نشرت صحيفة “التايمز” تقريرا مشتركا لمراسلها في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر ومراسلتها في إسطنبول حانا لوسيندا سميث عن الخطط التركية لنشر قوات في ليبيا. وقالا فيه إن الحكومة التركية تعجل بإرسال قوات عسكرية لمساعدة حكومة طرابلس مما يهدد باندلاع حرب بالوكالة في الشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة إن الخطة قدمت يوم الإثنين إلى البرلمان ومن المتوقع تمريرها في الأسبوع المقبل، وستفتح الطريق أمام أنقرة لنشر قوات عسكرية تدعم حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا. وسيضع نشر القوات تركيا وقطر ضد روسيا والإمارات العربية المتحدة ومصر التي تعارض حكومة الوفاق وتدعم القوات المنافسة لها في شرق ليبيا.
وتقول الصحيفة إن الانقسام يشبه ما حدث في دول أخرى دمرتها الحروب الأهلية منذ بداية الربيع العربي عام 2011، خاصة سوريا التي دعمت فيها روسيا حكومة بشار الأسد والتي استطاعت السيطرة على معظم مناطق المعارضة. ويخطط الرئيس رجب طيب أردوغان لاستخدام القوة العسكرية التي يدعمها في سوريا في مغامراته. وأكد باحثون وناشطون سوريون لديهم صلات في العاصمة الليبية طرابلس أن مقاتلين سوريين تدعمهم تركيا وصلوا فعلا إلى عاصمة البلاد للمشاركة في الحرب الأهلية.
الانقسام في ليبيا يشبه ما حدث في دول أخرى دمرتها الحروب الأهلية منذ بداية الربيع العربي عام 2011
وتعيش ليبيا حالة من الحرب الأهلية منذ سنوات. ومنذ الربيع العربي الذي أطاحت فيه القوى المعارضة لمعمر القذافي. وتبع ذلك حكومات هشة هرب بعض رؤسائها من البلاد. وتقاسمت القبائل والميليشيات نفط البلاد ومعبرا للمهربين والمهاجرين إلى أوروبا. وسيطر خليفة حفتر على معظم مناطق الشرق والجنوب وتحرك نحو طرابلس في نيسان/أبريل، ووعد الجنرال بانتصار سريع وحاسم. ولم يستطع تحقيق ما يريده من وعد بتوحيد البلاد وطرد “الإرهابيين الإسلاميين”. ولم تكن حكومة الوفاق الوطني قادرة على وقف حصاره على طرابلس، وتحول الصراع إلى حرب بالوكالة تدعم فيها مصر والإمارات العربية حفتر. وأرسلت موسكو فرقة من كتيبة واغنر، جيش المرتزقة الروسي، وبدأوا بحرف مسار الحرب لصالح حفتر حسب بعض المحللين. وقدمت التكنولوجيا التي قدمتها الإمارات مساعدة لمنع طائرات بركتار التركية المسيرة والتي أرسلتها أنقرة لمساعدة حكومة الوفاق الوطني.
وتقول الصحيفة إن الخطة السرية التركية لإرسال التركمان السوريين للقتال في ليبيا كشف عنها موقع “بلومبيرغ نيوز” وأكدتها مصادر من المعارضة السورية. وقالت الصحيفة إن المقاتلين السوريين يحصلون على رواتب عالية ووعدوا بالجنسية التركية حسبما قال المصدر. ويعتقد أن ما بين 100- 300 سوري وصلوا إلى طرابلس حيث سيصل عدد المقاتلين إلى 500 مقاتل. وتم تجميعهم من المقاتلين التابعين لفصائل الجيش السوري الحر والذين تم تجنيدهم إلى جيش شبه رسمي ويسيطرون على مناطق تقع ما بين الفرات وبلدة أعزاز. وهم بمثابة المنطقة العازلة بين الأكراد والقوات السورية من جهة والقوات التركية. ونفت الحكومة السورية المؤقتة التي تنتمي إليها الجماعات المقاتلة وإن بطريقة غير رسمية أن تكون أرسلت قوات إلى ليبيا.
ويرى جلال الحرشاوي، من معهد كلينغنديل في هيغ والذي كان في ليبيا، أنه يؤكد وبشكل مستقل وصول السوريين. وقال إنهم كانوا الرد التركي على وصول المرتزقة الروس. وقال الحرشاوي إن أردوغان منخرط في لعبة معقدة مع الرئيس فلاديمير بوتين. وقال إن كلاهما مشترك في معاداته للغرب وأمريكا ويعني أنهما يتنافسان في الشرق الأوسط لكن التعاون بينهما أهم. وتعلم أردوغان من بوتين طريقة استخدام الخيارات الرسمية والرد الدبلوماسي القاسي والقوات الوكيلة والحرب الدعائية لدعم المصالح التركية بالمنطقة. ويدعم الطرفان قوات مختلفة في سوريا ولكنهما ينسقان فيما بينهما.
وقال الحرشاوي: “بعد ما حدث في شمال سوريا علينا أن نتعامل مع وعد أردوغان في ليبيا بجدية”. وأضاف: “نحن بحاجة للتأكيد على القيمة الإستراتيجية لتركيا من أجل روسيا وقيمة هذه لتركيا. وهناك أمر عسكري حقيقي يحدث ولكنه لن يكون واضحا أو ينظف الفوضى”. وببروز الرئيس الروسي كمنتصر في سوريا فإن الرئيس أردوغان يبحث عن مناطق جديدة للتأثير. وفي ليبيا كما في سوريا، دعم الرئيس التركي جماعة يرى أنها متقاربة معه أيديولوجيا.
وتتقارب أنقرة مع حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الإسلاميين وتعترف بها الأمم المتحدة، حيث جاءت تركيا وحدها. ويرى الكاتب أن أردوغان يرى في ليبيا مسرحا يمكن أن يبقي فيه على حلم الإخوان المسلمين حيا. وبعد خسارة الحركة تأثيرها في مصر وسوريا وأماكن أخرى فإن ليبيا قد تسمح له باستعادة تأثيره. أما الأمر الآخر فهو يرى في الفوضى التي تشهدها ليبيا فرصة لتحقيق طموحاته في منطقة شرق المتوسط حيث يحاول تأكيد حصة بلاده من الغاز الطبيعي. ويسمح اتفاق الملاحة البحرية الذي وقعته تركيا مع ليبيا الشهر الماضي بممر بحري تركي. وسيكون بمثابة نقطة للتحرش بالسفن التي تقوم بعمليات التنقيب عن الغاز قرب قبرص وإرسال سفن التنقيب التركية إلى المنطقة. وتمثل ليبيا منطقة مهمة لفحص التكنولوجيا التركية والأسلحة مثل الطائرات بدون طيار.
نقلا عن القدس العربي