يقف “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ” أمام لحظة مفصلية تتصل به كاداة مفترضة للعمل الوطني ، وبدوره في المجال العام ، وقدرته على التحول من عبء على الثورة ، كما هو حاله اليوم ، إلى رافعة لها ، كما يجب عليه أن يكون ، ومن طرف يهمش ويخرج نفسه من معادلات الصراع إلى شريك لا يستطيع أحد تجاهله خلال البحث عن بديل للنظام الاسدي .
يحتاج الائتلاف إلى اصلاح عميق وجذري ، يبدل بنيته واولوياته ،وآليات اشتغاله، والنهج المعتمد في إدارته، والنتائج التي تترتب على عمله، ولا بد ان تكون لصالح ثورة شعب من اجل الحرية ، تواجه مصاعب متزايدة تهدد استمرارها وبقاءه، إذا لم يقوم مسارها عبر جهد يومي مكثف ، توجهه خطط سياسية وعسكرية تنهض بها قوى المقاومة المجتمعية الحية ، التي يمكن حشدها وتعبئتها وتوحيدها داخل سورية وخارجها .
وتنبع خطورة ما نواجهه من تشكل حقل بنيوي دولي تم بناؤه خلال سنوات الثورة، تلاشت فيه اكثر فاكثر مكانة الثورة السورية ومؤسساتها ، وتقلصت بصورة متعاظمة قدرة الائتلاف على ان يكون فاعلا ومؤثرا في أطراف هذا الحقل والمسيطرين عليه ، وخاصة منهم اميركا ، الدولة العظمى التي تنتهج سياسات تستهدف تأسيس مثل هذا الحقل في مواقع الازمات التي تديرها ، والانفراد بالسيطرة على دينامياته واطرافه ، وتحديد اهدافه وهوية وادوار ومصالح المنخرطين فيه ، وقدرتهم على العمل في إطاره ، وآليات وشروط إدخالهم إليه، ومدة بقائهم فيه، وطبيعة المهام التي عليهم انجازها داخله، خدمة لمصالحها ، فإن انتهى دورهم اخرجتهم منه صفر اليدين ، كما قد تفعل مع الثورة السورية . ومن يراقب مجريات السياسات التي انتهجتها واشنطن حيال حراك شعبنا الثوري، سيجد أنها اتبعت هذه الوصفة في التعامل معه ، وان سياساتها تركزت على تكييفه عبر بوعود مطمئنة مع استراتيجية اعتمدها ، ركزت على إطالة الصراع، وافراغ الثورة من مضمونها كثورة من اجل الحرية ، وتحويلها إلى اداة تنظم بواسطتها علاقاتها بجهات دولية واقليمية ، او تصفي حسابانها معها ،كإيران وروسيا ، وسيلمس لمس اليد كيف تنتقل في ايامنا إلى طور جديد من ادارة ازمتنا حددت دورنا فيه بمحاربة الإرهاب ، وإلا اخرجتنا من الصراع وطوت صفحة الائتلاف، بتحويله إلى جهة من جهات كثيرة تدعي تمثيل السوريين،وبإنهاء دوره واصطناع بدائل له .
أمام هذا الخطر الماثل ، لا خيار لنا غير أحد بديلين : الانصياع للحلول التي يتفق عليها الكبار، لانقاذ ما يمكن انقاذه، وقبول ما يقدمونه لنا مهما كان قليلا ومتعارضا مع مطالب شعبنا ، أو اعادة تنظيم أنفسنا والحضور بقوة في ساحة الصراع كطرف مستقل لديه القدرة على انتهاج سياسات تلزم الآخرين باحترام مصالحه وتلبية مطالبه ، والا فتعطيل ما لا يتفق وسياساته من مواقفهم ومصالحهم ، بتدابير وخطوات تقيد اكثر فأكثر قدرتهم على بلوغ مآربهم وتحقيق اهدافهم ، وتجبرهم على الاعتراف بنا كشريك لا يمكن تجاوزه وفرض حل يتعارض مع اهدافه .
هذا النص بما يقدمه من تصورات حول هذه الإشكالية الشديدة التعقيد ، هو محاولة لقراءة واقعنا الراهن، الذي اخذت طرق اشتغالنا فيه تسهم اسهاما خطيرا في تهميشنا وانهاكنا واخراجنا من معادلات الصراع في وطننا. وهو جهد يقترح بدائل اما ان نبلغ اهدافنا بواسطتها، او ان نمنع غيرنا من بلوغ اهدافه، إذا كانت لا تتفق مع مقاصدنا ، يتطلب تحقيقها وجود قيادة وطنية تعمل كفريق يضع حدا نهائيا لائتلاف إن انفرد بقيادته ” السيد الرئيس” انتقل من مأزق إلى اخر اشد عمقل وضررا من سابقيه ، واستمرتهميشه وتقويض دوره رغم ما يقدمه الشعب السوري من تضحيات تلعب الدور الاهم في ابقائه حيا ، برغم عطالته وغربته عن الواقع . لا بد ان تتغير اشكال الممارسات القيادية في الائتلاف ، وآن يصير رئيسه المنتخب باكبر اجماع ممكن ، وخارج اية تكتلات او تجمعات وانقسامات، فردا في فريق يلعب دورا تنسيقيا وتوجيهيا خاصا ، لمصلحة الائتلاف ، الذي لا بد ان يتحول إلى موسسة عمل وطني مستقل ، وليس لاية مصلحة شخصية او خارجية ، على ان يغطس نشاطه مجمل مساحات العمل الوطني ، التي لا وجود له اليوم فيها ، وأن تعاد هيكلة مؤسساته ، وتتسع بحيث تجد جميع قوى وعناصر المجتمع السوري الحية مكانت لها فيها ، لأن الائتلاف بغير ذلك سيفقد نهائيا مسوغ وجوده ، وسينهار تماما خلال فترة غير بعيدة ، بسبب تبدلات تعيشها الساحة السياسية اليوم ، تنتجها تفاهمات اميركية / روسية تعطي جيش المحتلين الروس دورا حاسما في الحل السياسي ، وإلا فالعسكري ، المنتظر للصراع في سورية ، يرجح ان تظهر نتائجها النهائية خلال الاشهر القليلة القادمة ، التي سنخسر خلالها كل شيء رذا لم ننجح في تحويل الائتلاف إلي جهة موحدة تقود ثورة ، تؤهلها صلاتها اليومية بشعبها ، المتناثر في اربع جهات الارض، أن تعيد ايقاف الثورة السورية على اقدامها من جديد ، كي لا تذهب تضحيات السوريين ادراج الرياح .
*** *** ***
يواجه عملنا الوطني مشكلات انتجها توضع الصراعات الدولية والاقليمية والعربية / العربية فوق ثورة الحرية السورية، والنتائج السلبية التي ترتبت عليه ، واهمها :
– ـ امتناع العالم امتناعا متزايدا عن التعامل مع ثورتنا باعتبارها فعلا شعبيا ووطنيا هدفه الحرية والعدالة والمساواة والكرامة، واحجامه عن مساعدتها على تحقيق مطالبها المشروعة ، والافادة من سياسات النظام القائمة على العنف والحلول العسكرية / الامنية للانخراط في صراعات ضد جهات دولية واقليمية حولت سورية من وطن يخوض شعبه ثورة داخلية عادلة ضد نظامه المستبد والفاسد إلى ساحة لتصفية حسابات دولية واقليمية لا علاقة له ولثورته بها، احتلتها تدريجيا قوى خارجية نجحت في استخدام مقاومة السوريين السياسية والعسكرية الملتزمة ببديل ديمقراطي ، والمسماة” معتدلة” ،-كاداة محلية تخوض معاركها الخاصة بواسطتها ، وتطيل بتعقيداتها صراع النظام ضد الشعب السوري، ضحيته الرئيسة، كما تطيل بقاءه في الحكم، الذي طبق حلولا عسكرية / أمنية ضد ثورته ، التي خطط لتحويلها من ثورة حرية إلى اقتتال طائفي ، ولادراج حله العسكري في اطار اقليمي / دولي عينته الارادات الخارجية عامة والاميركية خاصة، من خلال صفقات عقدت بين اطرافها ،حالت وتحول بين السوريين وبين تحقيق اهدافهم ، وتحدت وتتحدى اليوم ايضا واكثر من اي وقت مضى ، قدرتهم على مواجهتها او احباطها .
– ـ بتشكل توافق مضمر وفاعل بين الاستراتيجيات الخارجية وسياسات النظام ، تعزز جهدهما المشترك لتطييف الثورة واستبدالها بحرب بالواسطة تدعمها وتسهم في إطالتها الاطراف المنخرطة في صراعات تتجاوز سورية . هنا ايضا، وقع امران ضد الثورة، تجلى اولهما في تفاهم مضمر بين النظام والاطراف الخارجية على رفض قيام نظام ديمقراطي او اسلامي في بلادنا ، لأن اسرائيل واطراف عربية خليجية ترفضهما ، مما احل محلهما بالضرورة بديلا اسهم في أخذ شعبنا إلى التهلكة هو الفوضى المسلحة المسيرة خارجيا، التي ضمنت عدم سقوط النظام ما دام قادرا على تغذيتها بما لديه من قوة، وعدم انتصار الثورة ما دامت عاجزة عن امتلاك ارادتها المستقلة وموارد ذاتية تنتصر بواسطتها الانتصار ، أو تخرج نفسها من حسابات ومخططات الآسدية والدول المتصارعة في سورية وعليها . لا داعي للقول إن انقسامات الائتلاف خصوصا والمعارضة عموما هي اليوم التعبير السياسي الرئيس عن هذه الفوضى، التي قوضت بالامس وتقوض اليوم المشروع الوطني ، وتعتبر مشاركة اي طرف معارض فيها جريمة ضد الشعب وثورة الحرية، أيا كانت اسباب هذه المشاركة والجهات التي تتبناها وتدعمها . من هنا ، فإن اول نقطة في اي برنامج اصلاحي يجب ان تركز على انهاء هذه الانقسامات ، على صعيد الائتلاف ذاته ، وصعيد مصادره ومسبباته الداخلية والخارجية : العربية والاقليمية والدولية. اما ثاني الأمرين، فقد تجلى في تفاهم دولي مضمر بدوره، اعطى الاولوية لتحقيق اهداف اطراف اقليمية ودولية، ولحل صراعاتها مع ما تطلبه ذلك من استمرار الصراع الدائر في سورية، المضبوط بمعادلات تحول دون حسمه لصالح احد طرفيه الداخليين ، وتفرض قيودا صارمة على تسليح وتمويل ودعم الجيش الحر والائتلاف ، بينما يحظي النظام بدعم روسي وايراني مفتوح ويومي وفاعل ، تطور منذ اعوام إلى غزو عسكري ايراني مسنود بعشرات المليشيات الارهابية ، وبغزو روسي عسكري وقت قبل اشهر قليلة .
– وكان قد سبق هاتان النتيجتان حدثان سياسيان/ عسكريان مهمان ، هما تشكيل الائتلاف وتنظيم الجيش الحر، فقد تشكل الائتلاف تحت وابل كثيف من وعود العون المالي والعسكري الدولي المستند إلى قبول ودعم استقلال القرار الوطني السوري . لكن هذه الوعود لم تترجم إلى وقائع، بل حدث عكسها، حين دعيت اعداد كبيرة جدا من ممثلي القوى المقاتلة إلى لقاء في انطالية قيل ان هدفه تنظيمها ، لكن الائتلاف لم يكن بين المدعوين إليه، رغم الاعتراف العربي والدولي بانه مرجعيتها وحاضنتها السياسية الشرعية.
هاتان الواقعتان كان لهما معنى مزدوجا : اولا : سحب الاعتراف بالائتلاف وتحويل الاعتراف الدولي به إلى مسألة شكلية تعززت بحرمانه من قيادة القوى الميدانية التي تجعل منه جهة تمتلك حقا قرار السوريين الوطني المستقل، ولديها من القدرات ما يمكنها من ترجمة مصالح الثورة إلى سياسات قابلة للتنفيذ تلبيها كمصالح مستقلة وخاصة بشعب سورية الثاثر . وثانيا: وضع أيد غير سورية على الجيش الحر ، اخرجته من معادلات وحسابات الوطنية السورية ، المغيبة بدورها.
بتهميش الائتلاف والتحكم بالجيش الحر، خرجت القضية السورية من ايدي الائتلاف سياسيا والجيش الحر عسكريا ، وصار اي جهد وطني حقيقي يعني اولوية العمل لاستعادة القرار السوري المستقل ووضعه في يد الائتلاف، الذي ارتبطت قدرته على استعادته من هذين الحدثين فصاعدا بنجاحه في توحيد المجال السياسي المعارض بمختلف اطيافه المطالبة بالحرية ودولة المواطنة الديمقراطية ، وبرسم استراتيجية خروج من تهميش وضع مصير المعارضة والثورة في ايد غير سورية، واخضع الجيش الحر لقيادة سياسية كان يجب أن يكون أداتها العسكرية الميدانية ، ما دام مسار ومصير الثورة يرتبط بها وبتحريرها من سيطرة القوى الخارجية، وببلورة قيادة سياسية/ عسكرية موحدة تطبق استراتيجية واضحة ومعلنة تترجم إلى خطط وتدابير عسكرية ينفذها الجيش الحر ميدانيا، فيتجاوز بمعونتها تشرذم وحداته المقاتلة وتبعثرها المكاني ، ويتحول إلى جسم موحد تجعل منه مقاومته للنظام وحمايته للشعب جيش تحرر وطني بكل معنى الكلمة، إن امتلك قيادة عليا محترفة ترفض ان تكون طرفا في اي تجاذب او صراع غير صراعها ضد النظام ، وتتولى تخطيط عملياتها والاشراف على تنفيذها بروح وطنية جامعة، في حين تخص وحداته المختلفة بموازنات سنويةخاصة بها، وتمدها بما تحتاج إليه من مستلزمات الخدمة والقتال ، وتسهر على جبهاتها المتنوعة ، حيث تطبق خططا مترابطة تغطي كامل المساحة السورية من خلال قوات دفاع محلية تنتشر في كل تجمع سكاني مهما كان صغيرا ، وقوات منطقية متحركة ، واخيرا قوات خاصة على مستوى رفيع جدا من التدريب والتسليح ، تستطيع القتال على المشتوي الوطني ، على ان تتكامل قدرات وخطط هذه المستويات الثلاثة في جميع المعارك التي تخوضها ، ويكون هدفها شن هجمات استراتيجية تغطي كامل المساحة السورية في وقت واحد، تشتت تمزق من خلالها قوات النظام وتمتص الضربا الروسية وتحد كثيرا من فاعليتها ، بل وتحاصر قواعدها ،ترغمها على تكريس القسم الاكبر من جهودها للدفاع عن نفسها بدل الهجوم لتدمير الجيش الوطني ، الذي سيشكله هذا النموذج من التنظيم العسكري ، ويحدد سلوك جميع وحداته حيال السكان والنظام بفضل مدونة قانونية تقوم على اسس وطنية جامعة، ومنظومة حقوق الإنسان والمواطن، ووحدة الدولة والمجتمع ، وحماية المواطنين وارزاقهم والدفاع عن حقهم في الحياة والامن، وترفض الطائفية والاقتتال الطائفي، وتتمسك بشعار وبرنامج الثورة الأول: الحرية للشعب السوري الواحد . دون وضع حد للفصائلية ولتناثرها المكاني والعددي ، ودون تخطي التفاوت الشديد في اوضاع وحدات الجيش الحر العسكرية والإنسانية، لن يقوم جيش تحرير وطني سيكون بلا ادني شك جيش سورية الحر الحقيقي، الذي يرتبط انتصار الشعب بقيامه ، لا سيما وان المقاومة لن تنتصر مهما كانت واسعة الانتشار ، ولن تنزل الهزيمة بجيش الاسد الموحد والجيد التسليح ، طالما بقي الجيش الحر مزقا واشتات متفرقة ومقطوعة الصلة بعضها ببعض ،تقاتل بطرق اقرب إلى العشوائية والفوضى منها إلى قتال الجيوش المنظمة ، بينما تعاني من نقص الذخيرة والسلاح، وفي احيان كثيرة من نقص الطعام ،ويقودها غالبا اشخاص غير مؤهلين سياسيا قليلي الخبرة عسكريا ووطنا ، في حالات غير قليلة، يمارس النظام ضدها عنفا مفرطا بواسطة قوى متفوقة تفوقا ساحقا عليها في حالات ومناطق كثيرة ، في حين يتحمل السكان عبء اطعام وإيواء الفصائل في فترات الهدوء، وهزائمها في أزمنة القتال ، الذي كثيرا ما تخوضه وفق وصفة النظام الاسدي الطائفية .
واليوم ، وبعد الثورة بنيف واربعة اعوام ، ونشوء ظاهرة التجميع على الصعيد العسكري ، التي انتجها الخوف من الفصائل الاصولية الكبيرة ومثلت رد فعل على سياسات النظام العسكرية وطرقه في محاصرة وتجويع السكان، تتعاظم الحاجة إلى تجديد قوى الجيش الحر ،ورفدها بقوى شبابية شاركت في الثورة السلمية او دخلت المعتقلات والسجون، أو فرت خارج البلاد ،أو طردت من ديارها ، لديها خبرات سياسية وتنظيمية تجعل مكانها الطبيعي جيش حر متراتب ومتماسك ،موحد القيادة والقواعد ، لن ينتجه التجميع بل صهر وتوحيد القوى المقاتلة وتزويدها بالاسلحة الضرورية لقلب موازين المعركة في الاتجاهين : ضد النظام والإرهابيين ، على ان يتم التوحيد من الادنى إلى الاعلى ،ضمن عملية تفاعلية تتسم بالديمومة ، يخططها ويشرف عليها ويقودها مئات الضباط ،المعزولون منذ سنوات دون عمل في المخيمات ، ومن الحيوي إدخالهم في تشكلات جيس تتسم خططه بطابع وطني يتخطى حال التنظيمات الدنيا أو الصغيرة القائمة الآن ، سواء في انماط تشكيله أم في اساليبه القتالية ، التي ستغلب حرب الحركة على حرب المدن ، وستقلع عن خوض معارك مجزأة لا ترابط بينها أو ضعيفة الترابط، وستنتقل خلال فترة غير بعيدة إلى شن حملات عسكرية كبرى، حسنة التنسيق والقيادة وتغطي جميع مناطق القطر في فترات متقاربة او واحدة، قد تبدأ على مستوى محافظة او عدة محافظات، عقب فترة من حرب الحركة المحتدمة ، مع ما ستلحقه بجيش النظام من خسائر وتفكك وإنهاك ، وسينتجه تركيزها على طرق مواصلاته وتدمير مراكز قيادته وسيطرته ومستودعات ذخيرته ووقوده ومؤنه. هذه الطريقة في الحرب تتطلب مستوى رفيعا من الضبط والربط ، وانتشارا ميدانيا مرنا إلى ابعد الحدود يتيح توزيع وتجميع القوات بسرعة ، وإعادة نشرها بالسرعة التي تمكنها من تفادي الضربات المركزة التي قد يوجهها النظام والغزاة الايرانيون والروس مرتزقتهم إليها .
عندما نقول توحيد ، فهذا يعني وحدات تخضع لقيادة موحدة وتحمل اسما موحدا ، وقد قطعت علاقاتها مع أنماط تنظيمها وقيادتها ، تسليحها وتذخيرها واطعامها وتمويلها الحالية، لرغبتها في أن تكون جسما ملتحما يسوده الانضباط وتسلسل الرتب واحترام انظمة طاعة وإمرة ملزمة. في هذا السياق ، لن يكون بلوغ هذا الوضع سهلا، لانه يغلب الروح الوطنية على المنافع والحسابات والمصالح الشخصية وغير الشخصية، السائدة منذ فترة غير قصيرة ، والتي لعبت دورا خطيرا في تخريب وإضعاف الثورة ،بروز ظاهرة امراء الحرب التي لم تخدم احدا غير الاسد ونظامه . سيكون هناك عمود فقري قيادي على رأسه عمداء وعقداء من اصحاب الاختصاص، يديرون غرفة عمليات مركزية وغرف فرعية تقود الجبهات، بينما سيتولى ضباط من الرتبتين المذكورتين قيادة الفرق والألوية ، ومقدمين وروادا قيادة الأفواج والكتائب ، والنقباء ومن هم دونهم رتبة قيادة السرايا والوحدات الأصغر، وصولا الى صف الضباط بدورهم المميز في الضبط والربط وادارة الوحدات المقاتلة، وسينضوى اصحاب الخبرة القتالية والتنظيمية من الثوار في الجهاز القيادي حسب كفاءتهم ، وتكون رئاسة الاركان مسؤولة عن العمل العسكري بكافة مستوياته وجوانبه ، بعد بناء الجيس وتجديد وتنظيم صفوفه وكوادره خلال فترة لا تزيد عن ستة أشهر ، تشهد انتقال كامل الجسم القيادي إلى الداخل السوري وتوضعه فيه .
*** *** ***
ماذا نفعل ، كشعب ومعارضة كي نخرج من حال ضيعنا خلالها قرارنا الوطني ، وضعت اقدار الجيش الحر في ايدي غيرنا ، وتقرر فيها بقاء بلادنا غارقة في الفوضى كي لا تسقط الاسد وتذهب إلى بديل ديمقراطي أو اسلامي ، بين نتائجها اطالة الحرب الدائرة وتحول وطننا الى ساحة يتصارع فيها جبابرة دوليون واقليميون بطرق تقوض ثورتنا ، تصفي حسابات دولية واقليمية وعربية بدماء السوريين، معارضين ام موالين ؟. هذا هو السؤال الرئيس الذي علينا الاجابة عليه ، إذا كنا نريد الخروج من مآزقنا المستعصية .
1- إن اول ما علينا القيام به هو إنهاء انقسامات وصراعات المعارضة اينما كانت وكائنا ما كانت اسماؤها . وإخراج العمل الوطني من دائرة الائتلاف الضيقة والمفعمة بالتناحر، إلى رحاب الواقع الوطني بجميع مفرداته وتفاصيله ، بما أن خروجه من عالم الائتلاف الضيق والخانق، وانضواءه في عالم الوطنية بقيمه الجامعة يعني اعادة إنتاج السياسة عامة والمعادية منها للاستبداد والمناضلة من اجل الحرية لشعب سورية الواحد بصورة خاصة ، وجعلها فاعلية مجتمعية شاملة ومباشرة، تردم الهوة بين السوريين والائتلاف ،وتبدل وظائف المعارضة وتحولها إلى جسدية موحدة تنجز عملا وطنيا جامعا ينهي عجزها وضعفها الراهنين ، اللذان جعلا من تعبيراتها السياسية ، وخاصة منها الائتلاف، نقطة ضعف الثورة . هذا الهدف لن يتحقق دون تغيير اولويات عمل الائتلاف والاقلاع عن ربط الثورة بالخارج ، وانتصارها بارادته وبما يقدمه لها من عون ، وخروجنا من متاهات حشرنا انفسنا فيها بسبب الاوهام التي صاحبت ايماننا السياسي الاعمى بحتمية تدخله ، ويعني بقاؤنا فيها بقاءنا اسرى قوى اقليمية ودولية فرضت علينا صراعاتها ونزاعاتها ، واحلتها محل صراعنا في سبيل الحرية وقامعها : النظام الاسدي، رغم ان هذه القوى ليست معنا او في صفنا ، وليست في الحقيقة والواقع صديقة لشعبنا، وان رهاننا عليها يضع بيضنا كله في سلتها ، ويواجهنا باستحالتين نتخبط فيهما منذ اعوام : استحالة انتصارنا على النظام ، واستحالة الخروج من دائرة التبعية والعجز ووقف القضاء المنهجي والمنظم على شعبنا وثورته، وبالتلازم مع هذا كله استحالة بلوغ سلام يأخذ بعين الاعتبار مطالبنا ومصالحنا ، مع ما يترتب على هاتين الاستحالتين من فوضى مطلوبة ومحروسة خارجيا ، تستنزف قوانا وتبعدنا عن اهدافنا . في مواجهة هذا التوجه الائتلافي ، الذي اسهم في تكبيدنا خسائر فادحة تراجعت معها بمرور الوقت سيطرتنا على شؤوننا بدل ان تتقدم. لهذا ، تمس حاجتنا اليوم الى استراتيجية تقوم على ركيزتين اساسيتين ، هما:
– ـ استعادة دورنا في قضيتنا بصفتنا الجهة التي تقرر مسارها ومآلها، بدءا باخراجها من تحت ركام وانقاض حسابات وصراعات دولية واقليمية لسنا، ولا يجوز ان نكون ، طرفا فيها، من الضروري تحرير انفسنا من اعبائها الثقيلة الوطأة ، التي تكتم انفاسنا وتزيدنا ضعفا وضياعا وتشردا ، وبناء توجهاتنا على برنامج الثورة الاصلي ورهانها الرئيس، الذي عبرت عنه بكلمات قليلة في مطلبها الاول :” الحرية لشعب سورية الواحد “، ومن واجبنا ترجمته في ضوء ظروفنا واوضاعنا الراهنة، وتجسيده في خطط تمكننا من اعادة إحياء وتعبئة القاعدة المجتمعية الواسعة التي نهضت بالثورة وأدامتها طيلة فترتها السلمية ، لكنها تعرضت للتمزيق والتشتيت بسبب غياب استراتيجية ثورية واضحة المراحل والحلقات ، وافتقارنا الى قيادة موحدة ، قادرة على الامساك بالعمل الثوري المعقد والمتشعب وتنسيق قواه وضبطها، وما ادت إليه حلول الاسدية العسكرية وسياسات وصراعات الكبار من صعود للأصولية ونزعات الإرهاب، ونتج عنها وعن عيوب ونواقص اصابت المعارضة وطبعت طرق عملها بطابع ذهب بها إلى اهداف معادية لها وللثورة، حل خلالها المتطرفون والمذهبيون اكثر فاكثر محل الجيش الحر، وتهمش الائتلاف والمجلس الوطني، وحلت الطوائف محل الشعب الواحد : البيئة الضامنة للعدالة والمساواة، ولحكم القانون وحقوق الانسان والمواطن، ولنظام التمثيل البرلماني الديمقراطي واستعادة وحدة الشعب الممزق، التي لن يعيدها الينا غير نظام ينهض على هذه الاسس ويحققها في آن معا. لا يمكن توحيد مجتمعنا دون خطة سياسية يرسمها ويطبقها الائتلاف ويجعلها اولوية مطلقة لعمله المباشر ، ركيزتها ميثاق وطني جامع تتعين من خلال اقراره والالتزام به المواقف ، يتضمن مباديء واسسا لا خلاف عليها ويقبلها الجميع ، لحمتها وسداها المحافظة على وحدة دولتنا ومجتمعنا ، والامتناع عن قول او فعل ما يهددها او يقوض استمرارها ، واحترام تنوع مكونات جماعتنا الوطنية، واقامة نمط من الدولة يلبي ما يترتب عليه من حقوق خاصة بكل منها على الصعيدين القومي والوطني ، والالتزام بحلول سلمية لما يواجهنا من مشكلات سياسية ومجتمعية، واعتماد الحوار والسياسات التوافقية والتسويات الطوعية والمتوازنة اساسا لحل ما يتصل منها بحقوق مكونات جماعتنا الوطنية والحقوق الفردية والعامة ، وخاصة منها الحق في الحياة والامن والملكية ، وفي المساواة والعدالة الاجتماعية ، فضلا عن ضمان مساواة المواطنين امام القانون ، وحقهم في التعبير الحر عن آرائهم ومصالحهم ، وفي الوصول الى المعلومات وتداولها، وتأسيس منظمات نقابية وحزبية ومؤسسات مدنية، وحمايتها دستوريا وقانونيا بمشاركة القضاء والراي العام ووسائل الإعلام الحرة ، وكفالة استقلال القضاء وفصل السلطات ومسؤولية الموظفين العامين ، اينما كانت مواقعهم من هرم السلطة . واخيرا ، ضمان حق المواطنين في ادارة شؤونهم وتقرير مصيرهم ، وفي توافق وطني مدعوم باستفتاء شعبي حر على شكل النظام في بلادنا، وما اذا كان لامركزيا او اتحاديا او فيدراليا ، وتجريم الطائفية وملاحقة مروجيها قضائيا .
ان وضع ميثاق وطني جامع يترجم هذه المباديء والاسس الى سياسات وعلاقات توحد اطراف المعارضة وتلتزم بها امام الشعب، يجب أن يكون اولوية بالنسبة الى الائتلاف، لكونه الارضية التي ستنهض عليها وحدة المجال السياسي، الضرورية من اجل توحيد المجال المجتمعي: حاضنة الثورة والحرية ، وضمانة الحقوق الضامنة لتعدد وتنوع السوريين ،وكافل مساواتهم امام القانون ومشاركتهم في الدولة ومؤسساتها ، وقدرتهم على تقرير شؤونهم وتنظيمها بما هي شؤون عامة تشترك فيها جميع مكونات الشعب، التي ستتفاعل وتتكامل بعد نيل الحرية بايجابية وستقرر شؤونها ومصيرها بما يعزز تناغمها وانسجامها ، ويصون حقوقها وانتماءاتها .
– بما أن المنطلق الصحيح لتحقيق اي هدف من اهدافنا يكمن في اعطاء اولوية مطلقة في رؤية وعمل الائتلاف للداخل، ولصب جهوده من الآن فصاعدا على قضايانا ومشكلاتنا، بعد الخيبات المتعاقبة والنكسات والنكبات التي انزلها تجاهلنا لها بنا كسوريين ، مع ما يحتمه ذلك من رؤية الخارج وعلاقاتنا معه بدلالتها، بدل رؤيتها بدلالة تدخله الانقاذي ،المنتظر والمزعوم ، وما اثاره لدى قيادات المعارضة من اوهام عينت مواقفها ، وافضت الى اهمال الداخل وقضاياه خلال معظم حقبة ما بعد الثورة، وتركت مشكلاته دون حلول ، فتراكمت وتعقدت دون ان تبادر هذه القيادات الى تصحيح مواقفها من الاحداث ، رغم ما مارسه النظام والخارج الاقليمي والدولي من سياسات ضد مصالح سورية. والنتيجة: لا اصلاح للائتلاف دون تشخيص مشكلاته ومشكلات السوريين بكل موضوعية ونزاهة ،وايجاد حلول عملية لها ترد قرارنا الوطني المستقل الينا ، وتضع مفاتيح مشكلاتنا في ايدينا ، وتستعيد اللحمة الوطنية الى مجتمعنا المدمروالمهمش سياسيا. ساعود فيما بعد إلى ما علينا فعله تجاه النظام ، وسأقصر اقتراحاتي هنا على المجالات العربية والاقليمية والدولية .
في المجال العربي
وهو يمثل حالة خاصة لا ارى فيها مكانا خارجيا مماثلا للمجالين الاقليمي والدولي. المجال العربي مجال قومي وخاص تتداخل مصائرنا مع مصائره، وتعتبر سياساته داخلية الابعاد والنتائج بالنسبة لنا ايضا. وبالمقابل، ينعكس وضعنا ، بقوته وضعفه، على أوضاعه الداخلية . للمجال العربي عامة والخليجي منه بصورة خاصة مصالح استراتيجية تتقاطع مع مصالحنا، يمليها عليه وعلينا الانتماء والتاريخ والمصير المشترك والتهديدات والتدخلات والمخاطر الايرانية وغير الايرانية .إلا ان لنا وله مصالح خاصة ايضا تنبع من خصوصيات دولنا ومجتمعاتنا. لذلك، من المحتم أن نكون على تشاور دائم ومفتوح مع اخوتنا العرب عامة والخليجيين منهم خاصة حول اوضاعنا ، وان نتفق معهم على أسس واضحة ومعلنة تحدد مواقفنا حيال المشترك من مصالحنا ، تلزمنا بتلبيته دون تردد ، اليوم وبعد انتصار الثورة،على أن يروا هم ، بالمقابل، قضيتنا باعيننا في كل ما له علاقة بالمصالح والقضايا الخاصة بنا كسوريين ، وان يعززوا استقلاليتنا في كل ما يتصل بتمثيل شعبنا، ويدعموا خياراتنا تجاهه، ويسجلوا دعمهم المادي لنا كدين نرده إليهم بعد انتصارنا . في الوقت نفسه ، من المهم ان يقر اخوتنا العرب بحقنا في إقامة النظام الذي نختاره لانفسنا،مقابل ما قد يريدونه من ضمانات تلزمنا بانتهاج سياسات ودية واخوية حيالهم، بعد قيام نظامنا الديمقراطي ، وبدعمهم ضد اي تدخل في شؤونهم واي تهديد لاستقلالهم ، مع ما يوجبه ذلك عليهم من احترام خياراتنا وإعادة النظر في علاقاتهم بالسياسات الدولية والاقليمية تجاهنا ، وخاصة منها تلك المخيبة لآمالنا ، التي حولت وطننا إلى ساحة تصفية حسابات آذت قضيتنا، فضلا عن تبني مواقف داعمة لنا ، ما دمنا نقاتل اعداءهم من ايرانيين وارهابيين، ونضحي في سبيل مصالح واهداف مشتركة تجمعنا بهم ، في حين يعني عجزنا عن صد اعدائنا المشتركين هزيمتنا ، وهزيمتهم التي لن يحول دونها غير تزويدنا بكل ما نحتاج إليه لاحراز انتصار هو في الوقت نفسه انتصار لهم ، يضمنه التزامنا بامنهم وسلامة دولهم ومجتمعاتهم . هل يمكن لسياسة كهذه ان تغير علاقات الدول العربية معنا ؟. اعتقد أن فشلنا في تحقيقها سيكون كارثة تحل بنا وبها ، وانه لا مفر من العمل لترجمتها إلى مواقف مشتركة تحولنا إلى شركاء ليس فقط في معركة علينا كسبها، وإنما كذلك في مصير لا يجوز ان تنفصم عراه ، او ان نخسر رهانه الوجودي.
في المجال الإقليمي
لا مهادنة مع إيران ولا تردد في مقاتلة مرتزقتها داخل بلادنا ،ولكن لا قطيعة معها ايضا ، بل مقاومة عسكرية وعمل سياسي للتأثير عليها وتغيير جوانب من موقفها، دون اوهام او آمال كاذبة. ولا مهادنة مع حزب الله ، وفي الوقت نفسه لا تردد في محاربته في بلادنا ، ولا تهاون في عزله واختراقه وإحاطته باجواء شعبية وحزبية معادية له وضاغطة عليه عندنا وفي لبنان والعالمين العربي والاسلامي، على ان نفيد من مواقف اوساط مهمة داخل الدولة اللبنانية واحزاب بلاد الارز السياسية ،التي ترى انه ورط لبنان ودولته في صراع طويل الاجل هو عدوان خطير النتائج على سورية . بالمقابل، سنحرص على ان ينزل الجيش الحر اكبر قدر من الخسائر بمرتزقة الحزب في سورية، وان يرسل قتلاه وجرحاه يوميا إلى مناطق انتشاره داخل لبنان، وسنعمل لفصله عن الدولة اللبنانية ومؤسساتها من جيش وأمن وحكومة، ولفضحه في ظل الامتناع الطوعي عن فعل اي شيء من شأنه اقناع اللبنانيين باكذوبة دخوله إلى سورية للدفاع عنهم . في هذا السياق ، وبسبب سطوة الحزب ومخابرات النظام السوري في لبنان وحضورهما الكثيف والفاعل داخله، سنضع ملف علاقتنا معه بين ايدي جامعة الدول العربية او دول خليجية ذات نفوذ في بيروت ، وسنسمي مفوضا يمثل الائتلاف لدى الجامعة او الدول-الخليجية المعنية بالشؤون السورية / اللبنانية، على أن يمتلك من الخبرة ما يمكنه من معالجة شؤون لاجئي لبنان السوريين مع حكومته، ومن تعبئة الدول العربية والرأي العام العربي والإسلامي ضد حزب الله ومرتزقته ، وشن حملات اعلامية على المستويين العربي والدولي ضده وضد إيران ، بدعم مفتوح من الائتلاف: مرجعيته التي يجب أن يكون مسؤولا امامها، وعليه تزودها بتقارير دورية عن أنشطته عامة واوضاع السوريين في لبنان خاصة ، والمواقف المختلفة منهم : داخليا وخارجيا ، والسياسات التي يقترحها بشأنهم .
– ولا خلاف او سوء فهم وتفاهم مع تركيا : الدولة التي ترعى مواطنينا خيرا من أية دولة أخرى ، وتعطي الاولوية لاسقاط الاسد من اجل كسب الحرب ضد الارهاب ، وتعتبر ثورتنا مصلحة استراتيجية لها، وترى في انتصارها ضمانة لامنها الوطني، وتفتح حدودها للعون القادم الينا ، ويصعب عليها ان تسمح بهزيمتنا لأنها ستكون هزيمة لها ايضا. يحتاج الائتلاف إلى تحالف وطيد مع تركيا ينهض على اسس ثابتة وتعاون منظم وتشاور يومي وفاعل ، لحمته وسداه المباديء والمصالح التي تجمعنا باخوتنا الاتراك وتجمعهم بنا، كالخيار الديمقراطي والحر والتوجه الاسلامي العقلاني والانساني ، والشراكة التاريخية التي تجعلنا حلفاء دائمين، وجعلتهم خلال ثورتنا جهة تحمل مسؤولية كبيرة تجاه شعبنا ، ستتحمل في المستقبل قسطا كبيرا من اعباء تنميتنا واستعادة اوضاعنا الطبيعية ، بعد ان امتزجت دماء مواطنيها بدماء شهدائنا في اكثر من مناسبة، وتفرض شراكتنا ان تكون علاقاتنا معها مفتوحة لا حدود او قيود عليها : اليوم وغدا .
في المجال الدولي
تحتل مواقف فرنسا اهمية خاصة بالنسبة الينا ، ليس فقط بسبب مبدئيتها ، بل كذلك بسبب حيدانها من حين لآخر وفي قضايا مهمة، عن سياسات واشنطن واعطائها الأولوية لاسقاط الاسد ، شأنها في ذلك شأن تركيا ، التي يبدو انها شرعت تحسن علاقاتها معها في الاونة الاخيرة، ومن مصلحتنا أن نلعب دورا مباشرا في اقامة تحالف بينهما نشارك بقوة فيه ، يضم المملكة العربية السعودية ودول الخليج ، وخاصة منها قطر ، بعد انجاز مصالحة بينها كدول شقيقة نريد ان تكون علاقاتها اخوية وثابتة ، على ان يتوسط الائتلاف لحل ما قد يطرأ عليها من خلافات وسوء تفاهم ، ويدعمها باسم الشعب السوري . هذا التحالف ،الذي يمكن ان يبدأ بتعاون مدروس في قضايا تحمل مصالح واهتمامات مشتركة بينها ، من مهامه الحد من تأثير السياسات الاميركية على بلادنا وثورتنا ، وتشجيع واشنطن على تصحيح علاقاتها مع النظام ومعنا، وعلى اتخاذ قرار بصرف الاسد من الخدمة ، فذلك من شأنه طمأنتنا إلى أن بقاء النظام مستحيل لأنه مرفوض دوليا، وان اصلاح الائتلاف وسياساته هو مصلحة دولية لا تتعارض مقتضيات تحقيقها مع توجهنا نحو مجالنا السياسي الداخلي، واعادة تنظيم وتوحيد الجيش الحر ، وإقامة تحالف عربي / إقليمي/ اوروبي يلعب دورا يقبله البيت الابيض في ما يتصل بتغيير الاوضاع لمصلحتنا ، يعني تعاوننا معه تغطية ثغرات مرعبة في مواقفه ، التي يجب علينا العمل لاقناعها بفرص نجاح توجهنا ، والحد من الآثار السلبية لسياسات ربما كانت تفرضها عليها ظروف داخلية او تحديات اقليمية ودولية صعبة .
ليس مطلوبا أن تكون علاقات الائتلاف مع واشنطن سيئة او سلبية ، فذلك أن وقع يضعف قدرتنا على اطاحة النظام، ويخرجنا نهائيا من معادلات الثورة وقد يتسبب في هزيمتنا . بالمقابل ، تتطلب المصلحة والحكمة أن نرى العلاقة بين اصلاح أوضاعنا الذاتية وعلاقاتنا مع المعارضة والداخل وبين اقتناع واشنطن باننا شريك لا تستطيع تجاهله او التعامي عن مطالبه ومصالحه ، لأنه البديل الحقيقي والوحيد للنظام . عود على بدء: إن اصلاح الائتلاف وسياساته هو مفتاح بناء بيئة وعلاقات دولية تختلف عن علاقاتنا الحالية مع العالم، التي انتجتها اولوية الخارج في مواقفنا وسياساتنا، وادى اليها ربط مصيرنا باراداته المتصارعة علي مسائل ومصالح ليس من همومنا واولوياتنا . لن يرى العالم نفسه مجبرا على البحث عن بديل لنا ، ولن يتجاهلنا ويستهين بنا، ان وجدنا قادرين على تحقيق ما نريده بقوانا الذاتية، ومؤهلين لافشال اي حل خارجي لا يتفق مع مصالحنا ، التي لا بد ان تتفق مع ما اقر العالم لنا به من حقوق في وثيقة جنيف واحد ، وجوهره قيادتنا انتقال بلادنا إلى نظام ديمقراطي بديل للنظام الراهن، نتعاون على إقامته مع اطراف من النظام الحالي ، بعد ابعاد الاسد وبطانته ، يحظى بضمانات دولية حول امن السوريين جميعهم لا يستطيع اي نظام آخر غير النظام الديمقراطي الالتزام بها، بتفاهم وارادة المشاركين في إقامته . لا بد من حوار في العمق مع أميركا ، يواكب اعادة ترتيب اوضاعنا الذاتية ويستند اليه ، يبين مقاصدنا وخياراتنا الحالية والمستقبلية، والدور الذي سنلعبه تجاه الخليج وإيران وتركيا، كما تجاه إسرائيل، التي يجب ان تكون مواقفنا منها مبنية على إجماع وطني تشارك في بلورته والالتزام به كافة اطراف العمل الوطني ، علما بان الائتلاف يجب ان يدعم حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية ، وخاصة منها حقه في إقامة دولة سيدة ، حرة ومستقلة على كامل اراضي الضفة والقطاع والقدس الشرقية،المحتلة منذ الخامس من حزيران عام 1967 ، وان يصر على انسحاب القوات المحتلة من الجولان ، مقابل علاقات تلزم تل ابيب بقرارات مجلس الامن في الموضوع الفلسطيني، وبتقديم ضمانات ملموسة بعدم الاعتداء على بلادنا .
بقدر ما نكون مستقلين ويكون لدينا قدرات ذاتية نتحكم بها ، بقدر ما سيتغير الموقف الأميركي من النظام ومنا . بهذا المنظار ، ليس قرارنا المستقل شأنا داخليا خاصا فقط ، بل هو كذلك المسألة التي ستتعين بها علاقاتنا مع الخارج ، وما إذا كانت ستقوم على احترام إرادتنا ومصالحنا باعتبارها خطا احمر ليس من حق او مصلحة احد تخطيه .
تبقى روسيا ، الدولة الضامنة للنظام ، التي لن تتخلى عنه الا قبيل سقوطه بساعات قليلة ، كما يقول خبير سوري في المنظمات الدولية رافق لافروف ، وزير خارجية الكرملين الحالي ، طيلة فترة عمله ممثلا لبلاده في نيويورك . هذا لا يعني أن اصلاح الائتلاف وسياساته وتغيير أولوياته والتخلي عن ارتباطها بالسياسات الأميركية ، سيفقد قراره الوطني المستقل القدرة على مواجهة جيش الكرملين في بلادنا، واجباره على التفكير بتعديل مواقفه منا ، لأننا في وضع يتيح لنا انتهاج سياسات تجبره على ذلك .
المجال الداخلي
قبل تنظيم وتصويب سياساتنا في اي مجال آخر ، لا مفر من تصويبها في المجال الداخلي، الوطني السوري : مصدر قوتنا والمكان الذي سيتقرر فيه مصيرنا، وخزان طاقاتنا، الذي ان عرفنا كيف نفيد منه لن يتمكن النظام وحلفاؤه من قهرنا، وان فشلنا هزمنا ثورتنا ، وضيعنا ارواح وتضحيات مئات الاف الشهداء الذين قدمهم شعبنا على مذبح الخلاص من عدوه الداخلي .
الائتلاف والشعب (1)
في السياسات
يطرح تصحيح علاقة الائتلاف بالشعب نفسه علينا بقوة والحاح ، ويذكرنا بالحاجة إلى إعادة نظر جذرية وثورية فيها ، بعد ما تعرضت له من تجاهل وشابها من عيوب واخطاء جسيمة خلال الفترة التالية لتأسيس المجلس الوطني ثم الائتلاف ، جسدها على اسوأ وجه نجاح النظام في فك اللحمة بين قطاعي مجتمعنا المدني والاهلي، اللذان قدم اولهما برنامج ” الحرية لشعب سورية الواحد ” ، وتبناه الثاني وانخرط من اجل تحقيقه في الحراك الثوري ، السلمي والمدني ، وانزل ملايين الرجال والنساء والشابات والشبان إلى الشوارع ليواجهوا سلميا عنف النظام ويجبروه على قبول حريتهم ، وقدم لدعم خياره تضحيات يومية جعلت من حراكه التحدي الرئيس الذي يهدد بقاء النظام ، ليس فقط بسبب كثافة تمرده البشري واتساعه ، وإنما كذلك بسبب انتشاره المكاني الذي غطى كل شبر من بلادنا في ارياف جبل الزاوية النائية وصولا الى بوادي الجزيرة وبلدات وقرى اقضية ومدن المحافظات واحيائها الكبيرة وضواحيها ، حيث عم لهيب الثورة وشارك ثلث الشعب السوري ( 35% منه ) في الحراك السلمي احد ايام الجمعة من الشهر الرابع لعام 2012 . لمواجهة هذا الطوفان البشري المتعاظم ، ركز النظام عنفه وحلوله العسكرية / الامنية على القطاع الاهلي ، من اجل القضاء على الطابع المدني والسلمي لحراكه : حامل مطلب “الحرية لشعب سورية الواحد” ، الذي كان دوره في الثورة وحمله برنامجها مفاجأة ارعبت المستبدين، وجعلتهم يركزون ردهم على محورين : سحق القطاع المدني الحديث من المجتمع السوري باقصى قدر من العنف، لإزالته من موقعه القيادي في الحراك، واستخدام قدر مفتوح من العنف ضد القطاع الأهلي، لفك لحمته مع القطاع المدني وتقويض طابع حراكه السلمي، ووضع قيادة تقليدية على رأسه تحل محل قيادته المدنية، التي أتت به إلى ساحة الثورة ، وصولا إلى تحويل ثورة الحرية إلى حراك فاقتتال طائفي تقوده قوى تؤمن بالعنف والسلاح ، راهن الاسد ونظامه على دورها في تطييف الثورة وقاع المجتمع ،حامل الحراك،وحرفه عن مساره المعادي له ، وتغيير دوره واساليبه النضالية، وزجه اخيرا في فوضى عارمة سينتجها صراع تطيف سلطويا ومجتمعيا، سيضيع ويغرق في لججها ، برعاية السلطة الاسدية واشرافها ، التي تطيفت وعملت لتطييف المجتمع طيلة نصف قرن .
لن يصحح الائتلاف سياساته واوضاعه ما لم ينجز خطوتين معاكستين لخطط النظام هما :
– ـ إعادة اللحمة الوطنية بين القطاعين المدني الحديث والاهلي التقليدي من مجتمعنا ، بعد ان نجح النظام في تفكيكها ، بل وفي حفر هوة بين قطاعي مجتمعنا هذين ابعدت احدهما عن الآخر او وضعته في مواجهته، وخلصت الاستبداد من الاجماع الوطني ضده ، ومن سلمية وجماهيرية الثورة .
– ـ نزع الورقة الطائفية من يد النظام وتحويلها إلى خنجر يغرس في صدره . والغريب انه كان قد نجح في إدخالها الى الصراع دون أن تبدي المعارضة مقاومة تذكر ضدها ، رغم ما مارسته من دور خطير في تشويه الحراك المجتمعي الموحد، وحرف الصراع عن مساره الأصلي كصراع من أجل الحرية ، وما امدت النظام به من قدرة على البقاء والاستمرار ، وعلى شق المجتمع حسب اسس عبرت عنها مواقف رأى في السوريين أقليات مسكينة مهددة من جهة، واغلبية متعصبة وأصولية راغبة في إبادتها من جهة اخرى، ردعتها اجهزة القمع والجيش بدوافع وطنية ومن اجل حماية الشعب من اصولييها وقتلتها .
هل فات وقت تحقيق هذين الهدفين ؟. اعتقد أن الخطأ يتحدى الزمن ، وان اوان تصحيحه لم يفت بعد ، وان احجام الائتلاف عن التخلص منه سيفضي الى اخطاء تتوالد عنه، سينتجها بوتائر متسارعة تجعل من الصعب الى درجة الاستحالة التخلص من نتائجها الكارثية . نحن ، بكل صراحة ، في لحظة كهذه ، فإما ان نعيد اللحمة لمجتمعنا بقطاعيه ونستعيد فاعلية وراهنية برنامج ثورة : “الحرية لشعب سورية الواحد” ، او ان تتعاظم خسارتنا امام نظام تركنا له زمام المبادرة السياسية ، يخطط لانتاج اوضاع بدلت هوية وطابع الحراك والثورة، تكفلت بخلق ظروف اعانته على بطشه وعززت بقاءه ، منها تشتيت واقتلاع مجتمعنا الوطني واستخدام السلاح الطائفي في صراعه الاقتلاعي والابادي ضده ، وممارسة ضغوط هائلة عليه استهدفت ، كما سبق القول ، إزاحة القطاع الحديث عن قيادة وتوجيه الحراك ، وعسكرة وتطييف القطاع الأهلي . يبقى أن نطور الاساليب الضرورية لتحقيق الهدف الأول، ونقيم المؤسسات الضرورية للرد على الثاني، وان ننجز ذلك في اطار حاضنة وطنية جامعة علينا تهيئة الظروف لمشاركة كل سوري فيها ، إلى اي قطاع من قطاعات شعبنا انتمى ، وأينما كان داخل وطننا او خارجه ، فضلا عن بناء ورعاية مؤسسات وتنظيمات وطنية معادية للطائفية، تسمح بنيتها واساليب عملها واهدافها باستيعاب الراغبين في الانفكاك عن طوائفهم ، والباحثين عن ادوار وطنية خارج منظومتها. ومع ان إقامة هذه المؤسسات ليست كل شيء تمس حاجتنا الى عمله في الحرب ضد الطائفية ، فان اعادة احياء ما كان قائما منها قبل الثورة يعتبر واجبا وطنيا ، علما بان بعضها كان قد تأسس في محافظات عديدة منها محافظة اللاذقية ، بعد مضي فترة على الانقلاب الذي اوصل بشار الاسد إلى السلطة عام 2000 . هذه التنظيمات ، يزيد من اهمية تأسيسها واعادة احيائها على الصعيد الوطني ، مبادرة احزاب وهيئات المعارضة العسكرية والسياسية الى تبنيها والتواصل معها وتعميمها على كل المواقع والامكنة، وسعي الائتلاف إلى إضفاء طابع مناهض للطائفية على بنيته وهيئاته ، وبنية الاحزاب السورية وهيئاتها ، ومقاومته العلنية لممارسي الطائفية مهما كانت اسماؤهم وهويتهم وقوتهم ، وقيامه بضم الراغبين في النضال ضد الطائفية ، الذين يرون في انتمائهم إليه بوابة انتمائهم الى وطنهم ، وفي الحرية التي يتيحها لهم نضالهم داخلها رصاصتهم التي يوجهونها إلى قلب النظام وبدائله الطائفية. هذا النهج، لا بد أن يكتمل بفتح ابواب مؤسسات الائتلاف العسكرية والسياسية أمام جميع ابناء سورية ، دون اتخاذ مواقف منهم بناء على اسمائهم الطائفية وهوياتهم الاتنية او الجهوية او القومية، وعلى احكام مسبقة وهلوسات مذهبية او سياسية يتبناها كثيرون بذريعة الدفاع عن الثورة، تعتبر الانتماء الاغلبي وحده ثوريا ،وما عداه مشاريع خيانة او تخاذل او عمالة للنظام . لا نجاح في الحرب على الطائفية دون اعتماد خطاب وطني يتعالى على اية انتماءات ثانوية او دنيا ، ويرى مجتمع سورية بدلالة كليته ووحدته ، ولا يراه بدلالة مكوناته الدنيا والجزئية، ويرفض تعيين مصالحه العليا من خلال مصالحها الخاصة ، بل يفعل العكس ، مع ما سيؤدي موقفه اليه من تعاظم في الاندماج المجتمعي ، وإخراج الطائفية ونزعاتها التفتيتية من المجال العام ، فلا تتعين مواقف السوريين تجاه شؤونهم العامة تحت تأثير انتماءات ما قبل مجتمعية ، ويحجمون عن العمل على إعادة انتاج الكل المجتمعي في ضوئها ، لاعتقادهم ان هذا لن يحدث الا بالغلبة والقهر ، اي بتفجير حرب داخلية تنتهي الى مأساة خير شاهد على طابعها الاجرامي ما يفعله الارهاب والتطرف المذهبي اليوم في بلادنا .
ثمة منذ بعض الوقت تذمر متنام في اوساط الطائفة العلوية ضد سياسات النظام ، يعبر عن نفسه تحت ضغط الخسائر الفادحة التي يتكبدها ابناؤها ، بعد ان وجدوا انفسهم أمام احد خيارين فرضهما الاسد وبطانته عليهم، هما : أن يقتلوا او يقتلوا غيرهم. بما ان نظام الاسد نظم الطائفة أمنيا وسلحها ووضعها في سياق يجافي هويتها ومصالحها الوطنية ، وفرض عليها في الوقت ذاته مواجهة مجتمعها بالعنف، وحولها الى طائفة سلطة مؤهلة للبطش بالعلويين قدر ما هي مؤهلة للبطش بغيرهم، فإن المشكلة الطائفية تتجلى اليوم في هذا الدور السلطوي لمواطنينا العلويين ، وفي ردود افعال تطاولهم تتبناها قطاعات معينة من شعبنا ، لذا ، ستمنى مواجهة طائفية اهل السلطة وحاملها المجتمعي بالفشل ان لم تواجه طائفية خصومهم من الطرف المقابل ، وتلتزم بسياسات معادية بوضوح وعلانية للطائفية كمبدأ هو خطر يهدد وجودنا كشعب موحد ووجود وطننا، لعب النظام من خلاله إلى اليوم دورا مهما في تقويض وحدة شعبنا، وزلزل دولتنا ومزقها .
بالتوازي مع تأسيس واحياء حواضن وطنية يجد فيها كل عدو للطائفية اداة نضال وطني تسجيب لخياراته ، من الضروري متابعة ما يبدر عن العلويين وغيرهم من تذمر ضد النظام ، والعمل على تحويله إلى معارضة فتمرد فمقاومة ، وجعله جزءا من معارضة وتمرد شعبنا العامة، يتماهى معهما في أفكاره ومقاصده ويندمج فيهما ويغتني بما يحمله من اضافة الى الثورة الوطنية الدائرة في بلادنا، تقتربها من الانتصار . الا يحتم هذا توسيع تمثيل هذه القطاعات والفئات في مؤسسات الائتلاف والحكومة ؟. اعتقد انه يتطلبه، ويجعل من الضروري تعزيز قدرة هذه الحواضن على المشاركة في اتخاذ قراراتها وتنفيذها، في مختلف مجالات العمل الوطني والعام ، دون استثناء .
الائتلاف والشعب (2)
في التطبيق
يقتضي تحقيق ما تقدم ذكره من اهداف وآليات عمل :
1- ـ اجراء جميع الاتصالات ، وبناء جميع الاجهزة ، ورسم جميع الخطط الضرورية لاستعادة وحدة الشعب الممزقة ، التي يمعن اليوم في إضعافها تشتته المكاني وافتقاره إلى تنظيمات وطنية مؤثرة وحاضرة بقوة في اماكن انتشاره المبعثرة بظروفها المختلفة ، وغرقه في مشكلات لحظية وهموم حياتية تجعل السوري باحثا عن نجاته ، منطويا على ذاته عازفا عن الشأن العام ، لاسباب بينها انعدام قدرته على تعيينه ، بعد أن طرد من وطنه وتلاشى تواصله مع بيئته المجتمعية ، التي لم تعد قائمة بدورها. يتطلب التصدي لهذه المعضلة الصعبة، التي تثقل كاهل كل سوري ، تشكيل “دائرة خاصة برعاية السوريين”، تكون تابعة لرئاسة الائتلاف، تضم مختصين في العلوم الإنسانية يدرسون سلوك الافراد والجماعات النفسي والميداني ، سواء في الحروب أم في ظروف تمزيق المجتمعات بالتهجير والتشرد ، على أن تجري دراسات ميدانية تتركز علي تجمعات السوريين في الخارج والداخل ، وتضع مدونة علمية تحدد افضل سبل التعامل معهم ، سياسيا واجتماعيا وثقافيا ، ومستلزمات ارتباطهم بنواظم فكرية وسلوكية وطنية وعامة تقويهم انسانيا وروحيا في ظل وحدتهم الغائبة ، وتعينهم على جسر الهوة بين واقعهم الراهن والواقع الذي كانوا عليه في وطن يتعاظم يأسهم من عودتهم إليه. لا مفر ايضا من نشر شبكة تعمل تحت إشراف ممثلي الائتلاف ، الذين يجب أن ينتشروا في جميع اماكن وجود السوريين، ويجروا جردا دقيقا لاوضاعهم في المخيمات وما يتم فيها من تغير وتبدل، يصفها احصائيا وميدانيا ، يستبق تأمين مستلزماتهم بالتعاون مع السلطات المحلية أو منظمات الإغاثة الدولية ، ويتابع القائمون به قضاياهم ويقوموا بخطوات تخفف معاناتهم ، كتأسيس شبكات من جمعيات استهلاكية مخفضة الاسعار لها هوامش ربح متدنية، وعيادات طبية مجانية ، ومطاعم وجبات مجانية او باسعار رمزية، ويزدوهم بمساكن تقاوم الاحوال الجوية وتقيهم غوائل البرد والحر، وتساعدهم على تربية اطفالهم في ظروف عائلية مقبولة نسبيا، فضلا عن تأسيس مكاتب عمل تشغلهم ،وتعينهم على تجاوز البطالة والعوز، والضيق النفسي والقلق الاجتماعي. اليس من واجب الاتئلاف تأسيس مكاتب على المنافذ الحدودية مع دول الجوار ، تستقبل المهاجرين او المهجرين وتنشيء استمارات رسمية لهم تذكر فيها اسماؤهم واعدادهم واعمارهم ومؤهلاتهم العلمية والدراسية ومهنهم وحاجاتهم والاماكن التي يريدون الاقامة فيها ، تقترح في الوقت نفسه اجراءات التعامل معهم وحل مشكلاتهم … الخ . هجر النظام ملايين السوريين ، وشرد ملايين أخرى داخل سورية، دون أن يوجد في الائتلاف إلى اليوم مكتب واحد يرعى شؤونهم، مع ان ظاهرتهم كانت تستوجب تأسيس دائرة خاصة بهم ، كالتي سبق ذكرها ،- بل وتأسيس وزارة خاصة بهم لدى الحكومة الموقتة ، تضم ممثلين عن الائتلاف وعنهم، وموظفين حكوميين يديرون مكاتب هي حلقات وسيطة بينهم وبين جهات حكومية ونقابية وخيرية وحزبية وإنسانية في أميركا واوروبا ومنظمات الشرعية الدولية، تتواصل مع منظمات الاغاثة والرقابة الصحية والرعاية الإنسانية والنفسية ، وتولي اهتماما خاصا للأطفال ، وتشرف بالتعاون مع وزارة الصحة على مصفوفة متكاملة من العيادات والمشافي والمصحات، فضلا عن مراكز التأهيل الخاصة بالجرحى ، الذين يجب ان يلقوا عناية خاصة، ويجدوا كل ما هم بحاجة اليه من عون قبل وبعد الشفاء، وان تخصص لهم دور رعاية تتكفل بنفقاتهم وحفظ كرامتهم وامدادهم بالغذاء والدواء والملبس . لقد صار نصف الشعب السوري مهجرا ومشردا ، والنصف الآخر محاصرا ومجوعا ومقصوفا ومقتولا، ومع ذلك ، ليس هناك اليوم مؤسسة رسمية واحدة خاصة بهم ، تتكفل بشؤونهم من التهجير الى الاستقرار ، وبتقديم رعاية منظمة وفرص عمل لهم داخل وخارج البلدان المضيفة ، وبمتابعة شؤون تربية وتعليم اطفالهم ، ورعاية نسائهم ، وخدمة شاباتهم وشبابهم، وحماية اسرهم ، وتمثيلهم رسميا امام الجهات التي يوجدون على اراضيها .
2- لا بد من أن يمأسس الائتلاف حياة سكان المخيمات العامة ، وينظم انتخابات ممثلين عنهم يتعاون معهم كجهات تتحدث باسمهم وتمثلهم داخل هيئات الائتلاف وسلطات البلدان المضيفة، وتدعم مطالبهم المشروعة وحاجاتهم في اماكن انتشارهم .
3- إذا كان الائتلاف سيدعم الحكومة والجيش الوطني الحر، فلا بد أن يمنح دعما مماثلا لمنظمات المجتمع المدني من تنسيقيات ومجالس محلية ومؤسسات اعلامية واغاثية وطبية ، وأن يعتبرها الركيزة الثالثة التي تتكامل بالتعاون المنظم والرسمي معها مأسسة علاقاته مع ثورة هي احد اذرعها داخل مجتمع سورية، الذي يجب ان يكون موحدا وان ينسق علاقاته عبر لقاءات فصلية منظمة توحد عمله، وتوجهه نحو الدفاع عن السوريين وتعبئتهم ورعاية شؤونهم وتقوية انشطتهم بطرق تجعلهم يسهمون في تحرير وطنهم ، واقامة بديل ديمقراطي يضمن حريتهم ويردهم إلى حياتهم الطبيعية كمجتمع وكدولة .
الائتلاف والنظام (1)
– لا بد من موقف حيال النظام يختلف في جوانب عديدة عن موقف الائتلاف ومعظم اطراف المعارضة ، الذي قام منذ قرابة ثلاثة اعوام على المطالبة باسقاط الاسد ونظامه بكافة رموزه واركانه . هذا الهدف، الذي تماهى فيه الاسد مع النظام ورموزه ، كالجيش على سبيل- ، وطالب باسقاط الشخص والنظام مرة واحدة وفي اللحظة عينها، يحتاج إلى تعديل يفصل الاسد ، الذي يمكن ويجب اسقاطه والتخلص منه ، عن النظام الذي يستحيل اسقاطه كما يسقط شخص، ليس فقط لان النظام يتكون من مؤسسات وبنى سياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية واعلامية وثقافية … الخ ، بل كذلك لان اسقاط الاسد ممكن بطلقة في رأسه ، بينما سيسقط النظام بصورة تدريجية وخلال فترة زمنية يحددها مدى تجذره في واقع البلاد وعمق توضعه داخل بناها ، ونجاحه في طبعها بالطابع الاستبدادي الذي فرضه عليها ، ومدى التبدل الذي أصاب وعي الشعب تجاه نمط السياسة والإدارة التي تبناها ، والتوزع الطبقي والمصالحي الذي ترتب على اقتصادياته، وطرقه في افساد وتخريب الحياة العامة … الخ . سيسقط الاسد خلال الساعات الاخيرة من عمر النظام ، الذي سيتغير بعد انتصار الثورة في مدى زمني غير قصير . هذه الحقيقة المهمة بالنسبة لرسم سياساتنا ومواقفنا تم تجاهلها خلال الفترة الطويلة الماضية، فلا عجب ان لعبت دورا خطيرا في إطالة عمر الأسد ، بالتماهي الكاذب الذي مكنته من اقامته بينه وبين النظام ، وبجعل اهله يعتبرون سقوطه اسقاطا لهم هم أيضا ، مع أن جنيف واحد يتحدث عن تشكيل “هيئة حاكمة انتقالية برضا الطرفين” ، اي بما في ذلك رضى اهل النظام ، الذين اعتقد واضعوا وثيقة جنيف واحد انه سيكون لهم مصلحة في التغيير ودور رئيس في تحديد طبيعته ومداه ، بما انه سيحفظ حقوقهم كمواطنين وسيمنحهم فرصة المشاركة الحرة في حياة سورية العامة. ألا يستوجب هذا سحب شعار اسقاط النظام بكافة رموزه واركانه واستبداله بشعار اسقاط الاسد وتغيير النظام، الذي يعزز احتمال انفكاكهم عن بشار، بفصلهم عنه ومعاملتهم بطريقة تختلف عن طريقة التعامل معه ، ويعزز قدرة الائتلاف على تبني مواقف سياسية مؤثرة تجاه نظام يقاتلهم ويقتلهم ، يرى اهله ان الائتلاف يضعهم في مركب واحد مع رئيسه، ويهددهم بالسقوط معه ، بينما لا يعني تغيير النظام البطش بهم كاشخاص بل ضمان حقوقهم كمواطنين ، بما في ذلك حقهم في الدفاع عن انفسهم امام قضاء عادل ، في حال وجهت إليهم تهم جنائية أو قدموا للمحاكم . هذا الفهم لاسقاط النظام، الذي يجعل معناه تغييره ، هو المعتمد دوليا وعربيا واقليميا ، ولا بد أن يعتمد ايضا في سياسات الائتلاف والمعارضة ، ويترجم إلى ضمانات تشجع على هجر الاسد والانضمام إلى رهان التغيير الديمقراطي ، والعمل لانجاحه بما سيكون لدورهم من اهمية في انجازه .
الائتلاف والنظام (2)
في التطبيق
من الاهمية بمكان التذكير بأن خطة جنيف واحد تتفق تمام الاتفاق مع ما سبق قوله حول ضرورة الفصل بين الاسد والنظام ، والتغيير التدريحي للاخير في حاضنة ديمقراطية حاكمة تعمل في مرحلة اولى من اجل انجاز مرحلة انتقالية تضع الاسس الضرورية لاخراج سورية من وضعها الكارثي، بتقويض تدريجي متوافق عليه لبنى النظام ومؤسساته، تليه تدابير اخرى يتم بعدها الانتقال إلى نظام سيكون ديمقراطيا ، بقدر ما يكون التحالف السياسي الذي يحمله متنوعا وفي الوقت نفسه موحدا حيال اقامته ، وقادرا على عزل الاصوليين والإرهابيين ، ولديه خطة انتقال وبناء ديمقراطي يساندها الشعب وتتبناها القوى السياسية الديمقراطية والمدنية والاسلامية، وكذلك القوى المنخرطة في العمل الانتقالي من اتباع وانصار النظام السابقين . بقول آخر ، وعلى صعيد الترجمة العملية التي يمكن ان تتكفل بنجاح هذه المهام ، من الحيوي بروز الطابع الوطني الجامع للتنظيمات المعنية وتغييب طابعها الطائفي والحزبي، الجزئي والخاص ، على ان تفعل ذلك بدءا من نشاطها الراهن في الائتلاف وحتى قيام النظام الديمقراطي ، الذي تقول تجاربه إنه يمر في مراحل ثلاث: اولى تتسم بالصراع بين القوى الديمقراطية حول مسائلها ومواقعها وحصصها من السلطة ، وثانية تستند الى توافقها على اسس العمل على اقامة النظام الديمقراطي ، التي يعني تطبيقها بارادة مشتركة بدء المرحلة الثالثة : مرحلة قيام النظام الديمقراطي في الإطار المتوافق عليه، وحددته اسس قبلتها جميع الاطراف ، منها تولي الحكم من قبل الاغلبية البرلمانية الفائزة في انتخابات حرة ، عامة وسرية ومباشرة ، ومعارضة تتكون من الخاسرين، لكنها تستند الى الاسس التي ينهض عليها النظام ، وتسمح بالخلاف على السياسات ويمنع الطعن فيها لانها ركائز النظام الديمقراطي التي يجب ان تبقى فوق الخلافات الحزبية كي لا يتهاوى النظام. بالنسبة لاطراف الائتلاف، من الضرورة بمكان الانتقال إلى المرحلة الثانية، مرحلة التوافق على اسس سياسية ملزمة لا تقوم ديمقراطية بدونها ، تتعاون على تحقيقها القوى الاسلامية والليبرالية والديمقراطية والعلمانية والمحايدة داخل الائتلاف وخارجه، لا مفر من صياغتها كمهمة يتم انجازها في اقرب وقت بمشاركة جميع الاطراف المذكورة، لما لها من اهمية في تخطي خلافاته( الائتلاف) وتجاوز تكتلاته وتناقضاتها وتخبطها السياسي والشخصي : العائق الرئيس الذي يحول دون وحدته ، ويقوض فاعليته وسمعته.
اعود الان الى النظام : للفصل بين الاسد والنظام ، ولشق كتل من النظام عنه، لا بد من إشراك مختلف اطياف السوريين وممثليهم في بلورة ووضع اسس العمل والنظام الديمقراطي ، من اجل جعلها شريكة فيه قبل قيامه ، وتزويد معارضي ومقاومي الاسد بتصور واضح ومتكامل عن النظام البديل ودورهم في اقامته ، يمكنهم من تخطي اعتراض او مقاومة الوسط المجتمعي المؤيد له ، استنادا إلى حقيقتين جوهريتين هما :
– ـ فشل الحل العسكري / الامني في انقاذ النظام ، وحتمية هزيمته مع ما يمكن ان يترتب عليها من نتائج كارثية على اتباعه ، ان حافظوا على ولائهم له ، و
– ـ فداحة الخسائر التي يتكبدها هؤلاء دفاعا عن شخص اثبت فشله وانعدام شعوره التام بالمسؤولية عن الشعب عامة وعنهم بصورة خاصة ، علما بانه ورطهم في حرب لا مبرر لها ضد شعب طالب بالحرية له ولهم .
هذه الاجواء سبقت الإشارة إلى كيفية خلقها وتعزيزها ، بالإفادة من تاريخ وطني جامع لعب العلويون دورا جديا فيه، وبلاد لطالما دافعوا عنها بدمائهم، ووضعوا أنفسهم في خدمة وحدتها واستقلالها ، لكن السياسات الأسدية فرضت عليهم حالا يناقض تاريخهم ، قادهم الى مشارف الإبادة ، التي ستنتهي دون اي شك بكارثة يصعب انقاذهم منه ،في حال استمرار ولاؤهم للمجرم، خاصة إن افضت مواصلة القتال الى انتصار قوى الاصولية وما سيعنيه من خطر مباشر عليهم وعلى القوى الوطنية في آن معا، كما تتمثل اليوم في المعارضة المعترف بها دوليا، وفي المقاومة العسكرية ممثلة في الجيش الحر ، فمن الخير لهم اذن وضع ايديهم في ايدي هذه المعارضة لدرء المخاطر المحدقة بالطرفين ، بعد التخلص من شخص صار يجسد موتهم وموت وطنهم وشعبهم ، كان اختياره للرئاسة خطأ جسيما لم ينتج غير الأزمات والدمار والقتل والتهجير لمختلف بنات وابناء سورية . من الآن فصاعدا، يجب أن تكون معادلة الائتلاف والمعارضة السياسية قائمة على ما يلي : لا حل مع الاسد ، وأي حل قابل للبحث بدونه ، وتحديدا ذلك الحل الذي يتفق مع ما تقرره وثيقة جنيف واحد حول مشاركة اهل النظام في هيئة حاكمة انتقالية تقود البلاد إلى مرحلة تصون حياة وحقوق السوريين إلى اي طرف انتموا ، بغض النظر عن معتقداتهم وانسابهم ولغاتهم ومنابتهم الاجتماعية. واذن ، نعم اولى لحل دون الاسد : قاتل العلويين وبقية الشعب من أجل كرسيه . ونعم لمصالحة وطنية ذات ابعاد سياسية / انقاذية بالنسبة إلى جميع فئات الشعب السوري. ونعم ثالثة لتكريس هذه المصالحة عبر قوانين تحظر اي قول او فعل طائفي، وتعتبره جريمة ضد المجتمع والدولة ، تعاقب الجهة التي ترتكبها . ونعم رابعة للمبادرة اليوم الى تنظم علاقات مكونات جماعتنا الوطنية بعد الأسد ،وخلال الفترة التي يتطلبها تغيير النظام ، بما يعزز الثقة بين السوريين ويبعث الاطمئنان في نفوس الخائفين منهم على حياتهم ووجودهم بسبب استمرار الحرب وضراوة الإرهاب ، فإن انفك هؤلاء عن الاسد وعارضوا جرائمه وعنفه ، تكاملت رغبة القوى السياسية المختلفة في المصالحة الوطنية مع حراك معارضي الاسد من المنتمين إلى الاوساط المؤيدة له ، وتشكلت إرادة وطنية جامعة تضغط لإيقاف مجزرة اجرامية تتعرض لها جميع مكونات الشعب، ووضعت أجحار اساس حقيقية للحمة وطنية حاملها الحرية والوحدة الوطنية والنضال الوطني الجامع ضد الاستبداد ، يعني تبنيها من العلويين وغيرهم من ابناء المكونات المجتمعية والسياسية السورية انضمامهم إلى ثورة الحرية : ضمانتهم التي لا منة لاحد عليهم فيها ، ولن يتمكن احد من نقضها بعد انتصار الثورة ، لأنهم سيكونون من الذين عملوا له وضحوا لاحرازه ، ولهم حصة فيه لن يستطيع احد انكارها . يصدق القول نفسه علي القضية الكردية كقضية وطنية ديمقراطية ، فالكرد اصحاب باع طويل في النضال ضد الاستبداد الاسدي ، ولعبوا دورا مهما في اطلاق ونشر الثورة ضده ، ولا بد من ان ينالوا حقوقهم الديمقراطية والقومية كاملة غير منقوصة ، كمكون رئيس من مكونات دولة ومجتمع سورية ، كان منه افذاذ اسهموا في تشكليهما وقيادتهما ، ومن الضروري التعامل معهم كشركاء حريصين على الوطن ، من حقهم المطالبة باشكال من الادارة والحكم تلبي مطالبهم وتعبر عن خصوصيتهم ، بالتوافق والتراضي معهم ، وبتكريس وضعهم الديمقراطي الجديد دستوريا .
بعد العمل على المستوى الشعبي ، لا بد من العمل على مستوى النظام نفسه ، من اجل تقويض مكانة رئيسه المجرم وفك اتباعه عنه : وهذا هدف شرط تحققه أن لا نعتبر كل من في النظام مواليا بالضرورة له وعدوا لنا ، وان نبذل وسعنا لتأسيس بيئة سياسية وعسكرية تسرع انفكاكهم عنه ، تقر بحقهم في املاكهم واموالهم ، وبمكانتهم ودورهم في الجيش الموحد، الذي سيضم، بعد النصر، الجيش الحر والمقاومة ووحدات من الجيش الرسمي ، ليحافظ على استقلال سورية ويحمي وحدتها ويقاتل الارهاب ويصون مكونات جماعتها الوطنية ، وخاصة منها تلك التي قد يستهدفها الإرهاب اكثر من غيرها ، لأي سبب كان . أخيرا ، لن يجدي هذا كله إذا لم يكن معلنا وموجها بكل الصدق والوطنية إلى الوسط الداعم للاسد واهل النظام، واذا لم نتمسك به في جميع الاحوال والظروف .
بقيت ملاحظة اخيرة لا بد ان تقال هنا : على الائتلاف ان يقاوم مقاومة قطعية ومعلنة أي قول أو فعل طائفي ، في سياق مقاومته للنظام : منتج الطائفية الذي حملها مضامين سياسية سلطوية اعتمد عليها في قمع واضطهاد المجتمع السوري وتشويه الدولة وتحويلها إلى عصابة منظمة عند أعلى مستوى سياسي . وعليه ان لا يقصر مقاومته على جهة واحدة ، وان يدين ويجرم ، علنا وفي بيانات رسمية يصدرها ، طائفية معارضي النظام ومقاوميه ومقاتليه ، باعتبارها جريمة تفتت الشعب وتثير الفتن بين مكوناته ، وتهدد الوطن وتقضي على أي امل في انتصار ثورة الحرية . على الائتلاف تشكيل هيئة تابعة لرئاسته اسمها ” الهيئة الوطنية لمقاومة وتجريم الطائفية ” ، تتمثل فيها مختلف اطياف المعارضة والمقاومة والمجتمع المدني ، مهمتها فضح وادانة وتجريم النظام ، وأي طرف يعتمد نهجه الطائفي سواء في تنظيماته أم في مواقفه ، بالنظر الى ان مستقبل شعبنا ومصيرنا يرتبط بالتغلب على هذا السرطان ، الذي اسهم في مآسي طاولت الملايين السوريات والسوريين ، ولن يرفع أذاه عنا دون التصدي له بكل ما في قلوب مواطناتنا ومواطنيا من وطنية وعقولهم من قيم إنسانية .
شعبنا اليوم
لم يعد صحيحا اليوم الحديث عن شعبنا بالطريقة التي كنا نتحدث بها عنه بالامس القريب ، فالشعب السوري تفرق وتشتت بعد تعرضه لعملية تمزيق وسحق منظمة ، وهو موزع الآن على اربعة تجمعات مختلفة :
– تجمع اول مهجر ومشرد في الخارج ، يفتقر إلى الانسجام والتماسك .
– وتجمع ثان مهجر ومشرد ومجوع بين منطقتي النظام والمقاومة في الداخل ، معرض في اي وقت للتشتت والتبعثر من جديد .
– وتجمع ثالث محاصر ومجوع تحت سيطرة النظام في الداخل ، يفتقر بدوره الى الثبات والاندماج .
– وتجمع رابع هو الجاليات الموزعة على العالم، التي انضم إليها مئات آلاف المهجرين والمشردين من الداخل، وغيروا وضعها كليا او جزئيا في أماكن عديدة من دول اوروبا واميركا والمنطقة العربية .
يجمع بين هذه التجمعات انها في حالة خمود سياسي يكاد يكون مطلقا ، يبدو معها التجمعان الأولان ككتل بشرية هائلة العدد همها الرئيس النجاة بحياتها عبر الحصول على خدمات صغيرة مرتبطة ببقائها ، وانصرافها عن القيام بأية انشطة سياسية منظمة او موجهة وجماهيرية، رغم ما تعيشه من بؤس ويأسها المتفاقم من حل قريب لوضعها ، وقلقها المتعاظم من شائعات ومعلومات تتناهى إلى اسماعها حول تغير ديمغرافي وسكاني سيجعل من الصعب، ان لم يكن من المستحيل، رجوعها الى قراها ومدنها وبلداتها ، او اسماع صوتها لمن بيدهم تقرير مصيرها في المعارضة والنظام ، او بلوغ حال يكون لها فيها رأي تجاه ما تتعرض له من معاملة قاسية في معظم دول الهجرة ، باستثناء تركيا ، وهي دول عربية تعاملها معاملة ضيف ثقيل دخل اليها دون إذنها وفرض نفسه عليها ، فهي ليست راغبة فيه وترفض تقاسم ما لديها معه ، بما أنها تعج هي نفسها بمشكلات تكدر علاقاتها مع شعبها ، وتخشى من الضيف الغريب على أمنها ، سواء بما هو رمز ثورة من أجل الحرية ينفر من القسر الذي يمارس عليه ، او اصولي يرفض نظام الدولة المضيفة ويعتبره كافرا لا بد من مقاتلته ، أم بما يلقيه على عاتقها من اعباء لا قبل لها بها ، ويحدثه فيها من تبدلات سكانية تهدد معادلاتها السياسية الداخلية والخارجية، وطرق تعاملها مع مواطنيها ، فلا عجب إن كانت غير راغبة في فعل اي شيء يسهم في استقراره لديها وانخراطه في حياة مواطنيها العادية . إلى ما تقدم، ترضخ هاتان المجموعتان لمفاعيل خطط رسمها النظام للقضاء على أكبر عدد من الشعب السوري قتلا وتجويعا وتشريدا وتهجيرا، ولتدمير لحمته الوطنية وما هو قائم بين مكوناته من أواصر روحية ، ذات انعكاسات معنوية ونفسية ايجابية على وحدته وتماسكه.
بالمقابل، يبدو الائتلاف وكأنه غير مكترث اطلاقا لهذا الواقع ، وانه يتعايش معه ويتجاهل واجبه في تغييره أو إصلاح ما يمكن اصلاحه منه ، كما يتجاهل فرص الإفادة من قدرات الجاليات السورية المنتشرة في مختلف بلدان العالم ، وخاصة منها جاليات البلدان المفتاحية في أميركا واوروبا، التي تحمست للثورة واستعادت شعورها بهويتها الوطنية بفضلها ، لكن نشاطها ظل مفككا ومتقطعا وجزئيا وافتقر الى يد توجهه وخطط تحدد مهامه ومساره ونتائجه، اي انه ترك للعشوائية رغم أن هذه الجاليات تمثل نسبة لا يستهان بها من شعب سورية، ولديها ثروات كبيرة يمكن أن تحول جزءا منها إلى مورد يمول النضال الوطني ويغيث السوريين المنكوبين، وينفق للتأثير على حكومات بلدان تحتل فيها مواقع مفتاحية كبيرة النفوذ بالنسبة لحياة مجتمعاتها العلمية والاقتصادية والسياسية والثقافية، بما تمارسه من مهن حرة عالية المردود وطيدة المكانة اجتماعيا، وتتولاه من وظائف رفيعة في الدولة والمجتمع ، كان النظام يستغل بعضها في الماضي ويفيد منه ماديا ودعائيا، وتركها الائتلاف دون تفعيل أو مشاركة في انشطته وخياراته ، الضعيفة جدا، مع أن بعض ممثليها لديهم خبرات تنظيمية وقانونية وعلمية متنوعة تمس حاجة العمل الوطني إليها. لا بد من تنشيط سوريي المخيمات سياسيا، ودفعهم إلى انتخاب أو اختيار ممثلين عنهم يستشيرهم الأئتلاف ومؤسساته في شؤونها المختلفة ، ويلعبون دورا إعلاميا ينقل للعالم صورة صادقة وامينة عن اوضاع سكانها ومشكلاتهم ، على ان تتكون منهم لجنة ينتخب اعضاؤها من اللاجئين بصورة مباشرة تكون بمثابة هيئة استشارية عامة لدى رئاسة الائتلاف، من صلاحياتها اقتراح حلول لمشكلاتهم الخاصة والتعاون مع السلطات المحلية والهيئات الدولية في كل ما يتعلق بتنظيم حياة السوريين والإفادة من قدراتهم ومؤهلاتهم الخاصة بالمخيمات واللاجئين ، على ان تتقدم اللجنة بتقارير شهرية عن اوضاعها ، وتعقد لقاءا عاما كل فصل تحت اشراف الرئاسة وبمشاركتها لطرح ومناقشة ما يستجد من مشكلات فيها وتمس الحاجة اليه من اساليب معالجتها .أما بالنسبة إلى الجاليات ، فمن الضروري تأسيس مجلس لها يتولى المسؤولية عنها في كل مكان ، ويرسم بمشاركتها خطط سنوية لتحركها المكاني والقطاعي ، يترك لها حرية تنفيذها وتقديم تقارير فصلية عن أعمالها، على أن يكون رئيس الائتلاف رئيس مجلسها الاعلى ، الذي يجب ان تكون لديه خطط اعلامية تفصيلية ، وخطط انشطة ، وموازنات ، وحملات دعم ومساندة مالية وسياسية واعلامية للائتلاف ومؤسساته . هذه الترتيبات التنظيمية غدت عاجلة بسبب التدهور المريع في علاقات الائتلاف الدولية وتراجع طابعه التمثيلي وعمل اطراف مختلفة على تأسيس بدائل له في الداخل والخارج . ليس من المعقول ان يكون اعضاء الجاليات قد انخرطوا بكثافة في الثورة، لكن الائتلاف تجاهلهم وازاحهم جانبا حتى في تنظيم زياراته إلى بلدانهم ولقاءاته معهم، ولا يقبل ان يكون قسم كبير جدا من المهجرين قد دفع غاليا ثمن مواقفه الثورية في وطنه ، لكنه ما ان هجر قسرا منها حتى جرى تهميشه سياسيا وغاب دوره ومشاركته في الصراع ضد النظام ، مع انه نصف الشعب ، وباستطاعته تنظيم انشطة سلمية اسبوعية ترفع مطلب “الحرية لشعب سورية الواحد”، ليكون نشاطهم استمرارا لما كانوا يقومون به في وطنهم ، ورسالة إلى العالم تؤكد أن خيارهم كشعب لم يتغير ، وانهم مستمرون في النضال من اجل حريتهم ، وضد ارهاب النظام وتنظيماته ، وان خيارهم هو خيار الداخل ، الذي سيشجعه نضالهم على التعبير عن مواقفه ودوره . ترى ، ماذا سيفعل النظام غير ابداء العجز امام تجدد هذا الحراك الشعبي السلمي ، الذي كبته في سورية بالمدافع ، لكن صوته سيتعالى من جديد في الخارج مجسدا اصراره على الحرية وتمسكه بالثورة وباسقاط الاسد والتخلص من نظامه، وبتصحيح مواقف عالم اخذ يتهم السوريين الثائرين والمسالمين بالأصولية ويتخوف من خياراتهم المستقبلية ، واخيرا من تجاوز تمزق وتشتت الشعب عبر تعبئة وطنية شاملة تطاول ملايين المهجرين والمشردين، وتتخطى تشتتهم المكاني ومآسيهم والظلم المحلي والدولي الواقع عليهم !. هل سترفض الدول المضيفة نشاط اللاجئين السياسي السلمي ؟. لا بد إذن من سياسة جيدة التخطيط لاقناعها بشرعيته ، ومن مفاوضات مع قياداتها تسكن مخاوفها وقلقها من انعكاساته على اوضاعها ، وتغير مواقفها ،أو تحد من معارضتها تجاهه ، بتكييفه مع اوضاع بلدانها ومراعاة امنها ، وتنويعه واضفاء طابع سلمي وشرعي صرف عليه ، واشراك الكبير والصغير من المواطنات والمواطنين فيه .
يبقى التجمع الخاضع للنظام في مناطق سيطرته العسكرية والمخابراتية ، وهو تجمع شديد الاهمية من غير الجائز ان يسقط الائتلاف بمؤسساته وحكومته مسؤوليته عن اوضاعه ومصيره ، إن أراد أن يكون ممثلا للسوريين، كما لا يجوز ان يتجاهل حراكه السلمي المتنوع والكثيف، ويتعامى عن مساعدة ورعاية تنظيمات مجتمعه المدني ، وايلائها اهمية جدية ، ووضع خطط تفصيلية للتعامل معها وتقديم كل ما يقدر عليه من عون لها ، باعتبارها الركيزة الثالثة ، إلى جانب الجيش الحر والحكومة ومؤسساتهما ، لخطة لا بد ان تستهدف استعادة الداخل الى ساحات العمل السياسي والمقاومة المنظمة : المدنية والعسكرية.
حقوق الإنسان (1)
صار احترام حقوق الانسان واجبا لا شيء يسوغ الالتفاف عليه او تجاهله في سياسات ومواقف الفاعلين العامين المتصلين بالمسألة السورية ، دولا كان هؤلاء أو تنظيمات او افرادا، سوريين او عربا او اجانب . واليوم ، وقد نزلت بالسوريين كارثة انسانية لا مثيل لها حتى في حالات الحرب بين اعداء، تمس حاجتهم أكثر من اي وقت مضى إلى احترام حقوقهم كبشر ، خاصة بعد ان اجتاز النظام جميع الخطوط الحمراء في التعامل العنيف والاجرامي معهم ، ومثله فعلت تنظيمات مسلحة معادية للانسان والحرية غزت بلادنا بدعوة منه، او نشأت وتنامت تحت انظاره وبمساندته ، اسهمت معه في قتل وجرج وسجن وتعذيب واغتصاب وملاحقة واخفاء ودفن واعطاب ملايين المواطنات والمواطنين ، واصابتهم بعاهات مستديمة متنوعة ، وطردت ملايين اخرى من قراها وبلداتها ومدنها ، بعد ان دمرت مقومات وجودها المادية وهدمت بيوتها على رؤوسها، واخرجتها إلى بلدان لا يقيم معظمها كبير وزن للانسان وحقوقه ، بما في ذلك حقه في الحياة .
بسبب هذه الظروف الكارثية ، لا بد ان يحول الائتلاف انتهاكات حقوق السوريين إلى قضية سياسية مركزية ومن ارفع طراز، وأن يضفي عليها طابعا وطنيا وعربيا ودوليا، ويعمل ليكسب من خلالها تأييد وتعاطف الرأي العام العالمي ، ومنظمات الشرعية الدولية ، التي يمكن لمؤسساتها ومحاكمها ان تتحول بتحقيقاتها وتدابيرها الى سلاح موجه إلى رأس النظم الأسدي ، وتمارس بدورها ضغطا وازنا على مواقف الدول الكبرى ، بما ستكشفه من وقائع وتفضحه من جرائم انتهكت جميع الحقوق التي اعلن النظام الاسدي التزامه بها، بعد موافقته على العهود والمواثيق الدولية، وتعهده باعطائها الاولوية على قوانينه الوطنية ، لكن قيادته داستها باقدامها كما داست القوانين الوطنية التي كانت قد اصدرتها هي نفسها،فصار من الضروري تقديم رئيسها إلى محكمة الجنايات الدولية او مجرمي الحرب، بجهود يبذلها ممثلو الرأي العام العربي والعالمي من رجال قانون وكنيسة ونقابات واساتذة جامعات ومثقفين وروائيين ومسرحيين وفنانين وسينمائيين وشخصيات اقتصادية دولية وحملة جوائز نوبل …الخ ، بعد التواصل المنظم معهم واطلاعهم على ملفات تبين حقيقة ما يجري على الارض ، وتنظيم برامج زيارات دورية لهم تاخذهم الى معسكرات ومخيمات السوريين في بلدان اللجوء، يتعرفون خلالها على ظروف عيشهم ،ويستمعون إلى شهادات نسائهم وشيوخهم واطفالهم ، وبعد وضعهم في حقيقة ما يجري داخل سجون ومعتقلات النظام ، سواء عبر شهادات موثقة يقدمها ضحايا التعذيب ، ام عبر زيارات مباشرة يقومون بها إلى سورية، كاعضاء في هيئات عربية ودولية تجري تحقيقات ميدانية ومشاهدات عيانية تمهيدا لتقديم تقاريرها الى محكمة شعبية عالمية يقيمها الائتلاف بالتعاون معهم، في حال احبطت الدول جهودهم لتحويل الاسد الى محكمة الجنايات او مجرمي الحرب ، على ان تعقد المحكمة جلسات علنية ومفتوحة ،يحضرها الاعلام ورجال القانون والراغبون في الاستماع إلى ما تعرض له الشعب السوري من جرائم طاولت كل فرد فيه.
… وعلى الائتلاف تشكيل فرق من الحقوقيين ورجال الاقتصاد العرب والاجانب والاعلاميين للكشف عن ثروات رجال النظام الفاسدين ، من الذين فرضت عليهم عقوبات والمتعاملين معهم ، لمعرفة حجم ومصير الاموال التي سرقها اهل النظام وتم نقلها الى خارج سورية ، حيث جمدت هناك ، والطرق التي اعتمدها قادته وزبانيتهم لتفادي العقوبات التي فرضت عليهم ، والجهات التي تساعدهم على تجاوزها ، وعلاقاتهم الاقتصادية في مختلف البلدان ، وإقامة دعاوى قضائية أمام محاكم دولية او وطنية بهدف رد اموال السوريين المسروقة ،واموال النظام المجمدة إلى الشعب السوري ممثلا في الائتلاف . لا بد كذلك من جهد ينصب على تشديد العقوبات على الفاسدين ونظامهم ، تسهم في منعهم من مواصلة حربهم ضد الشعب، وتحرص على عدم السماح للنظام بجعل المواطنين المفقرين والمجوعين والمحاصرين يدفعون ثمنها .
هذه ارض سياسية غير مطروقة ، يمكن ان يعمل الكثير فيها، وان تصير مصدر تمويل للشعب والائتلاف، لانه لو حصل الائتلاف وحكومته وجيشه الحر على نصف الاموال المسروقة والمجمدة ، لكان لديه ما يكفي من مال لزمن غير قصير ، ولامتلك الموارد اللازمة لتمكينه من اتخاذ قرارات وطنية مستقلة . من المهم جدا اعطاء اولوية في عمل الائتلاف المقبل لهذا الموضوع الحساس، ومتابعته بدأب عبر فريق مختص من السوريين والراغبين في الانضمام إليهم من عرب واجانب ، على ءن يتم تشكيله في اقرب وقت ، وان اخذ هؤلاء أو بعضهم مقابلا ماليا لاتعابهم، التي لا شك في أنها ستعود بمنفعة كبيرة على السوريين وثورتهم .
أخيرا ، لا بد ان تكون هناك بعثة حقوق انسان خاصة بالائتلاف ، تقيم بصورة دائمة في جنيف ونيويورك، وتعمل لتعبئة الراي العام العالمي ضد نظام القتل والارهاب ، ولتقديم ممثله الاعلى ، بشار الاسد، الى محكمة الجنايات الدولية ، ولا بأس أن تستعين لهذا الغرض بلوبي اميركي له خبرة وحضور داخل الكونجرس، الذي اهمله الائتلاف الى اليوم ، بسبب تركيزه الاحادي الجانب على الخارجية والبيت الابيض ، وبات من المهم جدا تصحيح علاقاتنا معه في اقرب وقت .
حقوق الإنسان (2)
في العاشر من شهر كانون الاول الحالي اصدرت الفيدرالية السورية لمنظمات وهيئات حقوق الانسان بيانا اقتطف منه النص التالي ، الذي اعتبره جزءا من التصور المقدم هنا لاصلاح الائتلاف عبر تغيير بنيته ونظرته الى القضايا التي تواجه السوريين ، وتقديم رؤية مختلفة عنها :
تقول الفيدرالية في اعلانها الذي جعلت عنوانه : “لنعمل معا من اجل ايقاف نزيف الدم المتواصل والكارثة الانسانية وانصاف الضحايا في سورية” : “تمر اليوم الذكرى السنوية للاعلان العالمي لحقوق الانسان ، الذي تم اعتماده ونشره على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة … بدواعي ضرورة الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع اعضاء الاسرة البشرية وبحقوقهم الثابتة ، على اساس الحرية والعدل والسلام في العالم ،وايمانا بحقوق الانسان الاساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية ، وان تتعهد الدول الاعضاء في الامم المتحدة بضمان مراعاة جقوق الانسان والحريات الاساسية واحترامها من دون تمييز بسبب العنصر او اللون او الجنس او اللغة او الدين او الراي السياسي او اي راي او اصل وطني او اجتماعي او ثروة او ميلاد او اي وضع آخر ودون تفرقة بين الرجال والنساء ، فلكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه ولا يجوز استرقاق او استعباد اي شخص ، ويحظر الاسترقاق وتجارة العبيد بجميع اوضاعهما ، ولا يتعرض اي انسان للتعذيب او العقوبات او المعاملة القاسية او اللانسانية التي تحط من الكرامة البشرية ، كما ان لكل انسان اينما وجد الحق في الاعتراف بشخصيته القانونية ، وبان جميع الناس سواسية امام القانون ،ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة دون اي تفرقة ، كما ان لهم جميعم الحق في حماية متساوية ضد اي تمييز واي تحريض يخلان بهذا الاعلان “.
لا مراء في ان اعظم اعتداء مورس على الانسان وحقوقه في العصر الراهن هو الحرب الاجرامية التي شنها النظام السوري على كل مواطنه ومواطن في بلادنا، وان مدونة حقوق الانسان التي ذكرت مقدمتها لا تصف ، على اهميتها، جميع الانتهاكات والجرائم التي وقعت على هذه الحقوق ، حيث تم تمزيق المجتمع تمزيقا مدروسا ومنهجيا ، وتركزت جهود اجهزة السلطة وجيشها على تدمير الوجود المادي والمعنوي للإنسان الفرد ، مطلق انسان فرد ، مما يطرح علينا تحديات صعبة تتصل باعادة انتاج مجتمعنا في ظروف التشتت والغربة والفقر والبطالة وانقطاع صلاته مع وطنه وخروج مصيره من يديه ، وخضوعه لمختلف التجاذبات المدمرة لروحه وانسانيته ولاواصره الجمعية التاريخية . لقد مزق النظام مجتمعنا دون رحمه والقى باعداد هائلة من بناته وابنائه الى خارج بلادهم، حيث يعيشون مآسي متعددة الاشكال ، ويبقى قسم كبير من اطفالهم دون دراسة ورعاية تربوية او صحية، وتعاني النساء شظف العيش والتفكك الاجتماعي وفقدان الحياة الاسرية ، ولا يجد رجاله ما يفعلونه غير انتظار المجهول، بينما تتساقط البراميل المتفجرة على رؤوسهم داخل وطنهم،ويعامل من يغادرونه كضيوف غير مرغوب فيهم من قبل بلدان عديدة ، ويموت صغارهم من البرد والجوع والمرض، ويقتل كبارهم بالحصار في بقاع كثيرة من وطنهم، ويعاني من هم خارجه الامرين بسبب الكراهية والتشبيح والقتل الكيفي والاغتصاب والتجويع والغلاء.ومن ينظر إلى خارطة التوزع السكاني سيجد مناطق اقفرت تماما ولم يعد فيها اي ساكن ، يتعمد النظام ابقاء مصيرها مجهولا لاثارة اعظم قدر من القلق واليأس في نفوس سكانها الاصليين . كما سيجد ان شعبنا انقسم الى قسمين : واحد كبير صار في المنافي والمهاجر ومناطق التشرد داخل وطنه، وآخر لا يستهان بعدده يعيش تحت الحصار والقصف ، بينما ترشح سياسات النظام القسمين للقتل بالرصاص والتجويع ، ويعلن الاسديون انهم لن يسمحوا بعودة من طردوا إلى ديارهم، وسيغيرون تركيبتها الديمغرافية بحيث تصير موالية لهم ، فلا مفر من ان يولي الائتلاف ومؤسساته اهتماما خاصا لشعب المهجر، الذي يجب ان يحظى برعاية مستمرة في ظل شراكة يومية معه تمده بالاساسي من حاجاته ، وتضمن رعاية وتربية اطفاله وتعليمهم، وتشغيله داخل وخارج مناطق لجوئه ، وتوجيه اهتمام جدي للمدرسين والاطباء والمهندسين والمحامين والقضاة والمثقفين والفنانين والحرفيين واساتذة الجامعات ، لتعزيز دورهم في مساعدة الناس على تجاوز محنتهم والمحافظة على علاقاتهم مع وطنهم وثورته . ثمة تجارب تحتذى في هذا المجال قام بها مخرجون مسرحيون ومثقفون ملتزمون افضت الى تأسيس وتنشيط ظواهر ابداعية وفنية من شأن تعميمها وتكاملها مع انشطة تربوية وتأهيلية وقانونية كتلك التي يقوم بها المحامون والقضاة أن تعيد الحياة العامة إلى صورة قريبة نسبيا من تلك التي كانت عليها في الوطن ، وتعزز تماسك الشعب ووحدته المعنوية وتضامنه ، وتسدد ضربة مؤثرة للنظام الذي يريد تحويله إلى مزق مشتتة ومبعثرة في اربع اقطار الارض، تفتقر الى اي رابط وطني او آصرة انسانية او اسرية او شخصية. ربما كان من الضروري تأسيس “هيئة تواصل وطني” ، مهمتها الحفاظ على تقاليد المناطق السورية المختلفة وعاداتها ،وتنشيط انتاجها الفني والابداعي من غناء ورقص وموسيقى ورسم وانشطة ترفيهية ورياضية وأعياد ورحلات وزيارات واشغال يدوية متنوعة وحكايات شعبية … الخ ، فذلك يعيد التواصل للمجتمع الممزق والمجزأ ، ويقرب اطرافه بعضها من بعض ، ويمده بما هو ضروري لوحدته ولابقاء قضيته الوطنية ومقاومته حيتين لا تطويهما الايام، فضلا عن فرص العمل التي ستوجد بفضل هذه الشبكة الواسعة من الانشطة والفعاليات الشعبية / الوطنية ، وما يتفرع عنها من مراكز ثقافية وفنية ثابتة ومتنقلة ، ومراكز تأهيل مهني ودورات معلوماتية تعد الشابات والشبان للخروج من بؤس حياتهم . لتحقيق هذه المقاصد ، تمس الحاجة الى جهة ترعى شؤون المخيمات تحت اشراف اعضاء الائتلاف، ينتخبها مجتمعها المدني ، مهمتها تسهيل حياة الناس بواسطة مراكز خدمية ، وثقافية وصحية ، واماكن تسلية وتعليم ،ونواد تنمي مواهب وقدرات الاطفال واليافعين، وتعينهم على قضاء اوقاتهم في ظل رعاية تربوية متخصصة .
تلخيص لمن لا يستطيع قراءة النص الطويل
مقترحات لاصلاح الائتلاف
1- مأسسة الائتلاف واعادة هيكلته ، ليقود اعضاء هيئته الرئاسية ادارات ومكاتب متخصصة متكاملة المهام ، لديها موازنات وتشغل موظفين متفرغين، على ان يكون العاملون في كل دائرة ومكتب مسؤولين امام هيئة الرئاسة ، التي تعمل كفريق واحد ، وهيئة الائتلاف العامة : مرجعية الجميع وصاحبة القرار الفصل في كل الامور، التي يزودها رئيس الائتلاف بتقارير نصف شهرية حول ما يستجد من أحداث ومعلومات، وما تنوى هيئة الرئاسة فعله وتخطط له من مشاريع وتدابير وزيارات ، وتواجهه الثورة من مشكلات وتنجزه من نجاحات ، وتقيمه من علاقات . وتجديد قوام الائتلاف من خلال اعادة انتخاب ربع اعضائه كل سنة ، بانتخاب حر وسري ومباشر وعام ، بحيث يمضي عضو الائتلاف اربعة اعوام فيه ، شأنه في ذلك شأن اي عضو برلمان منتخب . إلى هذا ، ومن أجل تعميم منافع مبدأ المشاركة ، ستشكل الرئاسة “هيئة استشارية وطنية” تضم مسؤولين سابقين وحاليين في المجلس الوطني والائتلاف ، إلى جانب اهل خبرة وتاريخ من اختصاصات متنوعة يختارهم من خارجه . لا تكتمل مأسسة الائتلاف ويستكمل عمل هيئاته دون مدونة تنظيمية / سياسية ميثاقية تشجع تشكيل محورين أو تيارين داخله: حاكم ومعارض، يمارسان فيه حياة برلمانية منتظمة تضع حدا لانقساماتة الى شلل وكتل صغيرة تعطله وتشل حركته، وتجعل منه مؤسسة عمل وطني لا دور فيها لصراعات جانبية وانتماءات دنيا ، لذلك ، لا بد من ان يعتمد طرفاه مبادىد واسسا مشتركة يلتزمان بها في جميع الظروف والاحوال ، وان اختلفت قراءتهما لها من موضوع لآخر ، بحيث يكون ولاؤهما للشعب والثورة وليس لأية جهة غيرهما ، وتتعين مواقفهما ومصالحهما بدلالة الاسس الميثاقية التوافقية وما ينبثق عنها من سياسات ومصالح مشتركة يتم تطويرها بالتشاور والحوار في الهيئتين الرئاسية والاستشارية، وعلى صعيد هيئة الائتلاف العامة والصعيد الوطني العام ، مع ما يجب أن يفضي إليه هذا النهج من الحؤول دون رؤية الائتلاف وعلاقاته الداخلية والخارجية في ضوء مصالح ضيقة ، ما دامت هذه ستأخذ بالضرورة شكلا انقساميا تترجمه صراعات تستنزف العمل الوطني وقدرته على الحركة ومواجهة مهامه ،وتمنع الائتلافيين من اخذ مواقفهم في حاضنة ما يجمعهم من مشتركات ، وتجعلهم عاجزين عن تطوير الائتلاف وتفعيل وظائفه، وانجاز العمل الوطني الذي عليهم القيام به ، والخروج من دائرة الخلافات الحالية التي تحكم قبضتها عليهم، وتحول بينهم وبين امتلاك دعم شعبي وصدقية سياسية ، وتقف وراء تدهور مكانتهم وفاعليتهم ، الذي حولتهم الى عبء ثقيل لا نفع فيه للشعب والثورة . الى ما تقدم ، ستؤسس الرئاسة هيئات وطنية تعني بشؤون المهجرين والمشردين ، واخرى تهتم بحقوق الانسان وتعمل لوقف انتهاكها ومحاسبة مرتكبيها ، وثالثة تتابع ثروات السوريين المسروقة وتعمل لاستعادتها الى صاحبها الاصلي : شعب سورية ، ورابعة تشرف على اعمال تجارية وتنموية متشعبة تتكفل بتمويل الائتلاف ومشاريعه الوطنية والثورية ، وتأمين مبالغ تعزز استقلاليته وتخفف ضغوط الخارج عليه . هذه المؤسسات ستدار جميعها تحت اشراف اعضاء الائتلاف ، الذين سيعملون فيها بدوام كامل وسيقيمون حيث توجد، على ان يحضروا إلى مقر الائتلاف في الموعد الشهري لاجتماع الهيئة العامة ، الذي سينتظم انعقاده الدوري مهما كانت الظروف والعقبات ، في المخيمات واماكن انتشار السوريين.
2- التوصل إلى ميثاق وطني بموافقة جميع القوى التي اسهمت في إطلاق ودعم ثورة الحرية وتمسكت بطابعها الديمقراطي ، سياسية كانت ام مدنية ام عسكرية، وبلورة تصور جامع بجهودها المشتركة حول الحل السياسي وسبل تحقيقه ، وحول نمط الدولة والنظام السياسي والاداري الذي نريده لوطننا ، والذي نريد له أن يعطي كل ذي حق حقه من مكونات جماعتنا الوطنية الموحدة ، لسد ثغرات كثيرة تقوض اليوم علاقاتها ببعضها وتضعف وحدتها وطاقاتها الثورية ، وتمكن النظام وبعض الخارج من استغلال انعدام التواصل بينها لاضعافها وفك علاقاتها مع المقاومة ، وايهامها بان تحقيق مصالحها يرتبط بهذه الجهة الدولية والاقليمية او تلك ، ولا يرتبط بانتصار الثورة . بعد نيف واربعة اعوام من الثورة ، من العار ان لا يكون هناك أي حوار بين اطرافها في الداخل والخارج ، وان يقتصر التخاطب بينها على الاتهامات والشتائم .
3- سيوسع الائتلاف صفوفه كي تضم منتسبين يمثلون عدديا ونوعيا مختلف مكونات الجماعة الوطنية السورية ، وخاصة من استبعد عن مؤسسات العمل الوطني بذريعة انتمائه للنظام او تأييده له ، ويعتقد عموما انه لا جدوى من التواصل معه او من محاولة اقناعه بالعمل في اطار وطني ولصالح التغيير . لقد بلغت إبادة الشعب السوري طورا متقدما ، وتمت بايدي السوريين انفسهم غالبا ، فليس من المعقول أو المقبول أن تستمر المذبحة التي يتبين كل يوم ان احدا لا يفيد منها غير قبضة من المجرمين والقتلة الممسكين بالسلطة من اسرة الاسد وبطانتها ، وتيار متشدد متطرف لا يفيد احد منه غيرهم . لن تتغير فقط العلاقة مع هؤلاء الذين استبعدوا عن الثورة او ابعدوا انفسهم عنها ، بل سيتغير كذلك خطاب الائتلاف، وستتغير طرق تعامله مع أخوة لنا يعني كسبهم التعجيل في انتصار الثورة ، وانقاذ شعبنا من هلاك محتم وحرب لا نهاية لها. سنخاطب هؤلاء ، فإن رفضوا لن نخسر شيئا ، وسيخسرون هم كل شيء ، وان توافقوا معنا اغلقنا باب التلاعب الدولي والسلطوي بنا، وحلنا دون تقديم حجج يتذرع بها المجرمون لإطالة الحرب ضد شعبنا .
4- يعني قيام جيش وطني حر تأسيس جيش مهني يضم تشكيلات محترفة ينضوي في صفوفها مقاومون محليون ومقاتلون محترفون ، وكل من يقبلون الخضوع لامرة قياداتها والعمل تحت اشرافها او بالتنسيق معها . ويعني كذلك ان صفوفه ستبقى مفتوحة امام الراغبين من جيش النظام في الانضمام اليه والاندماج في تشكيلاته . مثل هذا الجيش ، يجب أن يكون قادرا على تطويع وتجنيد اعداد كافية من الشبان ، وان تكون له قيادات مرجعيتها رئاسة اركان الجيش الحر، وان تتتبع وحداته وتشكيلاته لوزارة الدفاع ، وتقاد من هيئة اركان تتكون من رئيس وقادة الادارات المختلفة ،وقادة الجبهات : نوابه المحليون او الشخصيون. لن يكون هناك بعد قيام الجيش اعطيات لهذا او ذاك، او مخصصات كيفية تتلاعب بها الاهواء ومجريات المعارك المزعومة او الصحيحة، بل سيكون هناك موازنة لوزارة الدفاع ، التي ستعطي الجبهات مخصصات مدروسة وكافية ، تحدد حجمها ووظائفها قواعد عسكرية يمليها دورها في القتال وما تواجهه من تحديات ، واسس مالية تنظمها قواعد محاسبية دقيقة . ستستخدم الجبهات القسم الأكبر من موازناتها السنوية لادامة معاركها وتقديم الرواتب والخدمات لمقاتليها ، بما في ذلك تعويضات ورواتب تقاعدية للشهداء والجرحى تقدمها لها وزارة الدفاع ، وستمتلك مؤسسات خدمية تمتلكها عادة الجيوش المهنية من مشاف ومستوصفات ومؤسسات استهلاكية واستراحات واعلام … الخ . لا داعي للقول أن الموازنة العامة ستخضع لرقابة مالية خبيرة ومستقلة ، وستصرف طبقا لاصول محاسبية حصينة ضد الفساد والهدر والاعتباطية . اما استراتيجية الجيش القتالية ، فلن تقوم بعد الآن على حرب المدن بل على حرب الحركة وقطع طرق امداد ومواصلات النظام وضرب مراكز قيادته وسيطرته ، وتدمير مستودعات ذخيرته ومراكز انتشاره ومصادر معلوماته ، وسيكون هدفها اتخاذ كل ما هو ضروري من تدابير واستعدادات لمنع إنزال الهزيمة بالمقاومة في مرحلة اولى ، ولتنمية قدرات الجيش وعديده في الوقت نفسه لانجاز انقلاب نهائي في موازين القوى، وبدء حملات عسكرية كبرى تغطي معظم اراضي بلادنا في وقت واحد في مرحلة تالية ، يتم خلالها تفكيك جيش النظام وتحرير المزيد فالمزيد من المناطق ، وترك الباب مفتوحا امام التعاون مع وحداته التي تقلع عن مقاتلة الجيش الحر ، أو تبدي استعدادها للانضمام اليه.
5- سيقوم إعلام الائتلاف بحملات منظمة لكسب الرأي العام العالمي ، بجهود مكاتبه في الداخل وبلدان اللجوء ولوبيات اجنبية متخصصة تعمل في الخارج ، وسيستخدم انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الفاضحة للمواثيق والعهود الدولية لتعرية النظام والدفاع عن ديمقراطية الثورة وحق الشعب في تقرير مصيره. وسيستعين الاعلام بالدوائر والجهات المعنية بهذه الحقوق ليعد محاكمة شعبية دولية في وقت غير بعيد ، تلعب احكامها العادلة دورا مهما غي تجريد الاسد ونظامه من الحق في الحكم والاستمرار في السلطة، وتقنع الرأي العام العالمي بضرورة رحيلهما لاسباب تتخطى السياسة ، تتجلي في خطرهما على الامن والسلم الدوليين ، وتعاونهما مع تنظيمات الارهاب، التي لم يتوقفا يوما عن فبركتها واستخدامها ضد شعبهما وبقية شعوب العالم . هذه المحكمة يجب أن تشارك فيها شخصيات رمزية دينية ودنيوية معروفة ومحترمة عالميا ، تستبق احكامها والحقائق التي ستقدم إليها تقديم بشار الاسد إلى محكمة مجرمي الحرب في لاهاي . وسيشن الائتلاف في الوقت نفسه حملة منظمة ولا هوادة فيها لتوعية الشعب بسياساته وبرهانات الثورة الأصلية، وبمخاطر النزعات التكفيرية والمتطرفة على وحدته وبقاء دولته واستقلال وسيادة وطنه .
6- سيقيم الائتلاف علاقات برلمانية منظمة وقانونية مع الحكومة المؤقتة، وسيشرف على اعمالها في المجالين الخارجي والداخلي ، وسيتعامل معها بوصفها جهازا وطنيا من الضروري ان يكون حسن الادارة والاداء ، ومرجعية تنفيذية موثوقة للسوريات والسوريين ، مكلفة برعايتهم وحل مشكلاتهم وتزويدهم بما يحتاجون اليه من عون وتعليم وعلاج وسكن ، دون ان يصرفها اهتمامها بالشؤون اليومية عن اعادة بناء الوطن واعداده لاستقبال السوريين في ديارهم، واخراجهم من بؤس حالهم الراهنة في المهاجر.
7- سيولي الائتلاف اهتماما خاصا ومركزا لتنظيمات المجتمع المدني المختلفة داخل وخارج الوطن ، وسيتعامل معها كطرف اصيل في الثورة من الضروري ان يكون ممثلا بعدالة في مؤسساته السياسية والعسكرية والاعلامية والثقافية والاغاثية، لا سيما وان هذه التنظيمات ستقوم بمهمة على قدر استثنائي من الاهمية ،هي تطوير وتنفيد انشطة سياسية ومجتمعية واعلامية وثقافية واغاثية مبدعة في اماكن وجود السوريين ، من شأنها تعزيز لحمة مجتمعهم، ومساعدة المهجرين والمشردين واسر الشهداء والجرحى والمعتقلين على تجاوز مصاعبهم ، والعناية باسرهم واطفالهم . سيعزز الائتلاف التعاون مع ممثلي المجتمع المدني وسياخذ مشورتهم ويفيد من خبراتهم وقدراتهم في تعامله مع السوريين .
8- لن ينجح الائتلاف في انجاز هذا البرنامج دون اصلاح يبدل دوره وبنيته واداءه، ويقربه من صورة وبنية منظمة تحرير ، سواء من حيث وحدته وديناميته، ام تشعب انشطته، ام امساكه بقضيته وتمسكه باستقلالية قراره ، ام مشاركة مكونات الجماعية السورية في خياراته، ام فاعلياته الاقتصادية والمالية ، أم قدرته على تعبئة شعبه المبعثر والمشتت وحمله المسؤولية عنه في جميع مناحي حياته ، أم تمسكه بحقوقه دون تنازل عنها ، أم مرونته في استعمال اوراقه وجرأته على الدخول في علاقات تطوع خصومه وتضعهم في خدمة قضيته ، واخيرا الانسجام بين تنوع مكوناته وبين التزامه بتوافق وطني دائم ، يجعل معارضيه مصدر إثراء لخطه العام الذي تقره هيئته العامة ، واداة ضغط على خصومه تمكنه من صياغة خط يوحد اطيافه المختلفة في الدفاع عن مصالحها واهدافها العليا، رغم خلافاتها التي تبقى ضيقة وخاصة بكل منها .
9- في السياسة العامة ، سيكون هناك تحول في سياسة الائتلاف نحو علاقات متوازنة مع اطراف المعضلة السورية تقوم على ثوابت الثورة ومطالب الشعب ، كما سيؤسس تحالف مع الدول العربية والاجنبية ، يراعي استقلال القرار الوطني السوري والندية بين اطرافه ، التي يجب ان تعطي الاولوية لرحيل الاسد على الحرب ضد الارهاب ، او التي تعتبر حكمه جزءا من المنظومة الارهابية ، وجهة تستهدف ممارساتها الاجرامية ارغام السوريين على الالتحاق بصفوفها . هذه البلدان هي بالدرجة الأولى فرنسا وتركيا والمملكة العربية السعودية وبلدان الخليج ، التي عليه اقامة اوثق العلاقات معها ، والافادة منها للضغط على اميركا : الدولة التي ادارت ازمتنا طيلة فترة ما بعد الثورة، واستخدمتنا لتصفية حساباتها مع روسيا وايران ، وانتهجت سياسات ظالمة تجاهنا ، بحجج واهية وحسابات كبدتنا خسائر فادحة في كل قطاع ومجال .اذا كانت واشنطن صادقة في دعمها لنا ، كما تدعي ، فرنه سيكون عليها دعم توجهنا التحالفي الجديد، فإن رفضت توجهنا وعطلته ، كان علينا التمسك به والعمل لتحقيقه ، شاءت ذلك أم ابته ، بما أننا لن نخسرها كحليف وداعم، فهي ليست حليفا ، ومع ذلك ، فإننا لن نحولها إلى خصم ، وسنكتفي بوضع انفسنا خارج الخطوط الحمراء التي حددتها للصراع ، أو بثلم فاعليتها وتخفيف آثارها المرعبة علينا ، ويحتمل كثيرا أن تكون هزيمتنا واحدا من منوعاتها .
10- هل سنكون قادرين على انجاز هذه المهمة ؟ جوابي نعم ، ان كنا حقا من طينة الثوار ، واخلصنا العمل كفريق موحد ومتماسك يضع الولاء للوطن فوق أي ولاء جزئي أو ادنى ، يدير الائتلاف كمؤسسة عمل وطني يتحمل مسؤولية تنشيطها وحسن عملها جميع اعضائها ، من الضار جدا بمصالح الوطن العليا وفرص انتصار الثورة أن تبقى مرتبطة بشخص واحد هو رئيسها ، وان تفتقر الى ضوابط ونواظم رقابية يخضع لها الجميع دون اي استثناء ، تجعلنا نرى قياداتنا بدلالة برامجنا بدل رؤية اعمالنا بدلالة قياداتنا ، وانحيازاتنا الكتلية والشللية ، التي قوضت تماما قدرتنا على الحركة المنتظمة والفاعلة ، القابلة للتطور والتقدم بحسب حاجات صراعنا في سبيل حريتنا ، ووحدة مواقفنا وصفوفنا. أخيرا،لا بد ان نعرف كيف نجعل من انفسنا بديلا للنظام مقنع عالميا، ومن اخراج الائتلاف من دائرة تسيطر عليها خلافاتنا وانقساماتنا الى رحاب القضية الوطنية ، التي يتوقف استمراره على نجاحه في ان يكون اداة وحاضنة لها ، واقعية الحسابات قاطعة الإرادة ، مصممة على نيل الحرية لشعب سورية الواحد .
11- -ـ من الضروري ان تتم عملية اعادة بنينة شاملة لانشطة الائتلاف ، تخضعها لدوائر ومكاتب متخصصة ومتفرغة تغطي جميع جوانب وجود السوريين وقضيتهم،التي لم تحظ إلى اليوم بتغطية عامة تطاول مختلف اوجهها، ولا بد من ايجاد مؤسسات وهيئات تلبي هذا الغرض، يديرها سوريات وسوريون وفق الظروف التي يعيشون فيها ويعرفونها اكثر من اية جهة اخرى، وكيف يتعاملون معها لفائدة الائتلاف ، الذي يجب ان يبلور معهم صيغا يستطيعون العمل في اطارها ، لا تقيد حركتهم او حريتهم في النشاط بطرق واساليب يقررونها في ضوء خبراتهم وتجاربهم ومعرفتهم ببيئتهم . سيغطي الائتلاف باكثر الصور شمولا سائر اوجه القضية السورية ، وسيوحد السوريات والسوريين حولها ، وسيتواصل مع كل مواطن ويسعى لجعل عمله تكامليا وتواصليا مع عمل غيره ، ليس فقط من اجل ملاحقة وتعرية النظام الارهابي الحاكم ، وكسب الرأي العام في بلدانهم ، بل كذلك من أجل رد القضية إلى حقيقتها كقضية حرية وكرامة انسانية وعدالة ومساواة ، على العالم اعتبارها جزءا من تقدمه ، بدل النظر اليها بمنظورات مضللة ، تتهمها مرة بالارهاب ، واخرى بالنزوع إلى العنف والتطرف .
١٢ـ لتحقيق ما تقدم ، اقترح تآسيس الدوائر التالية في الائتلاف:
١ـ دائرة سياسية لها مكاتب متخصصة تعني بمتابعة وتوثيق كل ما يخص قضيتنا السورية من معلومات وسيناريوهات وقرارات ونقاشات ، على أن تغطي مكاتبها اميركا الشمالية وكندا ، واوروبا الغربية ، وروسيا وايران والصين ، والوطن العربي .
٢ـ دائرة عسكرية تعمل لتزويد التشكيلات المحلية والمناطقية والوطنية المقاتلة ، التابعة للجيش الحر ، بكل ما تحتاج اليه من عتاد واموال وارزاق ، وبتجنيد قوى مقاتلة ترفد الميدان بمختلف تشكيلاته ، يشرف عليها ادارة تابعة لرئيس الاركان .
٣ـ دائرة اعلامية تنتشر مكاتبها في مراكز رئيسة من اميركا وكندا واوروبا الشرقية والوسطى والغربية ، والعالم العربي ، تتولى نشر المعلومات عن الثورة، والدفاع عن حق الشعب السوري في الحرية والامن ، وتحريك الرأي العام العالمي لصالح قضيته العادلة .
٤ـ دائرة مالية تضم دائرة خاصة بتامين الموارد من مصادر وطنية اولا ، وبناء مؤسسات انتاجية وتجارية تغطي عائداتها مختلف جوانب العمل الوطني وتتيح استقلالية اقتصادية وسياسية لقيادة الثورة .
٥ـ دائرة الشؤون السورية ، التي تعنى مكاتبها المنتشرة في كل مكان بادارة شؤون السوريات والسوريين داخل وخارج بلادنا ، بالتعاون والتكامل مع الحكومة ومؤسساتها التنفيذية .
٦ـ الدائرة القانونية ، التي توثق الجرائم المرتكبة ضد مواطناتنا ومواطنينا ، وتزود الدائرتين السياسية والاعلامية بها لنشرها وتعميمها في العالم ، واستخدامها كسلاح بيد الثورة ضد النظام . وتعمل لاستعادة اموال الشعب السوري المجمدة في الخارج، وتلك التي سرقها اهل النظام وتم ايداعها في مصارف اجنبية ، وتعد العدة اخيرا لمحاكمة شعبية دولية للنظام ورموزه في حال استمر رفض المنظمات الدولية احالتهم إلى محاكم جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية .
مشيل كيلو
موقع اتحاد الديمقراطيين السوريين