بشرى سارّة زفها رئيس اللجنة الأمنية، اللواء زيد علي صالح، بوقف العمل بنظام الترفيق للمواد المنقولة بين مناطق سيطرة نظام الأسد وبين المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
أعتقد، أن ثمة سؤالين ملحّين، توثبا على شفاه أي قارئ للسطرين السابقين، الأول ماذا يعني “ترفيق” الذي لم يدخل معجم الاقتصاد، إلا في سورية الأسد، والثاني، ما علاقة لواء في قطاع الأمن ليلغي قراراً بسورية.
سأجيب باختصار، الترفيق هو مرافقة قوات أمنية أو عسكرية تتبع لنظام بشار الأسد، أو المليشيات المقاتلة إلى جانبه، للشاحنات التي تنقل بضائع داخل سورية، كي تمنع من تفتيش الشاحنات الناقلة البضائع من السطو والابتزاز من حواجز نظام الأسد، بمعنى أن هذه الشاحنة دفعت الأتاوة و”دعوها تعمل دعوها تمر”.
وأما التساؤل الآخر، فلا أعتقد أنه من الصعوبة كما سابقه، إذ وببساطة، سورية محكومة ممن يسيطر عليها، سواء كانت قوات أمنية سورية أو إيرانية أو روسية أو كردية أو لبنانية، ولكلٍ قطاع يتحكم به ويفرض قوانين وشروطاً على من فيه وما يمر عبره، وهذا القائد الفذ، اللواء صالح، هو مسؤول تحصيل الأتاوات عبر المرافقة وغيرها في القطاع الشمالي، بين حلب وإدلب، وقد اكتفى ومن معه بما حصلوه، فألغى سيادته العمل بنظام الترفيق.. ولكن لا أحد يضمن ما هو النظام البديل الذي قد يفرضه ليستمر بالابتزاز.
قصارى القول: فرضت قوات النظام السوري، ومنذ نحو ستة أشهر، ضرائب ورسوم على السيارات العابرة من مناطق سيطرتها باتجاه مناطق المعارضة، أو حتى العابرة بين محافظتين يسيطر عليهما نظام الأسد، كما يحصل بين مدينتي درعا والسويداء، جنوبي سورية.
وتراوحت رسوم الترفيق بين 20 ألف ليرة سورية (الدولار 540 ليرة) للسيارات الصغيرة، وتتصاعد حتى خمسين ألف ليرة للسيارة الناقلة للأجبان والألبان والخضار، ولا تقف على ذلك، فالسعر الأعلى للسيارات الكبيرة حسب حمولتها ويرتفع الرسم للسيارات العابرة لمناطق المعارضة، فيصل إلى أكثر من 300 ألف ليرة سورية.
لترد مناطق المعارضة بالمثل على السيارات العابرة من مناطق سيطرة الأسد لمناطق سيطرتها، عبر رسوم ترفيق، لحمايتها من الحواجز والمسلحين ووصولها لأسواق بيع الجملة أو الجهة المستوردة.
ليغدو الترفيق بسورية، مصطلحا منتشرا، بل ويأتي ضمن تبرير رفع الأسعار من الباعة والتجار، لأنه أضيف إلى التكاليف العامة للسلعة.
نهاية القول: قد يخطر على بال قارئ، أن أتاوات “الترفيق” فردية، ولا علم للدولة الأسدية بها، إلا أن الأمر صادر عن الجهات الرسمية في سورية، بل واعتبروه عائداً ومورداً مهماً للخزينة وتمويل القتال وشراء الأسلحة، ولولا تعالي الأصوات في سورية أخيراً، وخاصة من اتحاد غرف الصناعة، الذي طالب، خلال اجتماع الهيئة العامة قل أيام، بإلغاء “الترفيق” على الشاحنات، حفاظًا على “الصناعة الوطنية” لما له من دور في رفع تكاليف الانتاج، فضلاً عن طلب محافظي مدينتي درعا والسويداء، لما تم إلغاءه.
ولعل فيما نشره رئيس مجلس إدارة اتحاد الغرف الصناعية السورية، فارس الشهابي، يوم الجمعة الفائت، “أن السيد الرئيس بشار الأسد يتدخل لصالح الشعب والاقتصاد الوطني ويوقف العمل بنظام الترفيق الحالي داخل حلب وخارجها اعتباراً من اليوم” دليل قاطع على فرض هذه الأتاوة من أعلى الجهات في سورية.
ربما من استخدام لمفهوم “الترفيق الجمركي” ولكن بين الدول وليس ضمن الدولة نفسها، ما يعني أن نظام بشار الأسد، بدأ ببروفات أولية، على تقسيم سورية ومعاملة نقل البضائع فيما بين مدنها، كأنها بين حدود خارجية، وليحصّل في الآن نفسه، بعض الأموال لتمويل بقائه وحربه، بصرف النظر عن عقابيل الترفيق، على الأسعار التي تضاعفت 12 مرة منذ بدء الثورة عام 2011 وأوصلت نسبة الفقراء في سورية إلى أكثر من 80%
.
كلنا شركاء