اتهمت 55 منظمة سورية قريبة من المعارضة أو محسوبة عليها، الأربعاء 15 يونيو/حزيران 2016، الأمم المتحدة بـ”الانحياز” إلى النظام السوري في عملية إيصال المساعدات إلى السوريين المحاصرين في مناطق عدة.
وتعليقاً على هذا الاتهام، أقر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا، يعقوب الحلو، بأن عملية إيصال المساعدات “ليست مثالية”، لكنه شدد على أن الأمم المتحدة تواصل “مساعدة السوريين وفق الحاجة”.
وفي تقرير أعدته حملة “من أجل سوريا”، نُشر الأربعاء، قالت 55 منظمة سورية حقوقية وطبية وإغاثية ومجالس محلية معارضة، بينها الدفاع المدني والشبكة السورية لحقوق الإنسان: “تتعرض مبادئ إنسانية أساسية كالنزاهة والاستقلالية وعدم الانحياز إلى انتهاكات خطيرة في سوريا، وهذه المرة على يد الأمم المتحدة نفسها”.
ويستند التقرير إلى شهادات موظفين حاليين وسابقين في الأمم المتحدة وعاملي إغاثة وناشطين معارضين ومدنيين محاصرين في مناطق عدة في سوريا.
وورد في التقرير: “اختارت الأمم المتحدة الامتثال للقيود المفروضة من قبل الحكومة السورية على نشاطاتها وعملياتها على الأرض. وكنتيجة لذلك، درجت في الأمم المتحدة ثقافة الخضوع في التعاطي مع الحكومة. بالتالي، لم تظهر وكالات الأمم المتحدة رغبة فعلية في ممارسة أي ضغط للوصول إلى المناطق الخارجة عن نطاق سيطرة الحكومة السورية”.
واعتبرت المنظمات في تقريرها أن “اختيار المنظمة الدولية تقديم التعاون مع الحكومة السورية كأولوية مطلقة على ما سواه، وبغضّ النظر عن الأثمان المدفوعة لهذا الخيار، أوصل الأمم المتحدة إلى منح حق توزيع مليارات الدولارات من المساعدات الدولية إلى طرف واحد فقط من النزاع”.
ورأت أن هذا الأمر أدى “إلى التأثير على مسار الصراع الدائر، بل وحتى إطالة أمده”.
وتقدر الأمم المتحدة وجود 592,700 شخص يقيمون في مناطق محاصرة في سوريا التي تشهد منذ منتصف مارس/آذار 2011 نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من 280 ألف شخص وبنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
وبحسب التقرير، لم توصل الأمم المتحدة أي “مساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية دون وجود إذن من دمشق، على الرغم من وجود عدة قرارات صادرة عن مجلس الأمن معاقبة لذلك”، عدا عن استخدام “الحكومة السورية التهديد بالطرد لتقييد العمل الذي كانت تقوم به الأمم المتحدة وأماكن عملها ولمن تقوم بتقديم المساعدة”.
وتفرض دمشق على وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الحصول على موافقة مسبقة من السلطات قبل التوجه إلى المناطق المحاصرة لإيصال المساعدات اليها.
ونقل التقرير عن مسؤول سابق في الأمم المتحدة أن “المشاركة في لعبة الحكومة.. أصبحت مبررة لا وبل ضرورية من قبل الأمم المتحدة من أجل الوصول إلى من هم بحاجة للمساعدة”.
وقال روجر هيرن الذي تولى إدارة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في سوريا حتى عام 2011 وشارك في صوغ التقرير: “لقد كان هناك فشل منهجي في الاستجابة التي تقودها الأمم المتحدة”.
وتتحدث الأمم المتحدة عن 19 منطقة محاصرة في سوريا، لكن منسقها للشؤون الانسانية في سوريا يعقوب الحلو أشار خلال لقاء عقده الأربعاء في بيروت مع مجموعة من الصحفيين بينهم مراسلة فرانس برس، إلى وجود 18 منطقة محاصرة بعدما تم مؤخراً حذف بلدة زبدين في ريف دمشق، إثر سيطرة الجيش السوري عليها ونزوح المدنيين منها.
وأعلنت الأمم المتحدة، الخميس، تبلغها من الحكومة السورية منحها الموافقات اللازمة لنقل المساعدات إلى المناطق المحاصرة، مستثنية منطقتي حي الوعر في مدينة حمص والزبداني في ريف دمشق.
ورداً على الاتهامات التي وجهتها حملة “من أجل سوريا” الى الأمم المتحدة، أجاب الحلو بأن الأمم المتحدة “لا تساعد السوريين بناءً على مكان وجودهم، لكننا نساعد السوريين وفق الحاجة”.
وأوضح أن إرسال قافلة مساعدات الى منطقة محاصرة من دون الموافقة اللازمة هو بمثابة “مهمة انتحارية للعاملين في المجال الإنساني”.
وأقر الحلو بأن الحكومة “عرقلت” إيصال المساعدات الى بعض المناطق المحاصرةـ لكنه سأل: “هل علينا نتيجة ذلك أن نترك (المحاصرين) الآخرين عرضة للجوع؟”.
هافنغتون بوست