تستغل إيران الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية من أعمال الإرهاب والحروب الأهلية لمد نفوذها الخارجي في الدول العربية، حيث تنشغل دول المنطقة والعالم بالحرب التي تشن على الجماعات الإرهابية الدينية المتطرفة وخاصة «داعش» و«النصرة» في سوريا والعراق، وليس أدل على ذلك مما يجري في اليمن من احتلال الحوثيين للعاصمة صنعاء وتمددهم خارجها وهم الذين تمدهم إيران بالسلاح والمال، مما يدل على أن إيران لها أطماعها في هذه المنطقة. وهذا يثبت لنا بما لا يدع مجالا للشك أن إيران ليست لديها القدرة على المواجهة المباشرة، إنما هي تستخدم سلاح الطائفية إضافة إلى الدعم المالي والعسكري للجماعات الموالية لها.
إن استراتيجية النظام الإيراني هذه تقوم على إذكاء روح الطائفية والمذهبية والقيام بعمليات غسيل دماغ أفراد الشعب المستهدف وخاصة الشباب وتأجيج الفتن والحروب الأهلية ونشر فكرة المظلومية بين أفراد الشعب ليسهل عليها بعد ذلك مد نفوذها، إذ تخوض هذا الصراع بخلفيات مذهبية محضة باعتبارها – حسب زعمها – قائدة العالم الإسلامي، فإيران ومعها الشيعة (الإمامية) يعيشان (عصر الغيبة)، وتعتبر إيران ولاية الفقيه تجسيدا لروح الإمام الغائب، وبالتالي فطاعة الولي الفقيه واجبة، وقراره نافذ، ليس فقط على شيعة إيران بل على جميع المسلمين، كما تنص فتوى خامنئي نفسه.
وما يثبت لنا استخدام إيران لهذه الاستراتيجية هو ما حدث في لبنان وسوريا والعراق واليمن والبحرين. إن إيران أضعف من أن تواجه خصومها بالحرب، وما خسارتها في حربها مع العراق أثناء حكم صدام حسين إلا أكبر دليل على ذلك. إن استراتيجيتها هذه تقوم على محور أساسي وهو «طأفنة» الشعب المستهدف لفك اللحمة الوطنية وزرع بذور التفرقة والانشقاق والكراهية والحقد بين أفراد الشعب الواحد، والدفع بشبكات التجسس على المواقع الحيوية والاستراتيجية بالدول العربية، ودعم الجماعات المعارضة للنظام القائم والخروج عليه بالسلاح والمال، إما لكونه حليفا لدولة معادية أو لكونه يمثل عقبة أمام مخططاتها، وبالفعل نجح النظام الإيراني في مد نفوذه من خلال هذه الاستراتيجية.
صحيفة الشرق الأوسط