كشف دبلوماسيون في نيويورك، خلال أحاديث مع نظرائهم الإسرائيليين، أن جهات إيرانية رسمية تدير محادثات مع الولايات المتحدة، حول تسوية سياسية للأزمة السورية، وأن الأميركيين يلمسون بأن نظام بشار الأسد بات يشكل عبئا على طهران، وأن خلافات تدب بين الطرفين بلغت حد تمرد فرق في الجيش السوري التابع للنظام، على الضباط الإيرانيين العاملين على الأراضي السورية.
ووفقا للمصادر الإسرائيلية، فإن الدبلوماسيين الأميركيين قريبون جدا من الحوار مع إيران. وهم يشيرون إلى أن طهران هي التي بادرت إلى المحادثات مع الولايات المتحدة لإنهاء الأزمة داخل سوريا. وأن ذلك تم على هامش المفاوضات التي جرت في لوزان بين إيران والدول العظمى، والتي اقتصرت على الأميركيين في الكثير من المرات. وبوحي من التفاهمات التي توصل إليها الطرفان، طرح الموضوع السوري. وأظهر الإيرانيون تحولا لأنهم تحدثوا لأول مرة عن تسوية سياسية.
وقالت هذه المصادر إن «هذا الموقف هو ليس الانعطاف الوحيد في السياسة الإيرانية، بل هناك بوادر انعطاف آخر تجاه الرئيس السوري بشار الأسد». فقد أبدوا استعدادا لإيجاد صيغة توافقية للتسوية من دون الأسد. وأكدت المصادر أن التغيير الإيراني يعود إلى التغيرات الأخيرة في ميزان القوى الحربي على الأرض، حيث منيت قوات الأسد بهزائم متلاحقة في مواقع عدة، أخطرها خسارة إدلب. وقال الدبلوماسيون الأميركيون إن «الإيرانيين يشعرون بأن قوات الأسد لا تستطيع السيطرة على المناطق التي يحررها لهم حزب الله وقوات الحرس الثوري الإيراني، فبعد تحريرها تفقدها من جديد».
وقالوا إن «الإيرانيين وحزب الله يسيطرون على مناطق واسعة إلى جانب الجيش السوري التابع للنظام. وفي الآونة الأخيرة، يشوب التوتر في العلاقات بين الطرفين، إذ إن السوريين يشكون من فظاظة الضباط الإيرانيين وتكبرهم عليهم. وفي بعض المناطق انفجر التوتر باتجاه صدامات كلامية وحتى جسدية، ثم تطور إلى تمرد السوريين على حلفائهم الإيرانيين».
من جهة ثانية، نشرت صحيفة «معريب»، أمس، تقريرا قالت فيه إن «الأميركيين معنيون بتفاهمات مع إيران حول الوضع في سوريا، ولكنهم يتحسبون من موقف روسيا التي تعمل كل ما في وسعها للحفاظ على نظام الأسد. وتصر على أن يكون شريكا في أي تسوية سياسية للأزمة السورية». وتضيف الصحيفة أن «الأميركيين يشككون في قدرة إيران على فرض تسوية من دون الأسد، لأنها تحتاج إلى روسيا في جبهات أخرى. وهم يفحصون المعلومات عن الموقف الإيراني، ومدى استعداد طهران للتصرف بشكل مستقل عن حليفها الروسي، خصوصا في هذا الوقت الذي تعلن فيه موسكو رفع الفيتو عن تزويد إيران بصواريخ (إس 300) المتطورة».
وفي السياق نفسه، ذكرت «يديعوت أحرونوت»، أن التقرير الذي نشرته مراسلتها في واشنطن، أورلي أزولاي كاتس، حول زيارتها إلى طهران، أثار عاصفة في الجمهورية الإسلامية.
وكانت أزولاي – كاتس، قد دخلت إلى إيران ضمن وفد نظمته صحيفة «نيويورك تايمز»، من دون أن تتستر على هويتها، وبواسطة تأشيرة دخول أصدرتها وزارة الخارجية الإيرانية. واستقبلت بترحاب من قبل مضيفيها الإيرانيين. وبعد مغادرتها، نشرت تقريرا موسعا في صحيفة «يديعوت أحرونوت» حول الزيارة، نقلت فيه انطباعاتها حول الأماكن التي زارتها في العاصمة طهران، وفي كنيس أصفهان وقبر الملكة استير في همدان. إلا أن التقرير أثار غضبا عارما في إيران التي تجري قنواتها المتلفزة منذ أيام، حوارا واسعا حول السماح بدخول الصحافية الإسرائيلية، التي وصفت بالصحافية الصهيونية، واتهمت بنقل صورة كاذبة عن إيران. وتساءل عضو لجنة الخارجية والأمن الإيرانية جوحار، في أحد التقرير عما فعلته أزولاي كاتس في إيران غير التجسس، وتساءل: أين كان جهاز الاستخبارات الإيراني؟
ووصفت قناة «لانز إيران» دخول الصحافية الإسرائيلية إلى إيران، كتسلل الفيروس إلى جسم الإنسان. وردا على ما نشرته قنوات التلفزيون الإيرانية، قال الناطق بلسان وزارة الثقافة الإيرانية، إن «كاتس دخلت بواسطة جواز سفر أميركي كسائحة وليست كصحافية، ولذلك يتحتم على وزارة الخارجية والاستخبارات تقديم الأجوبة». وأعلن أول من أمس، أنه تم استدعاء وزير الثقافة والسياحة الإيراني إلى البرلمان، لمساءلته حول الموضوع الذي تحول كما يبدو إلى أزمة قومية.
المصدر: الشرق الأوسط