اختفت مدرسة “فاتح كولجي” التي تقع في منطقة باهتشلي افلار (وسط إسطنبول)، من على خرائط نظام تحديد الموقع التركي، بعد أسبوع من محاولة الانقلاب، “كما أُزيلت كل اللافتات والمعالم التي كانت تدل على وجودها في تلك المنطقة”، وفقاً لما يرويه الطالب المغربي سعيد أحمد، والذي كان يقطن إلى جوار المدرسة في أحد “بيوت النور” التابعة لحركة الخدمة التي يتزعمها الداعية التركي فتح الله غولن المتهم بتدبير محاولة الانقلاب في تركيا التي جرت في 15 يوليو/تموز الماضي.
تجنيد مبكر
عقب أسبوع من محاولة الانقلاب، أصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قراراً باغلاق 1043 مدرسة خاصة مملوكة لحركة الخدمة، أو “الكيان الموازي” كما يطلق عليها، كأول مرسوم رئاسي عقب إعلان حالة الطوارئ في البلاد، إذ اتهمت الحكومة التركية هذه المدارس بأنها أحد أهم وسائل “التعبئة الأيديولوجية والتجنيد” من أجل ضم المزيد من الأعضاء لتنظيم الخدمة، كما يقول أفق أولوتاش، رئيس قسم دراسة السياسة الخارجية بمركز سيتا (معهد الأبحاث الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التركي).
يتابع الباحث أولوتاش “أن تنظيم غولن يوفر للطلاب المتفوقين، من غير القادرين، منحاً وسكناً طلابياً، كما يعمل على ربط هؤلاء الطلاب عبر زيادة اعتمادهم عليه ورفع ولائهم له من خلال التعبئة الأيديولوجية التي تتم في عدة مراحل تبدأ بعد إلحاق الطلاب بمؤسسات التنظيم التعليمية”. وإلى جانب غير القادرين، يلتحق بمدارس التنظيم أبناء الطبقة المتوسطة والعليا، إذ تتميز مدارس التنظيم بارتفاع تكلفة الدراسة بها وسمعتها التربوية، وحسب أولوتاش، فإن المحصلة في النهاية تتمثل في انصياع الطالب لتعليمات وأفكار التنظيم التي يتم بثها طوال فترة الدراسة الثانوية والجامعية وداخل بيوت التنظيم الطلابية، والتي يتم بها دارسة كتب غولن مثل سلسلة بيرلانتا (اللؤلؤة)، لزرع هذه الأفكار داخل نفوس الطلاب الذين يتولون مسؤولية توجيه واستقطاب نظرائهم الجدد في المرحلة المتوسطة عقب التحاقهم بالجامعة، ومن ثم فإن هؤلاء يصبحون في المستقبل أعضاء في التنظيم يدفعون له 20% من دخلهم بعد تخرجهم وعملهم عبر تبرعات إلزامية يطلق عليها داخل أروقة الحركة (همت)، وتتم لصالح منظمات خيرية تابعة للتنظيم أو لمسؤوليهم المباشرين، بينما يطلق لفظ (المتولي) على أشخاص ذوي مراتب عالية من ممولي التنظيم”.
وبحسب الباحث التركي الذي درس تنظيم غولن، فإن الاهتمام الأكبر ينصب على استقطاب الطلاب في المرحلة المتوسطة وتحديداً من يدرسون في السنة الاخيرة، إذ يسهل تشكيل وتوجيه شخصية الطالب خلال هذه المرحلة العمرية، كما تمثل نهاية المرحلة المتوسطة مفترق طرق بالنسبة للطلاب تحدد مستقبلهم المهني والوظيفي.
“ويمتد تأثير شبكة مدارس غولن في تركيا إلى الطلاب من العالم العربي ومن آسيا الوسطى”، كما يقول الطالب المغربي سعيد الذي التحق في المرحلة الإعدادية والثانوية بمدارس الفاتح، التابعة للحركة في المغرب، عبر منحة، تلاها اختبار قدرات، ومنها إلى جامعة الفاتح بإسطنبول، التابعة لحركة الخدمة، والتي كان أغلب زملائه فيها من غير الأتراك من الدول العربية وجمهوريات آسيا الوسطى. وأشار إلى أنه يتم انتقاء عدد من الخريجين الملتزمين بفكر غولن، للعمل في مؤسسات الحركات، ببلدهم الأم أو تركيا، وهؤلاء يحظون باهتمام خاص من المشرفين التربويين على هذه المؤسسات.
العربي الجديد_محمود العناني