بدت جبهات حلب منذ مطلع هذا الشهر الأكثر سخونة بين جبهات القتال المندلع بين قوات المعارضة وقوات النظام المدعومة بمليشيات إيرانية والطيران الروسي، على الرغم من الهدنة السارية منذ السابع والعشرين من فبراير/شباط الماضي.
ففي ريف حلب الجنوبي استعادت قوات المعارضة بلدة العيس وتلّتها بالإضافة لتلال “دلْبِش والمحروقات والدبابات والمقالع والصعيبية”، وقالت إنها قتلت عددا من الضباط الإيرانيين والمقاتلين من المليشيات الأفغانية واللبنانية والعراقية، وبثت صورا تثبت جنسياتهم.
أما في الريف الشرقي، فأعلن تنظيم الدولة الإسلامية سيطرته على نحو 18 قرية، بالإضافة إلى حقل “دريهم” في محيط بلدة خناصر الواقعة على طريق إمداد قوات النظام البري والوحيد من مناطق سيطرته في حلب إلى وسط سوريا في حماة.
المهاجر: النظام لم يستطع تحقيق أي تقدم خلال ست محاولات (الجزيرة) |
تكرار التكتيكات
وفي ريف حلب الشمالي، صدت قوات المعارضة هجوما قويا لقوات النظام والمليشيات على منطقة الملاح ومخيم حندرات وطريق الكاستيلو، وقال الناطق العسكري باسم حركة أحرار الشام أبو يوسف المهاجر للجزيرة نت إن هذه المعركة هي السادسة التي يشنها النظام سعيا لقطع آخر طرق إمداد قوات المعارضة إلى مناطق سيطرتها في مدينة حلب.
وأضاف أن النظام لم يستطع تحقيق أي تقدم، بل خسر 47 عنصرا من قواته ومن المليشيات، كما خسر خمس آليات وقاعدة مضادة للدبابات.
وأكد المهاجر أن النظام يتبع نفس التكتيك العسكري في هجماته المتكررة على الملاح، حيث يبدأ بالتمهيد المدفعي لأيام عدة، ثم يتدخل الطيران تمهيدا لتقدم المشاة، لكن قوات المعارضة ما زالت تحتفظ بنقاطها في الملاح وحندرات بسبب التحصينات التي بنتها وإتقانها ومعرفتها لتكتيك النظام المتكرر، حسب قوله.
التنازل القتالي
ولدى تساؤلنا عن سبب عودة السخونة إلى حلب وانتقال المواجهات من جنوبها إلى شمالها وعن توقيتها، قال المحلل العسكري فايز الأسمر إن الرسائل التي أراد النظام إيصالها من جبهات حلب يمكن ردها إلى ثلاث، الأولى موجهة إلى الرأي العام الدولي، وأخرى لخصومه على الأرض، وثالثة إلى جمهوره المحلي.
ورأى الأسمر أن النظام يتبع “تكتيك التنازل القتالي” المرحلي، فقد يضحي ببعض النقاط العسكرية لتحقيق أهداف تبدو بالنسبة له أكبر من المكاسب التي سيحققها عدوه، وهذا ما حصل في الريف الشرقي عندما سيطر تنظيم الدولة على نحو 20 قرية في محيط خناصر، حيث أراد النظام أن يقول للعالم أثناء مفاوضات جنيفإنه يواجه تنظيمات إرهابية تريد محاصرة المدنيين بحلب، وأراد أن يخير المجتمع الدولي بين بقائه في الحكم وانتشار الإرهاب.
وأضاف الأسمر أن النظام أراد أيضا نقل ساحة المواجهات من الريف الجنوبي إلى الشمالي لتشتيت قوات المعارضة وإرباكها، ولتخفيف الضغط في الجنوب، فضلا عن تطويق الريف الغربي الذي يعد آخر المعاقل القوية للمعارضة بالمحافظة.
واعتبر المحلل العسكري أن النظام أراد من خلال تسخين جبهات حلب أن يقول لمؤيديه إنه ما زال قويا، وأن يغطي على خسائره التي مني بها في الريف الجنوبي، كما أراد أن يشعرهم بأن انسحاب الروس المعلن لم يضعف قدرته على الدفاع عن نفسه وفتح الجبهات، حسب رأي المحلل.