العربي الجديد – فاطمة ياسين
يمرّر المسؤولون الأميركيون، على مستوياتهم المختلفة، اتهاماتٍ مبطنة، أو مباشرة، إلى حكومة الصين، باعتبارها مسؤولة عن انتشار الفيروس، وتتجاوز مسؤوليتها مجرّد كتم المعلومات أو إخفائها، فالإشارة متكرّرة إلى أن ظهور الفيروس لم يكن مصادفةً في سوقٍ للحيوانات في مدينة ووهان، ولكن في مختبر في المدينة، والمريض الأول لم يكن بائعاً في السوق، بل ربما طبيب مخبري .. أجاب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في مؤتمر صحافي، على سؤالٍ يتعلق بالأمر، فقال إنه سمع بالأمر وبصورة متزايدة، وإنه يجري فحصاً دقيقاً لهذا الأمر الفظيع! وزير دفاعه لم يستبعد الأمر، ولكنه قال إن من الأهمية الآن مواجهة الفيروس، وبعد ذلك نتفرّغ لنعرف حقيقة ما حدث. في تلميحٍ إلى عدم استبعاده نظرية تصنيع الفيروس. وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أكّد أنه يعرف أن في ووهان مختبرا للفيروسات على مقربة من سوق الحيوانات المتهم. وكان رسميون يعملون في السفارة الأميركية في الصين حذّروا، قبل سنتين، من عدم كفاية الإجراءات الصحية في مختبر ووهان الجرثومي. لا تبدو الحملة منسقةً بعد، ولكنها قد تنفع لما يمكن أن يتحوّل إلى اتهام رسمي من الحكومة الأميركية بالوقوف قصداً، أو بسبب الإهمال، وراء انتشار الفيروس الذي فتك بالعالم، وتبدو الولايات المتحدة هي الأكثر تضرّراً من تأثيراته.
منظمة الصحة العالمية التي قطع عنها ترامب تمويله السخي، قبل أيام، كانت قد قالت إنه ليس لديها ما يثبت أن المختبر المقصود هو مصدر الفيروس، وقد يكون هذا التصريح مصاحباً لحملة الاتهامات التي بدأت تتصاعد ضد الصين، بالحدّة ذاتها التي تتصاعد فيها أرقام الإصابات والوفيات في الولايات المتحدة. ولدى أميركا من “القرائن” ما يفيد لتدعيم حملتها الاتهامية، فالحرب الاقتصادية بين البلدين سبقت ظهور الفيروس، وأظهرت إجراءات ترامب آثاراً مؤلمة على الاقتصاد الصيني، وهو يرى الصين اليوم تردّ بهذه الطريقة غير المألوفة، وأنها ترغب في إلحاق أذى اقتصادي بأوروبا الغربية وأميركا التي يتركّز فيهما المرض، ونشر أكبر قدر من الذعر الجماعي الذي يعطل اقتصاديات تلك الدول فترةً، تتيح مجالاً للاقتصاد الصيني بالتحليق عالياً..
استوعبت الصين، بكتلتها السكانية الكبيرة ومقاطعات الإنتاج الثلاث والعشرين، الصدمة التي أحدثها الفيروس، وسيطرت عليه، ولكن ليس قبل أن تصدّره إلى أماكن محدّدة مستهدفة اقتصادياً، على ما يفكر به الساسة الأميركيون، وبدأ أوروبيون التلميح إليه .. سيناريو انتشار المرض والحالة الاقتصادية العالمية يمنح بعض الوجاهة للتصريحات الأميركية، ولكن لواقع السياسة وجه آخر، فقد فشلت الحكومة الأميركية بالمواجهة مع المرض، فسجل انتشارُه أرقاماً قياسية. وينبئ هذا الفشل عن تقاعس السياسيين، وخصوصاً إدارة ترامب الموعودة باستحقاق انتخابات البيت الأبيض هذا العام. وسيكون ترامب في مواجهةٍ مع مرشّح قوي، يكتسح انتخابات الديمقراطيين التمهيدية، وهو جو بايدن، الذي يمكنه أن يستخدم عدم كفاءة حكومة ترامب في مواجهة الفيروس، ورقةً انتخابيةً قويةً للعبور نحو بوابة البيت الأبيض. ترامب الذي فاجأه الفيروس، وبدأ بافتراس الولايات، يفتقر إلى وسيلة دفاع فعّالة، عدا توجيه الاتهامات، وهو يبحث الآن عن انتصارٍ إعلامي مؤثر، من قبيل تلفيق مؤامرة المختبر الفيروسي الصيني، فهذه الوسيلة الدفاعية التي تستخدم الأيديولوجيا، نافعة، خصوصاً في أجواء الحرب الوقائية التي ينشرها الفيروس، وتساعد إجراءات العزل والضيق الاقتصادي على تعزيزها.
وفي مثل هذه الظروف، قد تلجأ الشعوب إلى التمسّك بقادتها الحاليين حتى انفراج الأزمة. واتهام من هذا النوع إن استطاع ترامب إثباته، أو حتى تسويقه، فهو يشكل له درع وقاية انتخابيا نافعا. وعلى هذا الأساس، قد تتبنّى إدارته هذه الاستراتيجيا، فتزيد من حدة الاتهامات نحو الصين، وتحت ضغط الحاجة المالية، قد تتراجع منظمة الصحة العالمية عن تصريحها الذي يستبعد ضلوع مختبر ووهان في كارثة انتشار الفيروس.
استوعبت الصين، بكتلتها السكانية الكبيرة ومقاطعات الإنتاج الثلاث والعشرين، الصدمة التي أحدثها الفيروس، وسيطرت عليه، ولكن ليس قبل أن تصدّره إلى أماكن محدّدة مستهدفة اقتصادياً، على ما يفكر به الساسة الأميركيون، وبدأ أوروبيون التلميح إليه .. سيناريو انتشار المرض والحالة الاقتصادية العالمية يمنح بعض الوجاهة للتصريحات الأميركية، ولكن لواقع السياسة وجه آخر، فقد فشلت الحكومة الأميركية بالمواجهة مع المرض، فسجل انتشارُه أرقاماً قياسية. وينبئ هذا الفشل عن تقاعس السياسيين، وخصوصاً إدارة ترامب الموعودة باستحقاق انتخابات البيت الأبيض هذا العام. وسيكون ترامب في مواجهةٍ مع مرشّح قوي، يكتسح انتخابات الديمقراطيين التمهيدية، وهو جو بايدن، الذي يمكنه أن يستخدم عدم كفاءة حكومة ترامب في مواجهة الفيروس، ورقةً انتخابيةً قويةً للعبور نحو بوابة البيت الأبيض. ترامب الذي فاجأه الفيروس، وبدأ بافتراس الولايات، يفتقر إلى وسيلة دفاع فعّالة، عدا توجيه الاتهامات، وهو يبحث الآن عن انتصارٍ إعلامي مؤثر، من قبيل تلفيق مؤامرة المختبر الفيروسي الصيني، فهذه الوسيلة الدفاعية التي تستخدم الأيديولوجيا، نافعة، خصوصاً في أجواء الحرب الوقائية التي ينشرها الفيروس، وتساعد إجراءات العزل والضيق الاقتصادي على تعزيزها.
وفي مثل هذه الظروف، قد تلجأ الشعوب إلى التمسّك بقادتها الحاليين حتى انفراج الأزمة. واتهام من هذا النوع إن استطاع ترامب إثباته، أو حتى تسويقه، فهو يشكل له درع وقاية انتخابيا نافعا. وعلى هذا الأساس، قد تتبنّى إدارته هذه الاستراتيجيا، فتزيد من حدة الاتهامات نحو الصين، وتحت ضغط الحاجة المالية، قد تتراجع منظمة الصحة العالمية عن تصريحها الذي يستبعد ضلوع مختبر ووهان في كارثة انتشار الفيروس.