على الرغم من انتشار تعليم اللغة الفارسية في سوريا، في الجامعات وبعض المعاهد، ومن خلال عدد من الحُسينيات والمدارس الدينية والمراكز الثقافية التابعة لما يعرف بالمستشارية الثقافية الإيرانية، إلا أن طهران تسعى لإدراج اللغة الفارسية في النظام التعليمي السوري، وفقاً لما صرّح به، محسن حاجي ميرزاني، وزير التعليم الإيراني.
وأشار ميرزاني، في تصريح لوكالة النظام الرسمية، سانا، الخميس، بعد اجتماعه في دمشق، بعماد العزب، وزير التربية في حكومة الأسد، إلى ما سمّاه “أهمية إدراج اللغة الفارسية، بالنظام التعليمي، في سوريا”، معتبراً أن أهمية إدراج اللغة الفارسية في النظام التعليمي السوري تأتي “لتعميق وترسيخ أوجه التعاون المشترك!”.
وأتت زيارة وزير التربية الإيراني، بعد تأكيد مسؤول في وزارة التعليم العالي السورية، أن إيران توقفت عن سداد منحة مالية قيمتها خمسون دولارا أميركيا، لجامعيين سوريين أوفدهم النظام إلى إيران، ضمن اتفاقية باسم التبادل الثقافي بين إيران ونظام الأسد.
ترميم المدارس وإدراج اللغة الفارسية
وكان عنوان زيارة المسؤول الإيراني، إلى دمشق ولقاؤه نظيره السوري، تحت عنوان “ترميم المدارس” السورية، وما وصف بتقديم خدمات فنية وتعليمية وتربوية، وتم توقيع “مذكرة تفاهم” بين الطرفين، في هذا السياق.
وجاء تصريح الوزير الإيراني، عن ما سماه “أهمية” إدراج الفارسية في نظام التعليم السوري، عقب توقيعه مذكرة التفاهم مع نظيره السوري، الأمر الذي فهم منه، أن هذا البند تم تضمينه في المذكرة التي وقعها مع النظام الذي قال وزير تربيته إثر اللقاء، إن مذكرة التفاهم ستدخل حيز التنفيذ، الأسبوع القادم، وأنها ستساهم بترميم المدارس و”ستنعكس بشكل إيجابي على العملية التربوية والتعليمية في البلدين” مشيراً إلى أن وزارته سترسل “وفداً تقنياً” إلى طهران، من أجل تنفيذ المذكرة.
وقالت (سانا) في خبرها عن توقيع المذكرة بين إيران ونظام الأسد، إنها تتضمن ما وصفته بتبادل الخبرات والخدمات وترميم المدارس.
وفي السياق ذاته، استبقت قناة (العالم) الإيرانية زيارة المسؤول الإيراني إلى دمشق، بقولها إن طهران على أتم الاستعداد لإعادة بناء المدارس في سوريا..
من أربعة مدرسين إيرانيين إلى نظام التعليم السوري
ومر تعليم اللغة الفارسية في سوريا، بعدة محطات، منها ما قبل الأزمة السورية، حيث كانت طهران قد أوفدت أربعة مدرّسين إيرانيين لتعليم الفارسية في ثلاثة جامعات سورية، في دمشق وحلب وحمص، إلا أن المدرسين الأربعة غادروا سوريا مع بدايات الثورة السورية على نظام الأسد.
وتقول المصادر الإيرانية، إن غياب الأساتذة الأربعة، هؤلاء، كان له تأثير “سلبي كبير” على تدريس اللغة الفارسية في الجامعات السورية التي تلقت حتى نهاية عام 2016، أكثر من 1200 كتاب تعليمي في اللغة الفارسية.
وتوسعت إيران، في ترويج الفارسية في سوريا كستار لتوسيع نفوذها في المنطقة بحسب مراقبين، بعد اندلاع الأزمة، للتعويض عن غياب الأساتذة الجامعيين الإيرانيين الأربعة، من خلال دورات في الفارسية تقيمها المستشارية الثقافية الإيرانية في غالبية المناطق التي يسيطر عليها النظام، ومنها مناطق في دير الزور المحاذية للعراق.
وتعرضت سلسلة مدارس وثانويات (الرسول الأعظم) التي افتتحتها إيران في اللاذقية، والتي تدرس تحت بند (التعليم الشرعي) كما يقر شعارها الرسمي، لإقفال طال غالبية مقارها، بعدما اشترطت وزارة أوقاف النظام تدريس مناهجها الرسمية، على تلك المدارس التي تم توزيع طلبتها بعد الإقفال، على معاهد (شرعية) تابعة لأوقاف النظام السوري، في أواسط عام 2017.
وعملت ثانويات (الرسول الأعظم) تحت إدارة مجمع في اللاذقية يحمل الاسم ذاته، يديره الشيخ محمد زيتون الذي تلقى تعليمه في (قم) الإيرانية وينحدر من (الفوعة) ذات الغالبية الشيعية، وتتبع لريف محافظة إدلب، ويعتبر “رجل الإيران” العامل على ترويج الخمينية في سوريا، خاصة بين أوساط الفقراء والمعوزين والأولاد الذين فقدوا آباءهم وأقاربهم، في الحرب، سواء في الساحل السوري، أو بعض المحافظات السورية الأخرى، كإدلب وحمص ودير الزور.
أشهر بؤر ترويج الفارسية في سوريا
ومن أشهر مراكز تعليم الفارسية، مركز تعليم اللغة الفارسية في اللاذقية، والذي يعمل تحت إدارة المستشارية الإيرانية في دمشق، ومركز تعليم اللغات الأجنبية التابع لجامعة دمشق، ومركز جامعة المصطفى الإيرانية، ومركز تعليم الفارسية في الكلية العسكرية السورية، وحوزة الخميني التي لها عدة فروع في محافظات سورية، والمدرسة المحسنية في دمشق، وحسينية المهدي في منطقة زين العابدين في العاصمة السورية، وجامعة السيدة رقية، ثم مركز (الحجة) في محافظة طرطوس المتوسطية، ومراكز أخرى عديدة.
وضمن مسعاها، لتوطيد نفوذها في سوريا، عبر ترويج الفارسية، افتتحت إيران فروعاً لبعض جامعاتها في سوريا، من مثل جامعة (تربية مدرس) عام 2018، وجامعة (المصطفى) وجامعة (الفارابي) وجامعة (أزاد إسلامي) وما يعرف بكلية المذاهب الإسلامية التي تم افتتاحها سنة 2018.
وفي دراسة سابقة بعنوان (جامعة المصطفى أخطر أكاديميات التطرف في المنطقة) قال الباحث الأردني مروان العياصرة، إن جامعة المصطفى الإيرانية هي المؤسسة الرسمية الأكبر المعنية بتصدير التطرف وصناعة الإرهاب.
نقلا عن: العربية