نشب اشتباك مثير بين ممثلَي وكالتي أنباء “الأناضول” التركية، و”الشرق الأوسط” المصرية، على خلفية دفاع الأول عن موقف بلاده، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، من رفض الانقلاب العسكري الدموي بمصر، في حين ردّ عليه، ممثل الثانية، رافضا توصيف ما حدث بمصر، بأنه انقلاب، وذلك في المؤتمر العالمي الخامس لوكالات الأنباء، بعاصمة أذربيجان، “باكو”، الأربعاء.
الأناضول: انقلاب عسكري بمصر.. فأين الموضوعية؟
وفي البداية، قال وكيل رئيس مجلس إدارة وكالة “الأناضول”، الدكتور شعبان قزلداغ، في كلمته أمام المؤتمر، الأربعاء، إن الإعلام العالمي لم ينقل تفاصيل المحاولة الانقلابية الفاشلة، التي وقعت في تركيا منتصف تموز/ يوليو الماضي، إلى العالم بشكل موضوعي، كما تحتم عليه مسؤولياته.
واتهم قزلداغ “الإعلام الغربي” بأنه “لم يقم بنقل الأخبار أثناء وبعد المحاولة الانقلابية الدموية في تركيا بشكل غير موضوعي فحسب، بل إنه لم يتخذ موقفا واضحا وثابتا لدعم الحريات والديمقراطية في العديد من الأماكن في العالم، ومنها اعتقال الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، إثر انقلاب عسكري (في 3 تموز/ يوليو 2013)، الذي لا يزال في السجن”، وفق وصفه.
وأكد قزلداغ، بحسب وكالة “الأناضول”، أن “الانقلابيين (منتصف تموز/ يوليو الماضي)، حاولوا تدمير كل مكاسب الديمقراطية في تركيا في ليلة واحدة”، على حد قوله.
واتهم الإعلام الغربي بعدم الموضوعية في مصر، وفلسطين، وغزة، وسوريا، مبينا أنه لم يتخذ موقفا مؤيدا للديمقراطية.
وأشار إلى أن زعماء العالم والإعلام العالمي تضامنوا مع فرنسا عقب وقوع هجوم على مجلة “شارلي إيبدو” الباريسية الساخرة، إلا أنهم لم يظهروا التضامن نفسه مع هجمات مشابهة وقعت في أنقرة وإسطنبول، وحيال المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا.
واعتبر قزلداغ أن هذا الموقف “لا يليق بالإعلام الحر، والإعلام الغربي الذي يُوصف بالمتحرر”.
“الشرق الأوسط”: لن نرد بطريقة “الديكتاتور هو أمك”
ويبدو أن كلمة مسؤول “الأناضول” عن الانقلاب بمصر، وإشارته إلى سجن الرئيس المنتخب محمد مرسي، قد استفزا للغاية ممثل وكالة أنباء “الشرق الأوسط”، الحكومية المصرية، في المؤتمر، فحرص على الرد عليه في كلمته.
وقال ممثل وكالة “الشرق الأوسط” المصرية إن “الرئيس عبد الفتاح السيسي هو خيار جميع المصريين، ومن لم يدرك ذلك، فإنه يحتاج إلى من يخرجه من غياهب الماضي”، وفق وصفه.
وأضافت الوكالة أن ذلك جاء في رد ممثلها بالمؤتمر على نائب رئيس وكالة الأنباء التركية “الأناضول”، قزلداغ، “الذي حرض الصحفيين المشاركين في المؤتمر على اعتبار ثورة 30/ 6 انقلابا”، وفق الوكالة.
وأكد ممثل الوكالة في تعقيبه أيضا أن هذا غير مقبول مهنيا، مشددا على أنها “لا تلجأ لأسلوب مستشارة الرئيس التركي، سعادات أوروك، التي وجهت تغريدة على (تويتر) إلى صحفي فرنسي كان قد وصف أردوغان بأنه ديكتاتور بالقول: الديكتاتور هو أمك”.
واستدرك المسؤول المصري بأن وكالة “الشرق الأوسط” المصرية تحتفظ لنفسها بالحق في مقاضاة من يتحدث حديثا غير مسؤول، وفق وصفه.
وزعمت الوكالة المصرية (التي تخضع للسيطرة الكاملة من الحكومة المصرية)، في تقريرها حول الواقعة، أن العديد من المشاركين في المؤتمر قد وصفوا تصريحات قزلداغ بأنها غير مسؤولة، وبأنه ليس لديه خبرة دولية، وبأنه كذلك استخدم منصة مهنية للحديث عن السياسة.
ماذا قالت مستشارة أردوغان للصحفي الفرنسي؟
وكانت مستشارة الرئيس التركي، سعادت أورتوش، قد ردَّت على الصحفي الفرنسي، جون بول ناي، بعد وصف الأخير لأردوغان بـ”الديكتاتور”، قائلة: “الديكتاتور هو أمك”، وذلك عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.
ونشرت أورتوش تغريدة أخرى ردا على الانتقادات التي تلقاها أردوغان، ذكرت فيها: “ليس هناك أي موضوع يمكن مناقشته بشكل جاد مع شخص يصف رئيس بلدي بالديكتاتور”، مضيفة في تغريدتها: “لقد حصل على الجواب الذي يستحقه”، على حد قولها.
وماذا قال أردوغان تعليقا على إلغاء إعدام مرسي؟
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، علق الأربعاء، على قرار القضاء المصري بإلغاء أحكام الإعدام بحق الرئيس المصري المعتقل محمد مرسي، في القضية المعروفة إعلاميا باسم “اقتحام السجون”، مؤكدا أن تعليقه ليس تدخلا بالشؤون المصرية.
وقال أردوغان في تصريح للصحفيين من مطار “إسبينوغا” متوجها إلى باكستان: “لا يجب اعتبار هذا تدخلا في الشؤون الداخلية المصرية، ولكننا لا نرى الانقلاب على رئيس جمهورية وصل إلى السلطة بعدما حاز 52% من الأصوات عملا ديمقراطيا”.
وبشأن قرار القضاء المصري، قال أردوغان إنه “لم تكن هذه خطوة كبيرة.. هؤلاء الناس في السجن منذ ثلاث سنوات.. في ظروف معيشية غير معروفة.. كما أننا لا نعرف ماذا سيحدث بعد ذلك، إذ يتحدث البعض عن إمكان أن يتم الحكم عليهم بالمؤبد أو ما شابهه”.
وأضاف أن “محاكمة السيد مرسي وزملائه لا تمر بمرحلة عادلة. والأصل في كل ذلك أن يتم إطلاق سراح الرئيس المصري المظلوم محمد مرسي وزملائه في أقرب فرصة ممكنة”، حسبما نقلت صحيفة “صباح” التركية.
وكانت محكمة النقض المصرية أصدرت، الثلاثاء، قرارا بإلغاء حكم الإعدام الصادر بحق الرئيس محمد مرسي ومرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع، في القضية المعروفة إعلاميا باسم “اقتحام السجون”.
وهجوم إعلامي برلماني مصري على التصريحات
وفي المقابل، وردا على هذه التصريحات، هاجم إعلاميون وبرلمانيون موالون لرئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، تصريحات الرئيس التركي.
ونشرت صحيفة “اليوم السابع”، الموالية لسلطات الانقلاب، تقريرا، الخميس، وصفت فيه أردوغان بأنه متناقض، إذ قالت: “أردوغان المتناقض يطالب بالإفراج عن مرسي والإخوان ويمارس الديكتاتورية في بلده”.
وزعمت الصحيفة أن تلك التصريحات قد أثارت غضبا واسعا من التدخلات المستمرة للرئيس التركي في الشأن الداخلي المصري.
ومن جهته، طالب عضو “مجلس نواب ما بعد الانقلاب”، مصطفى بكري، مصر بأن تتقدم بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن ضد التدخلات المستمرة لأردوغان في الشأن الداخلي المصري، ووضع حد لهذا التدخل الذي وصفه بأنه فاق كل الحدود.
وأضاف بكري، في تصريحات صحفية، أن تصريحات أردوغان المطالبة بالإفراج عن مرسي والإخوان هي كلام موجه لأردوغان شخصيا الذى يتخذ قرارات دون محاكمات، ويغلق صحفا، ويسرح كبار قادة الجيش، ويتآمر على الوطن، وفق زعمه.
واستدرك: “لكل ذلك يتوجب على مصر أن تتقدم بشكوى لمجلس الأمن بسبب التدخل في الشؤون الداخلية المصرية، والتآمر والتحريض ضد القضاء والدولة المصرية”، وفق زعمه.
في السياق نفسه، أعربت عضوة لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، آمنة نصير، عن استغرابها من تصريحات الرئيس التركي، متابعة: “كأنه – أي أردوغان – نسي ما حدث من يديه على أهل وطنه منذ عدة أسابيع، فمن استحوا ماتوا”، بحسب وصفها.
بدء مؤتمر الوكالات بافتتاح رئيس أذربيجان له
وبعيدا عن هذا السجال، فقد بدأت فاعليات أعمال المؤتمر الخامس لوكالات الأنباء العالمية، في العاصمة الأذرية “باكو”، بشكل رسمي، صباح الأربعاء تحت شعار “تحديات جديدة لوكالات الأنباء”، وافتتحها الرئيس الأذري، إلهام علييف.
وشدد علييف في كلمته مخاطبا المشاركين في العمل، على تعزيز التعاون بين اتحاد الوكالات العالمية.
وحضر المؤتمر الذي يعقد في مركز “حيدر علييف”، برعاية مؤسسة “حيدر علييف” ووكالة أنباء أذربيجان الحكومية (أذرتاج للأنباء)، أكثر من مئة وكالة أنباء في العالم، وخبراء إعلاميون دوليون، ومسؤولون من هيئة الأمم المتحدة، واليونسكو، والمؤسسات الإعلامية المحلية في ثمانين دولة.
ويذكر أن المؤتمر الدولي الرابع لوكالات الأنباء العالمية، قد استضافته المملكة العربية السعودية في عام 2013، تحت شعار “إعادة تشكيل وكالات الأنباء في القرن الحادي والعشرين”، وتُوج بإصدار “إعلان الرياض”.
عربي21