الاسم الذي يحمله الإنسان منذ الساعات الأولى لولادته هو عبارة عن هوية وبطاقة تعريف وإضفاء صفة الأنسنة عليه.
وهو حق طببعي لكل طفل مولود حديثا؛ وواجب يقع على عاتق الأهل لاختيار الاسم المناسب.
قديما كانت الأسماء تلائم زمانها وأدواتها المستخدمة والظروف المعيشية التي لاتخلو من شظف، فأخذت معظم الأسماء طابع القساوة والصلابة، وأحيانا التجبر والتكبر، وأحيانا أخرى محرمة من وجهة نظر الدين.
وقد عمل الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بعد مجيئه بالرسالة على تغيير الكثير من الأسماء لأصحابه، وحض الإسلام مرارا وتكرارا على ضرورة انتقاء اسم مناسب للوليد؛ وحمل الأبوين كامل المسؤولية في ذلك.
واليوم وبعد 1400سنة ومايزيد مازلنا نسمع بمشاكل اجتماعية عقيمة الحل منطلقها اسم الطفل المولود حديثا ؛ وللآسف مازالت مشاكل من قبيل تحكم أطراف خارج نطاق الأبويين بهذه المسألة (كالحموات مثلا) أو التقيد بالعادات والتقاليد الموروثة بالتزام تسمية الابن (ذكرا كان أم انثى ) باسم الجدين مهما كان الاسم سيئا.
والمفارقة هنا أن القصة تتحول في كثير من الأحيان إلى “تكسير رووس” بمعنى أنا كجدة أود وأضغط وأغضب لكي تسمى البنت باسمي مع أني في قرارة نفسي أكره هذا الاسم.
وتبدأ هنا المشكلة بين الأم والجدة “كنة وحماية” فالأم ترغب باختيار اسم عصري لطفلتها يناسب زمانها ويوافق أسماء مثيلاتها من المولودات حديثا، والانتصار في هذه المعركة غالبا أو لنقل دائما؛ ينتهي بقهر داخلي لأحد الطرفين والمغلوب حصرا.
والأسوأ من ذلك، هو أن يسمى الاسم وأحد الوالدين غير راض فيعمل على إطلاق اسم آخر للمولود، وبهذا تظهر لدينا ظاهرة “الاسمين “للطفل الواحد؛ ومايترتب عليه من أذية نفسية تلحق به خاصة عندما يبلغ سن دخول المدرسة، ويشعر بالارتباك والخلل النفسي كون له اسمين؛ وماتعود عليه في المنزل مختلف تماما عن ماينادى به بالمدرسة.
وبالتأكيد علينا أن نكون أكثر جدية بالتعامل مع نقص التوازن وضعف الشخصية الذي يلحق بالطفل جراء هذا الأمر الذي قد يعتبره الكثير منا بسيطا!
ثم إن الاسم القديم وغير الملائم هو مدعاة خجل للطفل، الذي يتحرج دائما من مناداته أمام الآخرين وسماع تعليقاتهم وتهكمهم عليه.
وكم يمر علينا أطفال بلغوا العام من العمر؛ ولا اسم محدد يطلق عليهم، والسبب الخلاف بين الأبويين حول الأمر فنجد هذا الطفل متأخر عن أقرانه، لغياب هويته واسمه الخاص به والذي يمنحه الاستقلالية ويكون نقطة في بدء تكوين شخصيته.
وخلاصة القول: نحن لسنا طرفا ضد أحد ؛ أو نصير مع أحد، لكننا فقط نرغب في حصول أطفالنا أكبادنا على التوازن المرغوب والاسم اللائق ليكملوا حياتهم وهم راضين عن شخصيتهم المرسومة والمنتمية والمرتبطة باسمهم وهويتهم المميزة.
شاديا الراعي -مجلة الحدث.