تنتظر لبنان استحقاق انتخابات مجلس النواب خلال الصيف المقبل (يونيو/ حزيران 2017)، بينما تواصل الأوضاع الاقتصادية والقرارات استنزافها للمواطن الباحث عن مدافع لحقوقه.
إلا أن هذا الانتظار يشوبه القلق، في حال لم يتم التوصل إلى صيغة مشتركة بين الأحزاب اللبنانية لإقرار قانون انتخابي جديد يرضي جميع الأطراف.
ومع اقتراب موعد الاستحقاق، لم يتوصل أفراد الطبقة السياسية بعد، إلى صيغة تلائم الأحزاب كافة، ما يطرح علامة استفهام كبيرة حول تداعيات صيغة القانون على النمو الاقتصادي والتنمية واقتصاد المواطن على حد سواء.
يقول الخبير الاقتصادي اللبناني جاسم عجاقة في حديث مع “الأناضول” إن سياسة التعطيل التي شهدها لبنان في مرحلة الاستحقاق الرئاسي والفراغ الكبير للكرسي على مدار السنين الماضية، أدخل لبنان في دوامة اقتصادية ومالية.
وأضاف عجاقة وهو أستاذ في الجامعة اللبنانية، أن هذا الأمر “سيتكرر لا محالة في حال لم يتم التوصل إلى قانون انتخاب، وسيعود البلد للدخول مجدداً إلى دوامة الأخطار المالية والاقتصادية”.
ودفعت حالة الجمود السياسي في لبنان، إلى عدم قدرتها على إعلان موازنة منذ عام 2006، وسط تطلعات أن تكسر القاعدة هذا العام وتقر موازنة للبلاد.
وزاد عجاقة: “هناك علاقة إيجابية قوية بين النمو الاقتصادي ونوعية المؤسسات، وهذه العلاقة تم تثبيتها، وذلك من خلال مؤشرات قوة دولة القانون، ونسبة الفساد، وحماية الملكية، ونوعية المؤسسات، والحوكمة في هذه المؤسسات وغيرها من المعايير”.
ويلفت إلى أنّ “الحوكمة الرشيدة في المؤسسات العامة تؤدي إلى تحسين مناخ الاستثمار وبها دور كابح للمخاطر التي تُرافق الاستثمارات، مما يرفع من ربحية المشاريع”.
“بينما تُعدّ حماية الملكية شرط أساسي لاستدامة الاستثمارات، من ناحية أن المستثمر يضمن ملكيته وبالتالي يعمد إلى الاستثمار على الأمد البعيد (الأملاك البحرية والنهرية)… أيضاً يُمكن القول إن القضاء النزيه له تأثير إيجابي أساسي على خيارات المُستثمرين لأن الإطار القانوني واضح ومعروف مُسبقاً”، كما يقول الخبير الاقتصادي.
بدوره يقول الاقتصادي اللبناني سامي نادر، إن “الفترة القصيرة للحكومة الحالية والمحددة بحصول الانتخابات النيابية، تحد من قدرتها على إحداث نقلة نوعية كبيرة في الاقتصاد”.
ويشرح قائلاً للأناضول “أولا لأن انهماكها في الانتخابات قد يحوّل اهتمامها وتركيزها على القضايا الاقتصادية كأولوية، وثانيا لأن تحقيق النمو الاقتصادي بعد الجمود الطويل الأمد الذي أصاب الاقتصاد اللبناني، يتطلب فترة طويلة مماثلة لاستعادة العافية”.
ويشدد نادر على أنّه في حال لم تُقر الصيغة التي تناسب جميع الأفرقاء، معناه أن الانتخابات النيابية ستؤجل، وبالتالي هذا الأمر سيسجل ارتفاعاً في البطالة نتيجة عزوف المستثمرين عن المجيء إلى لبنان، لعدم الاستقرار الذي سيحل على البلد نتيجة تأجيل الانتخابات.
وتعاني لبنان، من تراجع نسب التوظيف وارتفاع الضغط على البنى التحتية الاقتصادية، بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي وقدم القرارات والتشريعات الناظمة للاقتصاد المحلي، وتخارج استثمارات، ووجود نحو مليون لاجئ على أراضيها.
وبحسب أرقام البنك الدولي، يدخل 23 ألف فرد سوق العمل اللبناني سنوياً، ولاستيعابهم يحتاج الاقتصاد إلى خلق أكثر من 6 أضعاف عدد الوظائف الموجودة أساساً.
ووفق البنك الدولي، بلغت نسبة البطالة في لبنان قبل ظهور الأزمة السورية، 11% من القوى العاملة عاطلة عن العمل، ما يجعل من متوسط فترة البطالة طويل نسبياً، ويبلغ 13 شهراً للرجال و10 أشهر للنساء، فيما تبلغ معدلات البطالة الخاصة بالنساء نسبة 18% ومعدلات البطالة الخاصة بالشباب نسبة 34%.
وتشير تقديرات لبنانية، إلى أن إجراء الانتخابات، سيدفع نسب النمو الاقتصادي لتجاوز 2.5% في 2017 مقارنة مع أقل من 1% العام الماضي، وسيُسجَّل تحسن على صعيد نشاطات القطاعات الاقتصادية كالسياحة والاستثمار العقاري والاستهلاك.
الأناضول