قريباً سيحل شهر رمضان الذي يكنى بشهر الخير والعطاء، ضيفاً على العالم الإسلامي. وفي كل بلدٍ من البلدان الإسلامية له طابعٌ خاص، وعادات وتقاليد مختلفة، ومع اختلافها تجتمع على هدف واحد لأداء فريضة الصيام.
اقترب شهرُ رمضان المبارك وفي عيون “أبو سعيد” المهجر من بلدات ريف إدلب الجنوبي إلى مخيمات الشمال السوري في أطمة لمعاتُ الحسرةِ والحزن على بلدته والأجواءِ الرمضانية الخاصة بها، فهناك كان اجتماعُ الأحبة ومجالسة الأصحاب.
يسأل أبو سعيد نفسه “إلى متى يا ترى سيظلُ يأتي العيدُ وشهر رمضان ونحن مهجرون عن ديارنا، وكيف سنعيشُ هذا الشهر الذي مع كل جلسة قبل الفطور يأخذنا الحنين إلى ديارنا والحسرةُ تأكل قلوبنا على أيام خلت كان فيها المنزل مليئاً بالأهل والأولاد، واليوم اختفى معظمهم”
وفي الحديث عن العادات الرمضانية في ريف إدلب الجنوبي يقول أبو سعيد “لا يزال هناك بعض العادات التي نحافظ عليها رغم أنها لم تحافظ على نكهتها السابقة ونحن في قرانا وبيوتنا، ففي الماضي كانت العائلة تجتمع على سفرة طعام واحدة، وقبل أذان المغرب يبدأ الجيران بتبادل أطباق الطعام فيما بينهم، بالإضافة لتواجد أصناف طعام على المائدة لن يستطيع معظم العوائل تأمينها هذا الشهر بسبب ارتفاع الأسعار”.
“من أعظم ما فقدناه خلال السنوات الفائتة هو وجوه أناس ألفناها، ففي بلدتنا “كفرسجنة” كان هناك طابع خاص لرمضان حيث كانت وجوه الباعة في السوق مألوفة، بائع الخضارِ ينتظره معظم أهالي القرية، وبائع حلويات “المشبك والعوامة” وبائع الثلج والمشروبات الرمضانية والمعروك، ومع اختلاف الباعة لكن بائعاً مميزاً من كل صنف كان قد اعتاد عليه أهل القرية، وفقدوه اليوم مع تشتت شملهم”
ارتفاع الأسعار يقيد السفرة الرمضانية في الشمال السوري
لا يخفى على أحد الحال الذي وصل إليه الشمال السوري اليوم من تراجع كبير في دخل الأفراد وتدني مستويات المعيشة والفقر، والذي يتزامن مع غلاء كبير في الأسعار وارتفاع متواصل لها، عدا عن انخفاض في كميات الدعم المقدمة للشمال السوري، الأمر الذي يرهق كاهل آلاف النازحين ويجبرهم على الالتزام بوجبات رمضانية محددة غير التي اعتادوا عليها.
“أم عبدالله” من المهجرين إلى مخيمات الشمال السوري أيضاً تقول إنّ ما فات من أجواء رمضانية في الماضي لن يتكرر مع هذا الشهر، وإنّ تنوع الأطعمة على موائد رمضان سوف يتقيد هذا العام ويحصر بصنف واحد أو اثنين فقط.
“كنا في الماضي نجتمع في منزل العائلة لنطهو أكلات رمضانية بكميات كبيرة مثل أكلة “الشيشبرك والسمبوسك” التي تشتهر فيها المنطقة فتأكل منها العائلة كاملةً ويوزع قسم منها على الجيران، لكن اليوم اختفت تلك المأكولات التي تطهى بكميات كبيرة نسبياً، وأصبح الأمر يقتصر على عائلة واحدة وكمية لا تكاد تكفيهم”
“بالتأكيد غاب لحم الغنم عن سفرتنا منذ سنوات، وأصبحنا نستخدم لحم الدجاج عوضاً عنه، لكنه أيضاً ارتفع سعره هذا الشهر ولا نعلم ما إذا كان بإمكاننا شراؤه أم لا، وبالنسبة للخضار أصبحنا نشتريه بكميات صغيرة فعوضاً عن أكثر من كيلو نشتري كيلو أو نصف فقط.”
الجدير ذكره أن مناطق الشمال السوري شهدت مؤخراً ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والخضروات، بالإضافة لارتفاع أسعار المحروقات ووجود أزمات مثل أزمة السكر التي عاشتها محافظة إدلب، وكانت المنطقة قد تأثرت بالأزمات العالمية التي بدأت معالمها بعد الحرب الروسية الأوكرانية قبل شهر.
قصة خبرية بقلم: إبراهيم الخطيب
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع