من شخص يجب استبعاده إلى شخص يمكن التعامل معه، هذا هو مختصر التحولات الغربية تجاه الرئيس السوري بشار الأسد.
فقد توالت تصريحات مسؤولين أوروبيين ثم تصريح أخير لوزير الخارجية الأميركي جون كيري عن إمكانية إدماج النظام السوري مرحليا في حرب ليس لها سوى عنوان واحد: تنظيم الدولة الإسلامية.
إذن أصبح الصراع بين المعارضة السورية والنظام مجرد بند من بنود الحرب. أما آلة الحرب ضد الشعب السوري فلا يوجد ما يمنعها من الفتك والتدمير.
آلاف الوثائق
طوال السنوات الماضية ومنظمات حقوق الإنسان تجمع آلاف الوثائق التي تحمّل بشار الأسد شخصيا مسؤولية الإبادة وجرائم الحرب. غير أن طريق الإرادة السياسية وطريق الفيتو يطرح تساؤلا: هل إعادة تأهيل الأسد سياسيا تمنحه أيضا صك الغفران؟
رئيس حزب الجمهورية السوري المعارض محمد صبرا يقول في حلقة السبت (5/12/2015) من “الواقع العربي” إن قبول المعارضة بإعفاء الأسد من المحاكمة ممكن، شرط أن تقبل به “أمهات 12 ألف شهيد قضوا تحت التعذيب” في أقبية المخابرات، و”نصف مليون شهيد” على يد الأمن والجيش السوري و18 ألف مغتصبة، وذوو مليون شخص ما بين جريح ومعاق إعاقة دائمة، وعشرة ملايين مشرد.
واعتبر صبرا محاولة تأهيل الأسد وتسويقه من جديد ليس فقط خروجا عن الواقع والأخلاق، بل هو جريمة، مشيرا إلى أن اجتماعا سابقا لدول التحالف ضد تنظيم الدولة تحدث عن إمكانية قبول الأسد مرحليا كضرورة في الحرب، ولكن ذلك جرى على استحياء، أما الآن فيطرح بفجاجة.
وتساءل عما إذا كان بالإمكان منح جائزة نوبل لهتلر على جرائمه، مضيفا أن مجرد “رحيل بشار” مرفوض، بل يجب أن يكون المقر النهائي له بعد الرحيل هو المحكمة الجنائية الدولية.
في المقابل انتقد صبرا مؤسسات المعارضة السورية التي لم تستخدم -بشكل لائق- ملفات الجرائم التي ارتكبها النظام، مذكرا بأن ملف 12 ألف قتيل حطمت عظامهم في أقبية المخابرات كان بالإمكان أن يستثمر بدل انتظار قرار مجلس الأمن.
الملاحقة القانونية
من ناحيتها قالت الخبيرة في القانون الجنائي الدولي ديالا شحادة إن أي تسوية سياسية لا يمكن أن تمنع الملاحقة القانونية، سواء على مستوى المحكمة الجنائية الدولية أو على مستوى القضاء المحلي إذا تحولت الدولة إلى كيان ديمقراطي ومرجعيات قانونية مستقلة.
أضافت أن المحاسبة على مستوى المحكمة الجنائية الآن في الحالة السورية غير متوفرة، لأن ثمة شروطا لذلك، وهي أن تكون الدولة مصادقة على اتفاقية روما، أو أن حكومتها قبلت باختصاص المحكمة، أو أن يكون المشتبه به حاملا لجنسية دولة هي طرف موقع على اتفاقية روما.
وضربت مثلا على ذلك بأن قبرص سحبت جنسية رامي مخلوف (ابن خال بشار الأسد)، الأمر الذي سمح له بالإفلات من المحاكمة لأن قبرص دولة طرف في الاتفاقية.
أما الشرط الأخير -وهو الأكثر صعوبة كما يبدو- فهو أن يحال ملف الجرائم من مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائية تحت الفصل السابع. وتكمن الصعوبة في الفيتو الروسي والصيني الذي وقف بالمرصاد للطلب الفرنسي الذي قدم في هذا الشأن.
المصدر: الجزيرة