسعة أطلقها حزب الله قبل فترة لتعطيل تشكيل الحكومة. وبدأت هذه الحملة حينما تمسك الأمين العام للحزب حسن نصرالله بتوزير أحد النواب السنة الموالين له في اللحظات الأخيرة من قرب الإعلان عن التشكيلة الحكومية بعد حلحلة العقدتين المسيحية والدرزية.
وتدرج حزب الله في حملته بالتلويح بأن لا حكومة دون تمثيل أحد هؤلاء النواب، مطلقا العنان لأذرعه الإعلامية للتهجم على الحريري، الذي أبدى تمسكا بموقفه الرافض لمطلب الحزب الذي يستهدف خلق ثنائية سنية داخل الحكومة الجديدة بهدف إرباك الحريري وتحجيم ثقله.
ووصلت حملة الحزب ذروتها بالتصعيد الخطير الذي أقدم عليه وئام وهاب منذ الأسبوع الماضي، والهدف منه إظهار أنه يملك من القدرة الشيء الكثير لإعادة خلط الأوراق على الساحة اللبنانية، وأنه لن يتوانى عن استخدام جميع أوراقه لفرض سطوته.
واعتبر المحلل السياسي مكرم رباح أن حادثة الجاهلية وقبلها ما حصل في الشوف انتهى لكن المشكلة الأساسية مع حزب الله لم تنته فوئام وهاب هو صندوق بريد لعلي مملوك والنظام السوري وحزب الله، واستشهد المحلل بتصريح لوهاب قال فيه الأخير “عليكم الذهاب والتحدث مع نصرالله (الأمين العام لحزب الله).
ويشير رباح “إلى أن المشكلة تكمن في سعي حزب الله للضغط على الدولة اللبنانية وبالتحديد على الرئيس سعد الحريري لإجباره على الخضوع إلى شروطه في تشكيل الحكومة، والضغط أكثر وأكثر على وليد جنبلاط وهو الحريص على تفادي الفتنة الدرزية في الجبل”.
وتقول الأوساط السياسية إن الحملة المزدوجة التي يقودها وهاب ضد الحريري وجنبلاط تؤكد وجود تقاطع للمصالح بين دمشق وطهران على الساحة اللبنانية، وأن ما يروج على أن نظام الرئيس بشار الأسد فقد اهتمامه بالساحة اللبنانية مجانب للصواب.
نقلا عن صحيفة العرب