يفرض شبيحة نظام بشار الأسد إتاوات على سائقي الشاحنات نظير مرافقتهم وحمايتهم من التفتيش والتوقيف أو المصادرة من قبل حواجز النظام في المناطق التي يمرون بها، وهو ما يطلق عليه في سورية “الترفيق”.
يقول حامد، سائق شاحنة بضائع على الطريق الواصل بين حماة ولبنان، في حديثه لـ”العربي الجديد”، إنه يقوم بدفع “رسوم ترفيق” بمبالغ تصل إلى أكثر من مئتي ألف ليرة سورية (370 دولاراً تقريباً) لإيصاله من مدينة حماة إلى مدينة حمص فقط، ومن ثم يتابع دفع مبالغ أخرى إلى شبيحة النظام في طرطوس وحمص ليتابع طريقه بسلام إلى لبنان.
ووفقاً للسائق، ففي كل منطقة هناك مركز لشبيحة الترفيق من أجل دفع تلك المبالغ ومرافقته من نقطة إلى أخرى إلى أن يصل السائق هدفه.
ويضيف أن دفع تلك المبالغ يوفّر عليه مخاطر مصادرة النظام شاحنته وبضاعته التي بداخلها، كما أنها توفّر له الحماية من الذل والإهانة التي يتعرّض لها السائقون بشكل دائم على حواجز النظام على خط حماة-حمص-لبنان، وخاصة شبيحة القرى الموالية المنتشرة على هذا الطريق.
وتحدّث أبو فؤاد أحد تجار مدينة حماة بأن هذه الرسوم التي يدفعها لشبيحة النظام من أجل حماية نقل بضاعته تنعكس بشكل مباشر على تكاليف البضائع، ما يؤثر بشكل مباشر على المواطن الذي يتحمل عبء تلك التكاليف بأكملها، فهو غير مرغم على تحمل هذه التكاليف وبالتالي يجعل هذه الرسوم من كلفة السلعة التي يبيعها.
وأضاف أن شبيحة النظام المسؤولين عن الترفيق على طريق حماة حمص يصل مردودهم المادي بشكل يومي إلى مليون ليرة سورية وربما أكثر، وذلك بسبب عبور عشرات الشاحنات بشكل يومي عبر ذلك الطريق الواصل بين حماة وحمص ودمشق ولبنان.
وبحسب أبو فؤاد، فإن نقل البضاعة إلى مدينتي طرطوس أو اللاذقية قد يصل ثمن ترفيقها إلى أكثر من ثلاثمائة ألف ليرة سورية، وذلك نتيجة كثرة حواجز النظام والشبيحة على طريق بيت ياشوط الواصل إلى هاتين المدينتين، كما أن هذا الطريق بشكل خاص هو الأكثر عرضة لخطف السائقين والشاحنات وكذلك البضائع من قبل شبيحة القرى الموالية للنظام التي تتمركز على أطراف ذلك الطريق الذي تمر عبره الشاحنات بشكل إجباري.
ويرى خالد، وهو أحد أهالي مدينة حماة، أن الخاسر الوحيد جراء ما يخترعه النظام من أساليب لنهب التجار والمواطنين هو المواطن السوري فقط، فجميع التكاليف التي يدفعها التجار لشبيحة النظام تصبح على عاتق المستهلك “المواطن السوري”، لتصبح المعيشة في سورية تكافئ معيشة دول الجوار الباهظة مثل لبنان والأردن ولكن بمردود لا يكاد يبلغ 30% من كلفة المعيشة.
ويقدر البعض التكاليف اللازمة لمعيشة عائلة في حماة أو حمص بخمسين ألف ليرة سورية، فيما ما زالت رواتب العاملين في هذه المدن لا تصل إلى عشرين ألفاً.
ويضيف خالد أن الغلاء ورسوم الترفيق وغيرهما لم تقف على التجار والسلع وفقط، بل امتدت إلى أمكان تحصيل فواتير الكهرباء والمياه والهاتف حيث يقوم الشبيحة بفرض إتاوة على العملاء ليتمكنوا من دفع الفواتير.
الأمر لم يتوقف على الشبيحة، بل بات النظام يسير درويات ترفيق ويضع شعاراتها على بعض سيارات فرع الأمن العسكري في حماة، والذي أصبح المسؤول عن عملية الترفيق من وإلى حماة بعد موافقة وتكليف من دمشق للأمن العسكري بذلك.
في سياق موازٍ، قام النظام مؤخراً بإيجار الطرق المؤدية التي تصل مدينة حماة بحمص، وإدلب، وريف حماة الغربي، بعقود استثمار لأحد كبار التجار المعروف بمشاركته لأحد قيادات الفرقة الرابعة المعروفة بولائها لماهر الأسد شقيق بشار الأسد.
وقالت مصادر إن النظام باع تلك الطرقات بأكثر من نصف مليار ليرة سورية، كما كفّت يد فرع الأمن العسكري والأمن الجوّي عن تلك الطرقات وسحبت حواجزهم لصالح “أمن الفرقة الرابعة”.
وبحسب المصادر، فإن عملية الإيجار تمت بهذا المبلغ الكبير لأن المستأجر تأكد من الأرباح التي سيحققها، إذ كانت حواجز الأمن العسكري تجبي نصف مليون ليرة يومياً من السائقين على حاجز الملح و300 ألف ليرة من حواجز الأمن الجوي المنتشرة غربي حماة.
فيما تشير المصادر إلى أن حواجز أمن الفرقة الرابعة أطلقت أسعارها للخوّات والرشى للسماح للبضائع والمتنقلين عبر حواجزهم بالمرور بشكل علني وبلوائح رسمية، وتم توزيعها على عدد من التجار والمحال التجارية التي تعمل على نقل بضائعها من وإلى مدينة حماة.
(الدولار = 540 ليرة سورية تقريباً)
العربي الجديد