يعتبر مراقبون أن إعدام نمر النمر في السعودية ورقة أخرى في الصراع السعودية الإيراني، وتأكيد من الرياض على مواصلتها لسياسة “الهروب إلى الأمام” منذ اعتلاء الملك سلمان للعرش في علاقتها مع طهران، لرفضها الضمني لانفراد إيران بالمنطقة. فهل سيكون للصراع السعودي الإيراني تداعيات على هذه المنطقة؟
يأتي إعدام السعودية الشيخ الشيعي نمر النمر ضمن مقاربة أكثر جرأة تعتمدها المملكة إقليميا لمواجهة خصمها اللدود إيران، لكنها تهدد برفع مستوى التوتر المذهبي وتسعير النزاعات خصوصا في سوريا واليمن.
ويرجح محللون أن يؤدي إعدام نمر النمر، إلى زيادة التوتر بين القوتين الإقليميتين الكبيرتين، واللتين تقفان على طرفي نقيض في أزمات كبرى، بينها سوريا والعراق واليمن.
وفي تطور جديد للصراع القائم بين البلدين، أعلنت السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران على لسان وزير الخارجية عادل الجبير.
ويعتبر أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة قطر محجوب الزويري أن إيران راهنت سابقا على “تردد السياسة الخارجية والداخلية السعودية”، بيد أن “ما حصل في حوالى سنة قلب الطاولة وجعل الرياض في موقف المستفز لطهران”.
فقبل زهاء عام، اعتلى الملك سلمان بن عبد العزيز العرش في المملكة خلفا للعاهل الراحل عبد الله بن عبد العزيز. ومنذ ذلك، يرى محللون وديبلوماسيون غربيون أن الرياض تتبع سياسة خارجية أكثر جسارة.
فالرياض تقود منذ آذار/مارس تحالفا عسكريا عربيا يدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ضد المتمردين الحوثيين الذين تتهمهم بتلقي الدعم من إيران. كما أعلنت في كانون الأول/ديسمبر، تشكيل تحالف عسكري إسلامي بهدف محاربة “الإرهاب”، إضافة إلى أنها تشارك منذ صيف 2014 في الائتلاف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
ويرى محجوب أن الرياض باتت “تمضي (…) في أفعالها ولا تهتم بردود الأفعال”، معتبرا أن ثمة “نوع من الاعتقاد أن السياسة السعودية النشطة والمصممة، هي ما يقود إلى تحقيق الأهداف بما في ذلك الرد على إيران وسياساتها في المنطقة”.
– “هروب إلى الأمام –
ويشكل إعدام النمر (56 عاما) أحدث فصول التوتر بين إيران ذات النفوذ الواسع لدى شيعة المنطقة، والسعودية التي تتهمها بالتدخل في شؤون الدول العربية المختلطة مذهبيا كالبحرين والعراق ولبنان.
ويقول المستشار في منظمة البحث الاستراتيجي في باريس فرنسوا هيسبورغ، إن إعدام النمر هو “هروب إلى الأمام
ويوضح “هي حال من الهروب إلى الأمام مع بعض العقلانية. إذا كانوا (السعوديون) يعتقدون أن لا مفر من المواجهة مع إيران الأفضل أن يستفزوها الآن طالما أن الأمريكيين (حلفاء الرياض) لا يزالون هنا، وإيران لا تزال في وضع اقتصادي وعسكري هزيل نسبيا”.
وقوبل الاتفاق حول برنامج ايران النووي الذي توصلت اليه طهران والدول الست الكبرى العام الماضي، بامتعاض من السعودية ودول خليجية أخرى، لا سيما أنه سيتيح تخفيفا تدريجيا للعقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران، ما قد يسمح لها بالإفادة من موارد مالية واقتصادية.
– انعكاس على المنطقة –
ويرى المحللون أن التوتر المستجد بين البلدين، سينعكس حكما على ملفات في المنطقة، يخوض فيها الطرفان ما يشبه “الحرب بالواسطة”.
ويقول الزويري “هذا التوتر ربما سيدفع إيران إلى تنسيق أكثر مع روسيا لمزيد من التعقيد في المشهد السوري”، حيث يدعم البلدان نظام الرئيس بشار الأسد بمواجهة المعارضة المدعومة من دول عدة بينها السعودية.
كما رجح أن “يذهب الأمر إلى إطالة أمد الصراع في اليمن” وتحويله إلى “استنزاف للسعودية، لا سيما مع الانخفاض الحاد في أسعار النفط الذي ينعكس سلبيا على إيران أيضا.
من جهته، يرى هيسبورغ أن الخطوة السعودية محفوفة بالمخاطر، موضحا أن السعوديين “يلعبون بالنار، هذا واضح”.
فرانس24/ أ ف ب