وافق برلمان إقليم كردستان العراق على إجراء استفتاء على استقلال الإقليم يوم 25 سبتمبر 2017 متجاهلا معارضة العراق وإيران وتركيا وقلق واشنطن ودول غربية من احتمال أن يفجّر هذا الإجراء صراعات جديدة في المنطقة. وكان قرار البرلمان الكردي، في الجلسة التي انعقدت والشكوك حول قانونيتها وهي الأولى له منذ عامين، متوقعا.
فالوقت لم يحن بعد لتأجيل الاستفتاء أو إلغائه، لأنه لم يحقق بعد الغايات الرئيسية التي أطلق استفتاء الانفصال من أجلها؛ فمسألة كركوك لم تحسم بعد شأنها شأن الأراضي المتنازع عليها مع الحكومة المركزية في بغداد. كما أن التصويت سيمنح المفاوضين الأكراد مساحة أكبر لإعادة تقييم العلاقات مع بغداد.
سبق أن خاض الأكراد تجربة مماثلة في يناير 2005 عبر استفتاء غير رسمي للاختيار بين إعلان الاستقلال والبقاء ضمن العراق. لم تعكس نتائج التصويت رغبة الأكراد في الانفصال فعليا، إلّا أن استفتاء 2005 أعطى الأكراد قوة استخدموها لتأمين حقوق وصلاحيات أكثر تم تنصيصها في الدستور العراقي، الذي تم الاستفتاء بخصوصه في 15 أكتوبر 2005، ودخل حيز التنفيذ في عام 2006. وأعلن دستور 2005 إقليم كردستان العراق ككيان اتحادي ضمن العراق، وجعل اللغة الكردية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية.
لذلك، وفي حين أن التصويت على الاستفتاء أمر لا تراجع عنه، فإنه لن يؤدي إلى إعلان الانفصال والاستقلال التام. ويدرك الأكراد أن وضعهم ووضع المنطقة في هذه المرحلة لا يسمح بظهور دولة جديدة.
لكن هم يدركون أيضا أن عليهم أن يستغلّوا هذا الوضع لتحقيق أكبر قدر من المكاسب والاستفادة من فرص قد لا تتكرّر؛ وإن كان حلم الدولة الكردية سيبقى قائما فإن الأفضل اليوم هو إقليم قوي وشبه مستقل على دولة مستقلة ضعيفة، وللأكراد في تجربة جنوب السودان خير مثال.
لكن وبينما يشكل الاستفتاء فرصة للأكراد، فإنه أيضا اختبار للعراقيين والعرب أساسا، فإذا كان موقف تركيا وإيران المعادي للاستفتاء له مبرراته، فإن موقف بعض الجهات العربية الرافض للاستفتاء من باب الحرب ضد إيران والموقف السلبي من تركيا، أكثر منه حرصا على عدم تفكك العراق.
العرب