في تسعينات القرن الماضي صاغ مفكر أميركي نظرية علمية حول صعود وانهيار الإمبراطوريات، قال فيها: إنها تخضع لآلية قاتلة تعجز عن تجاوزها، تبدأ بتراكم قدر من القوة والثروة يسمح لها بطور من التوسع والارتقاء، يفضي بمرور الوقت إلى اتساع رقعة ممتلكاتها ومسؤولياتها، وتعاظم إنفاقها المكرس للحفاظ على ممتلكاتها، في وجه مقاومة متزايدة من خاضعين يريدون الانفكاك عنها.
الأمر الذي يرجح دور جانبها العسكري / الأمني على بقية أدوارها، ويجبرها على توظيف قدرات متعاظمة للحفاظ على ممتلكاتها وبالتالي كيانها الكبير ضد التفكك، المتعاظم الخطورة، والذي يجعل تكلفتها أكبر من عوائدها، ونفقات صيانتها والمحافظة عليها أكبر من مواردها، ويحول هوامشها إلى مراكز تستنزفها ومركزها إلى هامش يتعاظم ضعفه إلى أن ينهار، فتزول ليس فقط الممتلكات الإمبراطورية، بل الإمبراطورية ذاتها مركزاً وهوامش.
درس كنيدي تاريخ الإمبراطوريات رغبة منه في جعل الولايات المتحدة الأميركية، التي تعتبر أكبر وأقوى إمبراطورية عرفها التاريخ، تتفادى المصير الذي واجهته الإمبراطوريات القديمة، التي نشأت بفضل خيرات وموارد مستعمراتها وانهارت بسبب نضوب مواردها وخيراتها الذاتية، التي أنفقتها في سبيل الحفاظ عليها، رغم أنها لم تعد استثماراً مربحاً، وتحولت إلى خسارة صرف.
كان كنيدي يريد لأميركا أن تعرف متى تتخلى عن أجزاء من إمبراطوريتها يضعفها الاحتفاظ بها، ويمكن أن تنهار إن هي واصلت الاحتفاظ به.
ومن يراقب سياسات أوباما يلاحظ شيئاً من تأثير هذه النظرية في استراتيجيته، القائمة على التخلي عن أجزاء من الإمبراطورية تراجعت منافعها والمغانم الناجمة عن مواقعها وأدوارها، والتركيز على بناء مركز إمبراطوري سيد يتمحور حول الولايات المتحدة، تكون لها سيطرة تامة عليه لا يعكر صفوها منافس أو عدو، تنفق مواردها فيه فتعظم ثراءها وتقلص نفقاتها غير الضرورية، وتكفل وجودها لأطول فترة ممكنة، بالإقلال من نقاط الاحتكاك مع أقسامها الخارجية، وخاصة منها تلك التي لا يمكن المحافظة عليها بغير القوة العسكرية، رمز الإنفاق التبديدي غير المجدي.
في الخبرة التاريخية، لم يسبق لإمبراطورية كبيرة أن قبلت التعايش مع إمبراطورية محلية، إذا لم تكن دائرة في فلكها وضرورية لمخططاتها .
واليوم، والإمبراطورية إما أن تكون كونية أو أنها تكون في أحسن الأحوال قوة كبيرة أو عظمى، من الصعوبة إلى درجة الاستحالة أن تنشأ وتتوطد إمبراطورية دنيا، محلية، ضد إرادة من يسيطر على المجال الكوني أو يقرر طبيعة بنيته وعلاقاته.
يعني هذا أن الإمبراطورية الدنيا لا تعيش بقوة شروطها الذاتية، وأن تكلفتها تكون أكبر من عائدات توابعها منذ بداية تكونها، لذلك يكون انهيارها سريعاً ومجال سيطرتها محدوداً ومقيداً وقابلاً للتقويض، بقوة الإمبراطورية العليا والقوى الكبيرة والعظمى.
بقول آخر: من الحمق أن تفكر قوة إقليمية ببناء إمبراطورية، لأنها لن تكون غير قوة دنيا ومحلية الطابع، مهما بلغت قدرتها على التعبئة والتنظيم الداخلي، وكان لها من سيطرة على جوارها، ونجحت في بلورة أنماط من التوسع تخترق بواسطتها جوارها الجغرافي وبيئتها التاريخية، بما أنها ستعجز حتماً عن مواجهة مقاومة مزدوجة ستنطلق من داخلها: من الذين أرغمتهم على الانضواء تحت سلطانها، ومن خارجها، من القوة الإمبراطورية والدول الكبرى والعظمى، التي ستزيحها من طريقها بمجرد أن ترى فيها كياناً لا لزوم له، تتعارض وظائفه مع مصالحها.
تشبه الإمبراطوريات الدنيا الإقليمية ذلك الضفدع الذي شاهد فيلاً فقرر أن ينفخ نفسه إلى أن يصير في حجمه، فانفجر ومات.
واليوم، وبعض القوى الإقليمية تنفخ نفسها لاعتقادها أنها يمكن أن تصير فيلًا، لن يكون مصيرها مختلفاً عن مصير ذلك الضفدع، الذي تحول إلى عبرة في قصة بعد أن كان كائناً حياً لو بقي قانعاً بحجمه لما أصابته قلة عقله بمكروه وأفضت إلى مقتله.
الأمر الذي يرجح دور جانبها العسكري / الأمني على بقية أدوارها، ويجبرها على توظيف قدرات متعاظمة للحفاظ على ممتلكاتها وبالتالي كيانها الكبير ضد التفكك، المتعاظم الخطورة، والذي يجعل تكلفتها أكبر من عوائدها، ونفقات صيانتها والمحافظة عليها أكبر من مواردها، ويحول هوامشها إلى مراكز تستنزفها ومركزها إلى هامش يتعاظم ضعفه إلى أن ينهار، فتزول ليس فقط الممتلكات الإمبراطورية، بل الإمبراطورية ذاتها مركزاً وهوامش.
درس كنيدي تاريخ الإمبراطوريات رغبة منه في جعل الولايات المتحدة الأميركية، التي تعتبر أكبر وأقوى إمبراطورية عرفها التاريخ، تتفادى المصير الذي واجهته الإمبراطوريات القديمة، التي نشأت بفضل خيرات وموارد مستعمراتها وانهارت بسبب نضوب مواردها وخيراتها الذاتية، التي أنفقتها في سبيل الحفاظ عليها، رغم أنها لم تعد استثماراً مربحاً، وتحولت إلى خسارة صرف.
كان كنيدي يريد لأميركا أن تعرف متى تتخلى عن أجزاء من إمبراطوريتها يضعفها الاحتفاظ بها، ويمكن أن تنهار إن هي واصلت الاحتفاظ به.
ومن يراقب سياسات أوباما يلاحظ شيئاً من تأثير هذه النظرية في استراتيجيته، القائمة على التخلي عن أجزاء من الإمبراطورية تراجعت منافعها والمغانم الناجمة عن مواقعها وأدوارها، والتركيز على بناء مركز إمبراطوري سيد يتمحور حول الولايات المتحدة، تكون لها سيطرة تامة عليه لا يعكر صفوها منافس أو عدو، تنفق مواردها فيه فتعظم ثراءها وتقلص نفقاتها غير الضرورية، وتكفل وجودها لأطول فترة ممكنة، بالإقلال من نقاط الاحتكاك مع أقسامها الخارجية، وخاصة منها تلك التي لا يمكن المحافظة عليها بغير القوة العسكرية، رمز الإنفاق التبديدي غير المجدي.
في الخبرة التاريخية، لم يسبق لإمبراطورية كبيرة أن قبلت التعايش مع إمبراطورية محلية، إذا لم تكن دائرة في فلكها وضرورية لمخططاتها .
واليوم، والإمبراطورية إما أن تكون كونية أو أنها تكون في أحسن الأحوال قوة كبيرة أو عظمى، من الصعوبة إلى درجة الاستحالة أن تنشأ وتتوطد إمبراطورية دنيا، محلية، ضد إرادة من يسيطر على المجال الكوني أو يقرر طبيعة بنيته وعلاقاته.
يعني هذا أن الإمبراطورية الدنيا لا تعيش بقوة شروطها الذاتية، وأن تكلفتها تكون أكبر من عائدات توابعها منذ بداية تكونها، لذلك يكون انهيارها سريعاً ومجال سيطرتها محدوداً ومقيداً وقابلاً للتقويض، بقوة الإمبراطورية العليا والقوى الكبيرة والعظمى.
بقول آخر: من الحمق أن تفكر قوة إقليمية ببناء إمبراطورية، لأنها لن تكون غير قوة دنيا ومحلية الطابع، مهما بلغت قدرتها على التعبئة والتنظيم الداخلي، وكان لها من سيطرة على جوارها، ونجحت في بلورة أنماط من التوسع تخترق بواسطتها جوارها الجغرافي وبيئتها التاريخية، بما أنها ستعجز حتماً عن مواجهة مقاومة مزدوجة ستنطلق من داخلها: من الذين أرغمتهم على الانضواء تحت سلطانها، ومن خارجها، من القوة الإمبراطورية والدول الكبرى والعظمى، التي ستزيحها من طريقها بمجرد أن ترى فيها كياناً لا لزوم له، تتعارض وظائفه مع مصالحها.
تشبه الإمبراطوريات الدنيا الإقليمية ذلك الضفدع الذي شاهد فيلاً فقرر أن ينفخ نفسه إلى أن يصير في حجمه، فانفجر ومات.
واليوم، وبعض القوى الإقليمية تنفخ نفسها لاعتقادها أنها يمكن أن تصير فيلًا، لن يكون مصيرها مختلفاً عن مصير ذلك الضفدع، الذي تحول إلى عبرة في قصة بعد أن كان كائناً حياً لو بقي قانعاً بحجمه لما أصابته قلة عقله بمكروه وأفضت إلى مقتله.
ميشيل كيلو – البيان