كانت سوريا من أولى الدول الغنية في مجال الزراعة قبل خمسة أعوام، بسبب تربتها الخصبة والقابلة للزراعة مثل الغوطة بريف دمشق، فهي معروفة ببساتينها الخضراء وإدلب الخضراء المعروفة بزراعة أشجار الزيتون، ولكن الزراعة تراجعت بشكل كبير بعد مرور خمسة أعوام على الثورة السورية، بسبب ممارسات نظام الأسد وتخريبها للأراضي الزراعية.
خلال الثورة السورية قام نظام الأسد بمنع المزارعين من العناية بمزارعهم والذهاب إليها، وقطع الأشجار وحرق المحاصيل وحاصر المدن والبلدات ومنع عنها الأدوية والأسمدة الزراعية، ويحاول نظام الأسد أن يظهر نفسه بصفة المعتني بالزراعة، حيث ذكرت جريدة البعث الموالية للنظام أنه أفاد المهندس أحمد عباس مدير فرع المصرف الزراعي بحمص أن كميات الأسمدة المبيعة للمزارعين منذ بداية العام الجاري حتى نهاية شهر آذار الماضي، بلغت 5260 طناً منها 1333 طناً من السوبر الثلاثي و3839 طناً من اليوريا و88.5 طناً من نترات الأمونيوم بقيمة إجمالية بلغت 382 مليوناً و771 ألف ليرة، كما تم شحن 15 ألف طن من السماد إلى فروع المصرف الزراعي بحمص بهدف تلبية احتياجات المزارعين حيث تم شحن 7846 طناً من سماد السوبر الثلاثي و17024 طناً من سماد اليوريا و130 طناً من سماد نترات الأمونيوم.
يصرح مدير فرع المصرف الزراعي بحمص بأقواله وكأنه لم يسمع ببساتين الغوطة المحاصرة في ريف دمشق، منذ أعوام من قبل عناصر نظام الأسد، فقطع عنها الماء والأسمدة وكل سبل الحياة فمات الشباب والشيوخ والرضع جوعا، وانعكس هذا الحصار سلبا على الأراضي الزراعية في الغوطة مما أدى لتراجع الزراعة فيها.
أبو عادل مزارع من الغوطة الشرقية بريف دمشق يقول: ” بسبب الحصار الذي تطبقه قوات نظام الأسد على غوطتنا، تراجع مجال الزراعة عندنا بشكل كبير فتفشت الأوبئة الزراعية ولا نملك الدواء لمعالجة مرضانا، حتى نملك الدواء لمعالجة الأشجار والبساتين إضافة إلى استهداف قناصي النظام للمزارعين في أراضيهم “.
ولم تكتفِ قوات النظام بحصار البلدات والبساتين فعملت قوات النظام التي تتمركز على الحواجز المحيطة بالمدن والقريبة للأراضي الزراعة، على قطع الأشجار واستخدامها للتدفئة وذلك بحجة اختباء المسلحين خلفها وإطلاق النار على الحاجز، وفي بعض الأحيان كان عناصر الحاجز يبيعون الأشجار التي يقطعونها، كحطب للتدفئة للمدنيين، علما أن الأشجار كأشجار الزيتون تحتاج لفترة طويلة كي تنموا وتصبح مثمرة.
إضافة لذلك منعت قوات نظام الأسد وحواجزه المتمركزة على أطراف المدن كمدينة إدلب سابقا المزارعين من الذهاب إلى أراضيهم والعناية بها، بحجة كونها مناطق اشتباك أو أماكن تجمع للمسلحين كما يزعمون، مما أدى إلى إهمال أشجار الزيتون بشكل كبير وتراجع محصولها، أبو خالد مزارع من مدينة إدلب يقول: ” قبل تحرير مدينة إدلب كانت عناصر الحاجز الذي يقع قبل أرضي على الكورنيش، تمنعني من الذهاب إلى مزرعتي واتهموني بالتعامل مع المسلحين / كتائب الثوار/، فلم أجرؤ بعدها على الذهاب وبعد تحرير المدينة ذهبت لأجد أرضي وبيتي فيها قد احترقتا بشكل كامل”.
عمل نظام الأسد منذ بداية الثورة على قطع كافة سبل الحياة عن المناطق الثائرة، وحارب كل المقومات الأساسية والإنتاجية للحياة، ومنها محاربة مجال الزراعة والأراضي الزراعية، ولكن الشعب الثائر كان دائما لديه الطرق البديلة، وفي بعض الأحيان يتخلى عن أغلى ما يملك دعما للثورة وأهدافها الكبرى وأهمها إسقاط بشار الأسد ونظامه.
المركز الصحفي السوري – محمد المحمود