عندما وافق النظام السوري على الهدنة التي توافقت عليها واشنطن وموسكو قبل نحو أسبوع اشترط ألا تكون سببا في تعزيز فصائل المعارضة لمكاسبها على الأرض، بينما كان يخطط هو لتعزيز مكاسبه.
وبعد أيام من دخولها حيز التنفيذ، يأمل سكان قرى في وسط سوريا أن تعود الحياة إلى طبيعتها وأن تستمر الهدنة التي وضعت حدا لقتال عنيف كانوا يحاولون عبره إبعاد تنظيم داعش عن مناطقهم.
ويخشى سكان القرى الواقعة قرب مدينة حماة، التي ظلت تحت سيطرة نظام الرئيس بشار الأسد، من حقيقة أنها هدنة مؤقتة، وأنها لا تشمل تنظيمي داعش وجبهة النصرة.
وتساعد روسيا الأسد على تحقيق أكبر مكاسب ممكنة من الهدنة. وأنشأت وزارة الدفاع الروسية مركز تنسيق يضم ضباطا روسا من مهامهم عقد محادثات مع فصائل المعارضة ومحاولة إقناع السكان بالتفاوض على اتفاقات وقف إطلاق نار محلية.
وتحاول روسيا كسب دعم دولي لفروع صغيرة من استراتيجية أوسع لتحويل التقدم العسكري الذي حققه الجيش السوري قبل بدء الهدنة إلى أمر واقع طويل الأمد.
ونظمت موسكو رحلات لصحافيين إلى قرية معرزاف التي تبعد حوالي 15 كيلومترا غربي مدينة حماة، حيث اطلع فريق وكالة أنباء اسوشيتد برس على واحدة من بين العشرات من الوثائق الموقعة من جانب النظام والقرويين لإحلال السلام.
ونجح الجيش السوري مؤخرا في تحقيق تقدم كبير في شمال المحافظة عبر السيطرة على طريق يربط بلدة سلمية شمال محافظة حلب بقرية أثريا على حدود محافظة الرقة معقل تنظيم داعش.
كما نجح في ربط هذا الطريق بمحور سلمية- خناصر- حلب، وهو ما منحه سيطرة على طريق يربط ثلاث محافظات مرة واحدة، ومنحه أيضا قدرة على التفاوض مع السكان المحليين.
وحضر التوقيع على اتفاق معرزاف الذي جرى يوم الأربعاء المئات من السوريين الذين تجمعوا في الساحة الرئيسية للقرية، يتوسطهم الشيخ أحمد مبارك الذي يحظى بشعبية كبيرة في المنطقة.
ووفقا لبنود الاتفاق، يلتزم السكان والفصائل المقاتلة بالهدنة ويسمحون للقوات الحكومية بفرض سيطرتها على قراهم، في مقابل الحصول على ضمانات على توفير الأمن والخدمات الأساسية.
ويقول الجيش الروسي أن حوالي 30 بلدة وقرية انضمت إلى اتفاق الهدنة.
وقال الشيخ مبارك لمراسل الوكالة “السوريون في حاجة إلى السلام”، لكنه أيضا عبر عن أمله في أن تكون هذه الهدنة مقدمة لإطلاق سراح معتقلين في سجون النظام السوري.
ويتزعم الشيخ مبارك ميليشيا محلية قاتلت لشهور ضد تنظيم داعش في حماة.
ولتعزيز الهدنة، عكفت شاحنات تابعة للجيش الروسي على نقل أطنان من المواد الغذائية لسكان القرى المنضمة إلى الهدنة، وأرسلت فريقا طبيا لفحص كبار السن وتقديم المساعدة لهم.
وكان الجندي في الجيش السوري صليبة شعمان واقفا على تلة يشاهد التوقيع على الهدنة بينما يتدلى من على كتفه قاذف صواريخ.
وقال شعمان “وقف إطلاق النار شيء جيد. لقد عدت للتو من القتال على الخطوط الأمامية قرب حلب”.
لكن هذه الاتفاقات المحلية تتناقض كثيرا مع الواقع. ويقول نشطاء معارضون وقادة فصائل معتدلة إنهم لا يعلمون شيئا عن اتفاقات محلية للدخول في هدنة مع النظام السوري.
وقتل 18 من مسلحي الجيش السوري الحر في تفجير سيارة ملغومة استهدف اجتماعا لهم بمحافظة القنيطرة في جنوب سوريا.
واستهدف التفجير في قرية العشة قاعدة لجبهة ثوار سوريا، وراح ضحيته قائد “جبهة ثوار سوريا” أبو حمزة النعيمي.
وذكر عضو في الجبهة، طلب عدم ذكر اسمه، أن الاجتماع كان يخطط لمهاجمة جبهة النصرة في جنوب سوريا.
وتحاول روسيا توسيع قاعدة نفوذ النظام السوري، بالتزامن مع مساعدته على تحقيق مكاسب على المستوى الوطني.
وقال معارض سوري لم يشأ ذكر اسمه “الأميركيون قرروا تسليم البلد إلى الروس كي يطووه ويضعوه في جيوبهم، ومن ثم يسكت صراخ المعارضة”.
العرب